في الذكرى الثالثة والخمسون لانطلاقة حركة فتح… حركة فتح وجدت لتبقى ولتنتصر كما يكتب اللواء/ محمود الناطور (ابو الطيب)
في الذكرى الثالثة والخمسون لانطلاقة حركة فتح يصعب على المرء ان يخط بقلمه كلمات قليلة في هذه المناسبة ، امام تضحيات ابناء شعبنا المتواصلة والذي يرسم ملامح الطريق الى الحرية والاستقلال بدمائه .. سائرين على درب الاباء والاجداد الذين قدموا ارواحهم رخيصة من اجل فلسطين ..
ولقد وجدت انه من الضروري ان نقدم لهذا الجيل الرائع ، الذي يضرب كل يوم اروع الامثال في التضحية والفداء، لمحة عن بدايات تأسيس حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح ، والتي استمرت قائدة ورائدة للمشروع الوطني الفلسطيني لسنوات طويلة منذ منتصف القرن الماضي وحتى الان ، فرغم المؤامرات الهادفة لانهاء القضية الفلسطينية ، عبر تكريس مقولة الاحتلال ان الزمن كفيل بانهاء هذه القضية فالكبار يموتون والصغار سينسون ، وها هي مجريات الاوضاع تؤكد ان الصغار يصعنون المجد ، بحجارتهم واكفهم وصدورهم العارية ، وليفاجىء العالم بنماذج جديدة للانتفاضة تمثلت في ايقونة فلسطين عهد التميمي التي صفعت قوات الاحتلال وتحدت جبروتهم واسلحتهم وطردتهم من بيتها ، وكذلك ابراهيم ابو ثريا الذي تحدى اعاقته وانتصر لفلسطين. انها نماذج تؤكد ان مسيرة الثورة مستمرة ، وانها مستمرة حتى النصر، حتى الحرية ، حتى استعادة فلسطين ، كل فلسطين ، عربية ، اسلامية ، مسيحية.
ولقد حاولت البحث جاهدا عن بدايات تأسيس الثورة الفلسطينية المعاصرة وانطلاقة حركة فتح في المرحلة التي شهدت انبعاث الشعب الفلسطيني من جديد، وهو الشعب الذي لا تخبو ناره أبدا (كطائر الفينيق)، فالفلسطينيون أهل القضية وأهل حركة فتح هم أهل الرباط وهم كما قال شيخنا هاني فحص (أم الولد وفلسطين أمهم).
وفيما يلي احاول تقديم ملخص لما اوردته في كتابي : فتح البداية والفصائل الاخرى .. التأسيس والانشقاقات .. اسعى لتقديم رواية تؤرخ لبداية حركة فتح وتأسيسها. معتمدا على مرافقتي الطويلة للشهيد الخالد ياسر عرفات وما سمعت منه سواءً بالأحاديث الخاصة أو اللقاءات الصحفية عن البدايات، ورواية الشهيد أبو جهاد في كتابه، ومقابلات صالح القلاب التي نشرت على تسع حلقات في مجلة “المجلة” وهي الأدق برأيي في تقديم المعلومات والتفاصيل، متوخيا الحرص على الأمانة العلمية ومراجعة المعلومات، واعتمدت أيضا على مقابلة الرئيس أبو مازن مع يحيى يخلف في كتابه شهادات من تاريخ الثورة الفلسطينية، وعلى كتاب سليم الزعنون (أبو الأديب) السيرة والمسيرة، ليعرف الجيل الجديد معاناة الرواد الأوائل وتضحياتهم في سبيل إشعال ثورة تحرير الوطن وانطلاقة حركة فتح.
ذكريات التاسيس :
ضم اجتماع المنطقة المحايدة بين السعودية والكويت ضم المجموعة التأسيسية الاولى لحركة فتح والتي ضمت من السعودية: سعيد المسحال وعبد الفتاح الحمود وكمال عدوان، ومن الكويت: خليل الوزير وعادل عبد الكريم وياسر عرفات. وقد تم الاتفاق في الاجتماع على مبادئ وأهداف وأسس الحركة. ويشير خليل الوزير أبو جهاد وأبو الأديب (سليم الزعنون) إلى اجتماعات سابقة في الخمسينات في غزة كما القاهرة والكويت وغيرها أسهمت في بلورة البدايات للحركة، عدا عن أنه وغالب رواد الحركة يستندون على ما تطلق عليه الاجتماع الأول في الكويت أواخر العام 1957م باعتباره إعلان “النشأة” الذي ضم كل من أبو عمار وعادل عبد الكريم وأبو جهاد وتوفيق شديد ويوسف عميرة. ولم يكمل الاثنين الأخيرين لاحقا.
