قيس ناصر – الدولة لا يهمها طالما أن العرب يقتلون العرب

هآرتس – بقلم قيس ناصر – 12/12/2018
منذ بضع سنوات والمجتمع العربي في اسرائيل يتعرض للجريمة والعنف. تقريبا كل يوم يستيقظ العرب ويسمعون عن عملية قتل واطلاق نار أو طعن. عشرات الشباب والنساء قتلوا بهذه الطريقة منذ بداية السنة والوضع يزداد تدهورا. المواطنون وممثلو الجمهور العرب في حالة عجز. الدولة تبدي عدم الاهتمام، وفي النتيجة هي لا تفعل الكثير من اجل استئصال ذلك.
ازاء هذه الظاهرة يتعزز الشعور بأنه طالما أن العرب يوجهون السلاح للعرب، طالما أن العرب يقتلون العرب، طالما أن القتل لا يتجاوز حدود اختصاص السلطات المحلية العربية – فان معالجة الجريمة في المجتمع العربي لا توجد على رأس اهتمامات الدولة.
ذلك ليس لأن الدولة غير قادرة – في مواضيع معينة هي تعمل في البلدات العربية وحتى بقبضة قوية. مثلا، هدم البيوت. في اطار “الحرب العنيدة ضد البناء غير المرخص في المجتمع العربي، تهدم الدولة كل سنة مئات البيوت، في كل عملية هدم كهذه يتم تجنيد آلاف رجال الشرطة الذين دورهم فقط هو ضمان قيام الجرافة بهدم البيت.
هذا الواقع الذي فيه تعمل الدولة على هدم بيوت بنيت بسبب ضائقة السكن، لكنها لا تعمل لاجتثاث العنف في البلدات العربية، يؤلم جدا العرب، ويعتبرونه جانب آخر من التمييز. الدولة لم تؤمن مخططات هيكلية ولم تضع حلول سكنية لمواطنيها العرب خلال سنوات كثيرة، وبذلك دفعتهم الى البناء بدون ترخيص. “قواتنا” حسب وصف رئيس الحكومة، تعرف كيف تتجند بالآلاف من اجل هدم بيت في طمرة، ولكن عندما قتل هذا الاسبوع احد سكان طمرة فان “قواتنا” ببساطة لم تكن هناك. هي غير موجودة الى جانب المجتمع العربي لمساعدته على مواجهة الجريمة والعنف.
حسب رأيي، هناك علاقة وثيقة بين الجريمة المتزايدة في البلدات العربية وبين وضعهم التخطيطي المتدني. لا يوجد لحوالي نصف البلدات العربية مخططات هيكلية حديثة. وفي معظمها يستغرق المواطنين 25 سنة للحصول على رخصة بعد الحصول على تفاصيل البناء. حسب مراقب الدولة، 99 في المئة من الارنونا عن الصناعة والمشاريع التجارية تجبى في السلطات المحلية في القطاع اليهودي، و1 في المئة فقط تجبى في السلطات المحلية العربية.
ليس غريبا أن نصف المجتمع العربي موجود تحت خط الفقر. وليس غريبا أن غالبية البلدات العربية توجد في العناقيد المتدنية جدا في التصنيف الاجتماعي – الاقتصادي للسلطات المحلية. من وجهة نظر التخطيط والمجتمع فان تطور العنف والجريمة في المجتمع العربي هو نتيجة طبيعية لسياسة عدم التخطيط في الدولة. بمفهوم معين، فان عدم التخطيط في البلدات العربية كان امر مخطط له. انه مخطط ابقى البلدات غير متطورة ومكتظة وهامشية وضعيفة ومحبوسة ومنعزلة. نتيجة لذلك فان البلدات العربية اضعفت والسكان اضعفوا وتحولوا الى ارض خصبة لظواهر سلبية وعمليات تدمير ذاتي مثل البطالة ومخالفة القانون والمخدرات والجريمة.
عندما قام لاجئون بازعاج سكان احياء في تل ابيب اهتزت الدولة. وزراء صرخوا، اعضاء كنيست تجندوا والحكومة عالجت الامر بسرعة، وحتى بطرق وصفت أنها غير قانونية. البلدات العربية ليست تل ابيب، كما يبدو هي الساحة الخلفية للدولة.
هذا تمثل ايضا حتى اليوم في ان الدولة لم تطرح امام الجمهور العربي خطة واضحة ومهنية لمحاربة الجريمة وضمان الامن الشخصي في البلدات العربية. على المستوى الاعلامي ايضا الحكومة والوزاء لا يتحدثون مع الجمهور العربي. هم لا يعبرون عن تعاطف أو تماهي، لا يقفون الى جانبه في محنته، وهم لا يتعهدون حتى ببصيص ضوء في الطرف الآخر للنفق.
لذلك ليس غريبا أن العرب يشعرون بالاغتراب والاضطهاد وعدم الثقة، يجب أن لا ندهش اذا كانوا يشعرون بالامتعاض.
سيدي الرئيس، بروح اقوالك المشجعة، من فضلك إن تدخلك الفوري هو امر ضروري. يجب تحويل الاقوال الى افعال ووقف فيضان الدم في البلدات العربية. من فضلك دعنا نشعر أن المواطنين العرب هم متساوون حقا وأنهم في الحقيقة هامين ودمهم غال مثل دم باقي مواطني الدولة.