وقد أكد صلاح خلف أن برنامج الحركة تمت الموافقة عليه في عام 1958م وهو يتفق بذلك مع رواية سعيد المسحال بشأن اتفاق مجموعة الكويت ومجموعة السعودية على مشروع المبادئ المكتوبة والتي صدرت كأول منشور للحركة في عام 1959م، وقد برر صلاح خلف علمه بها بأن هناك اتصالات كانت تجري بهذا الشأن بعضها شخصي وبعضها بوساطة البريد، وبهذه الطريقة تم الاتفاق على اسم الحركة (فتح) والذي يبدو أن اجتماع المنطقة المحايدة الذي ذكره سعيد المسحال قد انبثق عنه الاسم بشكل رسمي، ولعل هذا هو الذي جعل كمال عدوان يقول بأن حركة فتح ولدت عام 1959م.
وربما كان اجتماع شهر 5/1959م الذي يذكره الدنان، هو الذي تحددت فيه أسماء أعضاء اللجنة المركزية، وبالتالي وضعوا ” بيان حركتنا” في وقت لاحق ربما كان حزيران/يونيو 1959م ومن ثم صدر أول عدد من مجلة فلسطيننا يحمل الاسم الرمزي للحركة.
في العدد الثاني من مجلة فلسطيننا، وفي شهر11/1959م، ورد اسم عبد الفتاح عيسى الحمود مجيباً على أسئلة طرحها عليه وعلى غيره مندوبو المجلة، ومعنى ذلك أن هناك اتصال بين عبد الفتاح عيسى الحمود وبين القائمين على المجلة، ومن أهمهم خليل الوزير وياسر عرفات، وما دام الاتصال قائماً – فقد اشتمل الحديث على التنظيم الجديد (فتح) بالضرورة، بسبب الثقة الكبيرة والرابطة التنظيمية الأولى بين خليل الوزير وعبد الفتاح الحمود.
وقبل إصدار هاتين النشرتين الهامتين ، اتفقت الخلية الأولى على ان تسمي التنظيم السري الجديد حركة التحرير الوطني الفلسطيني (حتوف)، وكان اختصارها بعد حذف الواو من كلمة الوطني (حتف) وكلاهما تعني الموت والتأثير الإسلامي كان لا يزال موجودا ومؤثرا داخل الخلية الأولى . ثم قٌلِبَت لتصبح « فتح» تَيَمُّنا وليكون للاسم معنى. أي ربط الحركة بالتعبير التاريخي لـ« فتح» الإسلامي الذي ابتدأه الخلفاء بعد وفاة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم. أما كمال عدوان فقد حدد معاني الكلمات على النحو الآتي:
• حركـة: العمل المستمر البعيد عن التنظيم الجامد، فهي حركة شعب وليست حركة تنظيم.
• التحرير: تحرير الأرض الفلسطينية من الوجود الصهيوني وإعادة فلسطين إلى عروبتها.
• وطنـي: مرتبطة بتحرير الأرض.
• فلسطين: مرتبطة بالأرض الفلسطينية والشعب الفلسطيني.
ومن الجدير بالذكر فان القادة التاريخيين تشكلت من الاخوة التالية اسماؤهم:
1- ياسر عرفات (أبو عمار)
2- خليل الوزير (أبو جهاد)
3- صلاح خلف
4- فاروق القدومي
5- خالد الحسن
6- محمود عباس (أبو مازن)
7- عبد الفتاح الحمود
8- محمد يوسف النجار (أبو يوسف)
9- عبد الله الدنان
10- كمال عدوان
11- سليم الزعنون
ميثاق حركة فتح :
وتشير أدبيات حركة فتح الحديثة إلى أن مضمون فكر وثقافة حركة “فتح” قد صيغت بذكاء من خلال كل كلمة من كلمات اسمها، إذ يشار إلى أن (حركة) في عُرف فتح خلاف الجبهة أو الكتلة أو الحزب أو الرابطة من أشكال التنظيم السياسية، لأنها تشكل التيار العام الذي يصهر في بوتقته جميع التيارات الفكرية ومكونات الشعب في إطار الهدف الشامل الجامع للكلّ وهو تحرير فلسطين، أما (التحرير) في الاسم فله معنى مزدوج إذ يشتمل على معنى تحرير البلاد وهو المعنى المباشر، كما معنى تحرير العقل من الأوهام والخرافات والأساطير التوراتية التاريخية التي تدعي زورا ملكية فلسطين، وتحرير العقل والسلوك أيضا من السلبية والتخاذل والتراجع والفرار أو الانسحاب إثر النكبة عام 1948 مقابل الإقدام والشجاعة والثورة والعمل المتصل وتحقيق الانتصار الماثل في شعار الحركة القصير والمعبر (ثورة حتى النصر) وشعار (فتح ديمومة الثورة والعاصفة شعلة الكفاح المسلح)، أما (الوطني) فهي عمق الفكرة الفلسطينية الفتحوية ومرتكز إبداعها إذ جاءت في ظل غَلَبة التيارات الاشتراكية ذات الصبغة العالمية والإسلاموية العالمية أيضا بل والقومية ذات الأفق الممتد في الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين، لتناقضها جميعا وتجعل من (الوطنية) تخصيص للنضال وتكريس له وتحديد لمجاله الجغرافي الحيوي دونا عن غيره، أما (الفلسطيني) وهي الكلمة الرابعة في الاسم فمنطق وضعها ضروري لأن الهدف والغاية والمطمح هي فلسطين الجغرافيا والتاريخ والأرض والشعب والكيان والأحلام جميعا، وما كان الاختصار إلى (فتح) إلا استلهاما حقيقيا للتاريخ العربي الإسلامي وحضارة شعبنا المتسامحة بمنطق الفتح السهل اللين المتيسر دون عنوة أي أننا نفتح بلادنا، ولا نغزوها ما هو النقيض من الاحتلال والعدوان الصهيوني.
أما « العاصفة» فهي الكلمة التي وُقِّع بها البيان العسكري الأول الذي صدر في 1/1/1965 ليعلن بدء الكفاح المسلح. واستعملت لتدل على اسم القوات العسكرية في حركة « فتح» وهي جزء منها وليست تنظيما منفصلاً. واختيرت الكلمة لطبيعة الأعمال التي تقوم بها والتي تتميز بسرعة الضرب والاختفاء. وفي الواقع تخفي الكلمة أكثر من ذلك. إذ استُعملت خشية الفشل، على خلفية الانقسام بين قادة الحركة إزاء توقيت الانطلاقة. فإذا ما فشلت فإن « فتح» لا تتحمل المسؤولية وتظل بمنأى عن آثار الفشل. وإذا ما نجحت تكون « العاصفة» القوات (الجناح) العسكرية لها.
لعل مثل هذا التوصيف كفيل بإعطاء الحركة صفة “الفكر الوطني” الوحدوي الشامل، وبتجريدها من أية عقيدة (المقصود فكرانية أو أيديولوجية) كانت، فلا هي ماركسية ولا رأسمالية ولا يمينية ولا ناصرية ولا إسلامية، ورفضت على الدوام، الانحياز لأية عقيدة أو أيديولوجيا.
في سياق التكون التاريخي للحركة، خاصة ما يتعلق في الفعاليات السياسية والإعلامية التنظيمية التي رافقت ولادة الحركة من جانب وعلاقاتها مع القوى الفلسطينية المعبَّر عنها بمنظمات العمل الفدائي من جانب آخر. وانطلاقاً من هذه المقاربة، فقط، يمكن تحديد ليس أيديولوجية « فتح» وسياستها ومكانتها بين المنظمات بوصفها التنظيم المهيمن والقائد بل ودورها كإطار يتسع أيديولوجيا، لا للشعب الفلسطيني فحسب وإنما، للمنظمات الفدائية ذاتها. هذه الوضعية تأكدت في الميثاق الذي صدر في أعقاب انعقاد مؤتمر المنظمات الثورية في القاهرة في الفترة ما بين 17–20/1/1968 بدعوة من « فتح» واستهدف «ترسيخ دعائم الوحدة الوطنية ودعم الكفاح المسلح وتصعيد وشمول الثورة وضمان استمرارها ولتحقيق تلاحم قوى الثورة والابتعاد عن مخاطر التفرقة وتشعب الولاء». وقد جسد الميثاق رؤية « فتح» للوحدة الوطنية واستراتيجيتها الفلسطينية والعربية والدولية. وحين المقارنة ما بين منطلقات الحركة وشعاراتها تَبيَّن أن « الميثاق» يحتويها بالكامل.
ولا ريب أن صاغة الوثيقة اجتهدوا فيها لتشكل خلاصة ذاتية لاتجاهات المؤسسين وفعالياتهم ابتداء من الخمسينات حتى أواخر الستينات. ولكن قبل الخروج من الأردن، وبعده، صدرت عدة نشريات أو كراسات أو مقالات أو آراء لتفسير الوثيقة أو لتعميق محتوياتها. وهي محاولة دفاعية للرد على الهجمات الأيديولوجية القوية التي تعرضت لها الحركة بسبب « تجاهلها لكل الصراع الدائر حول الأيديولوجيا والبرامج السياسية والاجتماعية» و« عجز- فتح- عن مجاراة المنظمات الفدائية الأخرى» التي تبنت نظريات أيديولوجية مغايرة. ومع هذه التحولات الأيديولوجية الجذرية باتت الوثيقة بالميزان بعد أن ظهرت قوى فلسطينية تعارض المنطلقات الأولى وتدعو إلى التخلي عنها. أي عن الكفاح المسلح وتحرير فلسطين إما بهدف شن النضال الطبقي المحلي القطري بهدف ضرب القوى الداخلية المعادية ليصبح بالإمكان الانتقال إلى الكفاح ضد العدو الصهيوني وإما بالعودة إلى المنطلقات الاستراتيجية القديمة التي سادت الوطن العربي، مصر والمشرق العربي خاصة، فأصبح الحديث عن النضال السياسي والجبهات المعادية للإمبريالية والعدو الصهيوني وعن ضرورة العمل على الأرض العربية قبل العمل … على الأرض الفلسطينية. لهذا تمسكت « فتح» بالوثيقة ودافعت عنها على الدوام.
ومن جهتها تشير مصادر موسوعية أن وثيقة « الميثاق» صيغت في المؤتمر الثاني للحركة سنة 1968 وأُقرت في المؤتمر الثالث سنة 1971 وأعيد التأكيد عليها في المؤتمر الرابع سنة 1980 الذي أكد أن « البرامج السياسية التي قررتها المجالس الوطنية الفلسطينية هي – بالإضافة إلى البرنامج السياسي لفتح – ملزمة للحركة لأنها مبنية على أساس هذا البرنامج». ومنذ ذلك الحين أصبحت حركة « فتح» ومنظمة التحرير الفلسطينية بناء سياسيا وأيديولوجيا واحداً. ومن هنا تأتي الأهمية التاريخية والعلمية لـ« الميثاق» حتى أن خالد الحسن اعتمدها في التعريف بفكر حركة « فتح» وألحقها به، وقد صيغت الوثيقة في 27 مادة، لتعبر، رسميا، لا عن هويتها الأيديولوجية والسياسية فحسب، بل وعن تحديد لمكانة الشعب الفلسطيني في الوطن العربي والأمة العربية والعالم. وهذا ما ثبت في المواد الستة الأولى من بين أحد عشر مادة أسميت بـ« المبادئ الأساسية».
قيادات حركة فتح التاريخية :
إن من أبرز الضرورات التي تمكن من فهم الحركة، هو فهم القيادة التاريخية للحركة، وذلك لا يمكن الوصول إليه بشكل مطلق، وإنما يمكن تغطيته من خلال الاحتكاك برموز القيادة التاريخية من حيث ملازمة بعض شخصياتها عبر سنوات النضال، أو من خلال المعلومات المتفرقة والشحيحة التي تتوافر عن طريق القرائن والتحليل والاستنتاج نظرا لطبيعة العلاقات والروابط بين القيادة عند الانطلاقة وظروف العمل النضالي الميداني التي كانت تحجب بعض النقاط والتفاصيل الدقيقة، إما لسرية العمل، وإما للتباعد المكاني والزماني بين القادة مما يجعل الاجتهاد في التحليل والاستنتاج نسبيا تبعا لما ذكرت.
أستعرض هنا الأشخاص الذين وصلوا إلى عضوية اللجنة المركزية للحركة ومن ثم أبين المعنيين باسم القيادة التاريخية والمؤسسين والأكثر نفوذا:
1- ياسر عرفات (أبو عمار) : ولد في القدس 4/8/1929- رئيس اللجنة المركزية (القائد العام) (عضو القيادة العامة) استشهد بفرنسا ودفن بالمقاطعة في رام الله عام 2004م.
2- خليل الوزير (أبو جهاد) : ولد في مدينة الرملة في 10/10/1936، نائب رئيس اللجنة المركزية، نائب القائد العام، مفوض القطاع الغربي (عضو القيادة العامة) مسؤول العمل في الساحة السورية بصفة خاصة، استشهد بعملية اغتيال اسرائيلية في تونس بتاريخ 16/4/1988م ودفن في دمشق.
3- صلاح مصباح خلف (أبو إياد) : ولد في يافا 31/8/1933 مؤسس جهاز الرصد المركزي بحركة “فتح عام 1968، ومؤسس الأمن الموحد لمنظمة التحرير الفلسطينية عام 1973م، استشهد في تونس عام 1991م، عن طريق عميل الموساد (حمزة أبو زيد) والمزروع عند القاتل صبري البنا (أبو نضال) ودفن في تونس.
4- فاروق رفيق الأسعد القدومي (أبو اللطف) ولد في نابلس عام 1931 وهو من قرية جينصافوط/قليقيلة: مفوض العلاقات الخارجية والإعلام (مسؤول الدائرة السياسية وزير خارجية فلسطين سابقا) عارض انعقاد المؤتمر السادس لحركة فتح في بيت لحم عام 2009م وعلى إثر ذلك قدم استقالته.
5- خالد سعيد الحسن (أبو السعيد) – ولد في مدينة حيفا بفلسطين في 13/2/1928م، أول مفوض للعلاقات الخارجية لحركة فتح توفي في عمان عام 1994م ودفن في المغرب.
6- محمود رضا عباس (أبو مازن): ولد في صفد الواقعة شمال فلسطين في 26/3/1935- مفوض التعبئة والتنظيم ومفوض المالية (مسؤول ملف المفاوضات، انتخب رئيسا للسلطة الفلسطينية عام 2005م انتخب رئيسا لحركة فتح في المؤتمر السادس الذي انعقد في بيت لحم 4/8/2009م.
7- عبد الفتاح حمود: ولد في قرية التينة / قضاء الرملة عام 1935، عضو القيادة العامة، وأمين سر إقليم الأردن، استشهد في الاردن أثناء ذهابه لاصطحاب أبو عمار وأبو إياد من منطقة الحمرة إلى الكرامة بحادث سيرعام 1968 بين انعقاد المؤتمر الأول والثاني لحركة فتح ودفن في عمان، وكانت جنازته ظهور أول علانية للعمل الفدائي في الاردن.
8- وليد أحمد نمر نصر الحسن (أبو علي إياد): ولد في بلدة قلقيلية في 18/1/1935م كان مسؤولا عن مركز الهامة الذي لعب دوراً كبيراً في تدريب وإنشاء القطاعات سواء في لبنان أو الأردن، وكان من الأوائل الذين تدربوا في كلية تشرشال العسكرية في الجزائر، عضو القيادة العامة استشهد في أحراش جرش وعجلون عام 1971م ودفن هناك.
9- محمد يوسف النجار (أبو يوسف) ولد في قرية يبنا/الرملة عام 1929م: مفوض المالية والشؤون السياسية في لبنان، تسلم مفوض الأمن لغاية استشهاده في لبنان بعملية إسرائيلية عام 1973م، عرفت باسم عملية (فردان) ودفن في بيروت.
10- ممدوح صبري صيدم (أبو صبري): ولد في قرية عاقر/قضاء الرملة عام 1940، عضو القيادة العامة، وكان من أوائل ممن تدربوا في كلية تشرشال العسكرية في الجزائر، توفي في بيروت عام 1971م ودفن في دمشق.
11- كمال عبد الحفيظ عدوان (أبو رامي) ولد في قرية بربره / قضاء غزة عام 1933، كان مفوضا للإعلام ومن ثم للقطاع الغربي استشهد في لبنان بعملية إسرائيلية عام 1973م مع زميله محمد يوسف النجار في عملية (فردان) ودفن في بيروت.
12- محمد صالح مصطفى حسن (نمر صالح – أبو صالح): ولد في قرية قوليا/ قضاء الرملة عام 1935، عضو القيادة العامة، توفي في دمشق عام 1991م ودفن فيها.
13- محمد راتب غنيم (أبو ماهر): ولد في القدس عام 1937عضو القيادة العامة والمفوض الإداري، تسلم مفوض التعبئة والتنظيم كان من قبل ذلك معتمد اقليم الارن، وحاليا أمين سر اللجنة المركزية ونائبا لرئيس الحركة.
14- هايل رضا عبد الحميد (أبو الهول): ولد في مدينة صفد الواقعة شمال فلسطين عام 1937- كان أمين سر التنظيم في القاهرة، (مفوض جهاز الأمن) تسلم مسؤول جهاز الأرض المحتلة استشهد في تونس عام 1991م عن طريق عميل الموساد (حمزة أبو زيد) والمزروع عند القاتل صبري البنا (أبو نضال) ودفن في تونس.
15- سليم الزعنون (أبو الأديب) ولد في غزة عام 1933، (مفوض منطقة الخليج) وفيما بعد رئيسا للمجلس الوطني الفلسطيني.
من حيث التعميم يمكن القول أن القيادة التاريخية لفتح هم أعضاء اللجنة السابقين لمؤتمر الحركة العام لسنة 1971م، أي كافة المذكورين. وكان أبو جهاد يحتل المركز المماثل لأبي عمار على صعيد الحركة داخلياً وخارجياً ومن خلال الصدارة التي اتسم عمله بها، وتميز أبو عمار وأبو جهاد في تأسيس حركة فتح عن باقي الإخوة في القيادة، لهذا في البداية لم تطرح أسماؤهم للتصويت عند الانتخاب لأعضاء اللجنة المركزية أثناء المؤتمرات العامة للحركة وذلك بإجماع الأعضاء، وسرى هذا القرار لغاية المؤتمر الثالث. وفي المؤتمر الثاني اعترض أبو يوسف النجار على هذا القرار، وقال لا سمح الله أن أحد الأخوة أصابه مرض ما، هل يجوز أن يبقى عضو مركزية دون الاقتراب منه فلم يؤخد برأيه، وفي المؤتمر الثالث ألغي هذا القرار وأصبح الجميع يخضع للتصويت، وفعلا خضع جميع الأعضاء في المؤتمر الثالث للتصويت.
أما عن الخلفية الفكرية والاجتماعية لقيادة الحركة فإن من القيادة التاريخية للحركة التي كانت تنتمي للإخوان المسلمين نذكر: صلاح خلف (أبو إياد)، وكمال عدوان، وعبد الفتاح حمود، ومحمد يوسف النجار، وسليم الزعنون، وأبو جهاد، كان ضمن الإخوان المسلمين لكسب التدريب والتسليح، وحينما قدم لهم مذكرته لتبني الكفاح المسلح رفضت مذكرته فتركهم، وهم جميعا كانوا ساكني قطاع غزة لفترة طويلة، خصوصا في مراحل الدراسة وبداية الحياة العملية، كما أن هناك تقاربا كبيرا بينهم يتفاوت بين ثلاثة إلى ستة أعوام، فهم من ناحية يعرفون بعضهم البعض من خلال المدرسة والسكن والنشاطات المدرسية والطلابية في المرحلة الثانوية ومن ثم الجامعية في القاهرة في نفس الفترة ومن خلال النشاط الحزبي في نفس المناطق وكذلك من خلال العمل في نفس المناطق فيما بعد، إذا استثنينا أبو جهاد الذي لم يمارس العمل إلا لفترة أشهر قليلة كان خلالها مكلفا بالتنظيم أساسا، ثم تفرغ لوحده للقيام بالعمل التحضيري والاتصالات وبناء التنظيم وربطه بين مناطق الخليج والجزيرة العربية من ناحية، والضفة الغربية من ناحية أخرى، ثم الضفة الشرقية وشمال إفريقيا وخاصة الجزائر.
ومنهم الأخ أبو ماهر غنيم الذي انضم للإخوان المسلمين عام 1951م ومجموعة معه على خلفية مشاركة “الإخوان” في حرب فلسطين، وقد انفصل عن “الإخوان المسلمين” عام 1958م بسبب وقوفهم مع التدخل الإنجليزي في العراق.
ومن الناحية الاجتماعية فإضافة إلى الثلاثة الكبار فإن عددا آخر من نفس المنطقة ينطبق عليهم نفس الواقع وهم أبو صبري، كمال عدوان، أبو يوسف النجار، عبد الفتاح حمود، جزئيا، كانوا يقيمون في قطاع غزة، باستثناء أبو الهول الذي كان يقيم في دمشق/سوريا.
والمذكورون جميعا باستثناء سليم الزعنون ممن ولدوا خارج القطاع، وسكنوا غزة بعد عام 1948م. وهكذا نستطيع أن نرى بوضوح من ناحية مبدئية أن القواسم المشتركة بينهم هي: منطقة السكن، العمر الواحد تقريبا – مكان التعليم تقريبا – النشاط الحزبي، ومن ثم نفس الظروف الاجتماعية والسياسية والاقتصادية إلى حد ما، ثم العمل فيما بعد ومن ذلك نلقي الضوء الأول على الأسباب والظروف التي تم بها التعارف والإيحاء والتفكير والبحث والتطبيق في البنية الأولى للحركة.
ويمكننا أن نرى الاتفاق في نقاط أخرى بين قياديين آخرين في مناطق أخرى جمعتهم الدراسة أو الحزب.. فأبو السعيد مثلا من حزب التحرير تم الاتصال به في الكويت وهناك صلة بين الحزبين الإسلاميين وكذلك من ناحية السن والخلفية الاجتماعية والانتماء الطبقي، وأبو يوسف وأبو مازن في الخليج ينطبق عليهما الشيء نفسه تقريبا، وكمال عدوان وعبد الفتاح حمود في السعودية من خلال العمل هناك ضمن التنظيم الحزبي الواحد واشتراكهم مع المجموعة الأولى في نطاق النشأة والتعليم، بالإضافة إلى ممدوح صيدم (أبو صبري) وأبو علي إياد اللذين كانا يعملان بالتدريس بالجزائر. أما أبو اللطف فرغم جذوره البعثية فإن عمله في السعودية وتعارفه وصداقته مع كمال عدوان ومعرفته لبعضهم أثناء دراسته في الجامعة الأمريكية في القاهرة بعد تركه السعودية من خلال النشاط الطلابي. وكذلك أبو علي إياد فقد كانت له معرفة ببعض القادة من خلال عمله بالسعودية وانتمائه لحزب التحرير ثم علاقته مع بعضهم في الجزائر. ومثله نمر صالح (أبو صالح) الذي انتقل إلى الكويت عام 1960م وعمل في قطاع الإنشاءات، وعندما تبلورت حركة فتح، التقى مع بعض قياداتها آنذاك ومنهم عادل عبد الكريم ومحمود مسودة وخالد الحسن وياسر عرفات، فانضم إليهم وكان ضمن مجموعتها الأولى عام 1963م.
ويمكننا أن نضيف إلى ما تقدم أنه قد تم تعارفهم بعضهم ببعض في إطار الظروف التالية:
1. تم التعارف في سن مبكرة ومراحل الشباب المبكر عند الأغلبية وسن الطفولة المتأخرة لدى البعض (أي أنهم لم يعرفوا بعضهم كمخضرمين سياسيين ومن وجهات مختلفة لم يكن هناك شكوك حول بعضهم البعض) وهذا ما جعل التفاهم بينهم أكثر يسرا وبعيدا عن التعقيد والعقد وجعل للقائهم ميزات كثيرة، من حيث الثقة والأمل والألم والديناميكية والتحفز.
2. من ذلك أيضا أنهم تعرفوا ببعضهم في ظروف شخصية بعيدة عن المسؤولية العائلية نسبيا التي تحد من حركتهم وقدرتهم على اتخاذ القرار الصعب والتحرك بداية.
3. التشابه في الدوافع الأساسية والخلفية في العمل الوطني منذ الصغر لدى الأغلبية منهم.
4. العمل السياسي الحزبي.
5. الانتماء الطبقي الواحد.
6. التشابه بل وحتى التطابق في الظروف النفسية في تلك الفترة لدى أكثريتهم.
7. ان الغالبية الساحقة منهم لاجئون إثر النكبة، وبعضهم لم يلجأ إلا بعد الكارثة (1967) ولأننا نتحدث عن فترة معينة فقد اعتبرنا اللاجئ هو ذاك الذي نزح عن دياره بعد النكبة، اما بعد الكارثة فمن المرجح ان الغالبية المطلقة منهم أصبحوا لاجئين.
8. في الإطار الاجتماعي العام ينتمي المؤسسون إلى الشريحة التي أخذت تتكون منذ مطلع الأربعينات (1942) لما أصبح التعليم يشكل الدينامية الاجتماعية الثانية بعد «الملكية» وتوجه الشرائح الميسورة نسبياً نحو الاستثمار فيه، وليصبح الرأسمال الوحيد، غداة النكبة، لتحسين الأوضاع المعيشية، وكما فعلت من قبل، حافظت العائلات الراغبة في تعليم أبنائها على الإقامة في المدن أو بجوارها ونادراً ما سكنت المخيمات. ولما كان التعليم الفلسطيني ذا سمات طبقية ومدينية فمن غير المستبعد ألا ينتج حركة ثورية بذات السمات. أي حركة حضرية وطبقية. وهكذا يصبح مفهوماً لماذا لم تتخذ «فتح» من الريف أو من المخيمات مقرا لها مثلما لم يتخذ أي من مؤسسيها واللاحقين عليهم من القرى والمخيمات مقراً له. وهذه الملاحظة تنطبق على كافة فصائل المقاومة الفلسطينية وليس على «فتح» وحدها.
من هذا نرى أن عوامل التجانس والتفاهم أكثر من مواتية بل تصل إلى درجة راقية جدا مقارنة مع حالات أخرى يتم فيها تجميع وتأليف القيادة في تنظيمات ثورية وسياسية وخاصة ذات طابع وصيغ جبهوية.
وإذا ما أضفنا ما تقدم إلى خلاصة التجربة النضالية والجهادية استنادا إلى الأسس الواردة في السابق فإن الفهم يزداد وضوحا وثباتا لأسباب الانسجام داخل القيادة والقدرة على مواجهة الكثير من العقبات، وبالتالي تكيفهم مع الأحداث وتجاوز الذات في هذه المرحلة في كثير من الحالات في سبيل مصلحة الثورة ككل.
كلمة أخيرة :
لقد انتمت هذه القيادة إلى الفكر الوطني الديني، والبعض منها ينتمي إلى الفكر القومي العروبي، وكان القاسم المشترك بين الجميع هو البرنامج الوطني الفلسطيني العريض: تحرير فلسطين بالكفاح المسلح، هذا الشعار الذي اجتمع حوله المؤسسون والعناصر الأولى. ولولا تلك الكوكبة من العظماء الذين نالوا الشهادة من أجل الوطن، وضربوا أروع الأمثلة في التضحية والفداء لما كانت حركة فتح التي قادت العمل الفلسطيني منذ نصف قرن، ولما كانت هذه الإنجازات التي تحققت. إن دماءهم دين في رقابنا وفي رقبة الأجيال التالية، حتى يتحقق الهدف الذي استشهدوا من أجله، ذكراهم العطرة يجب أن تمثل الزيت الذي يشعل سراج الثورة، وسيرهم الذاتية يجب أن تكون منهاجا لعمل الحركة من أبناء وبنات، من زهرات وشباب وكوادر. إن أقل حق لهم علينا أن ندون هذه الأسماء البارزة الكبيرة ونحفرها في ذاكرة أبناء فلسطين حتى لا ينسوا الهدف الكبير الذي ثاروا من أجله ونالوا على دربه الشهادة.
وانها لثورة حتى النصر حتى النصر حتى النصر
اللواء محمود الناطور “ابو الطيب”