أقلام وأراء

فيصل عابدون يكتب – الانتخابات الفلسطينية

فيصل عابدون 5/11/2019

الانتخابات هي قبل كل شيء استحقاق ديمقراطي واجب السداد، ولا ينبغي تمديدها إلى ما لانهاية أو أن تلغى تحت أي حجة أو مبرر. فالاقتراع الحر يحقق جوهر الحكم الديمقراطي القائم على تداول السلطة بين الأفراد والأحزاب والجماعات السياسية ويمهد أمام قيادات جديدة تتولى زمام المسؤولية والحكم. وهو يضمن العدالة بين الأجيال ولا يجعل السلطة حكراً على مجموعة بعينها ويحجبها عن المجموعات الأخرى، سواء كان ذلك على مستوى سلطة الحكم في الدولة أو على مستوى المناصب القيادية داخل الأحزاب والكيانات السياسية.

وبالنسبة للوضع الفلسطيني فإن إجراء الانتخابات يخدم هدفاً أكثر أهمية بكثير في ظل الظروف الراهنة التي تمر بها القضية. فالانتخابات تكسب ممثلي الشعب الشرعية القانونية والدستورية لقيادة الكفاح السياسي والشعبي الهادف إلى نيل الحقوق المسلوبة والوصول إلى محطة الدولة المستقلة كاملة السيادة على أراضيها .

وفي ظل التحولات الجارية وحالة الحصار والسعار الاستيطاني والاستهداف المتنامي الذي يواجه القضية، فإن الاتفاق على إجراء الانتخابات يؤمل أن يؤدي إلى توحيد الجبهة الداخلية الفلسطينية لمعالجة حالة الضعف الراهنة ومواجهة التحديات تحت راية موحدة لا تفرقها الخلافات أو تضعفها الصراعات الجانبية. فالانقسام هو حالة ضعف ظلت تلازم المشهد السياسي والاجتماعي الفلسطيني، وأفرز نتائج مدمرة على مجمل حركة النضال السياسي.

وقد أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، على الأهمية الكبيرة التي تمثلها الانتخابات الفلسطينية كخطوة ضرورية لإنهاء الانقسام المستمر منذ 13 عاماً، والذي يكلف الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية الكثير.

وعلاوة على أهميتها كوسيلة لتوحيد الصف وبالإضافة أيضاً إلى كونها الأداة القانونية لكسب الشرعية لتمثيل القضية والشعب، فإن الانتخابات تمثل جبهة للصراع مع الاحتلال. فإذا كان الاحتلال يعرض نفسه للعالم باعتباره واحة للحرية والديمقراطية في المنطقة، فإن على القيادات الفلسطينية أن تناهض هذا الزعم عبر ممارسة حقيقية عادلة ومسؤولة لعملية تداول السلطة بين الأحزاب والكيانات ذات التوجهات الفكرية المختلفة مع احترام نتائج الانتخابات والعمل على استمرار ونجاح العملية وليس تخريبها أو تعطيل فاعليتها.

وعلى وجه العموم فإن هناك أجواء من التفاؤل تلون المشهد منذ أن أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس في مقر الأمم المتحدة اعتزامه إجراء الانتخابات العامة على أن تعقبها انتخابات رئاسية في توقيت لاحق. وتعزز الشعور بالارتياح أكثر فأكثر مع النتائج المشجعة للمحادثات التي أجراها رئيس لجنة الانتخابات حنا ناصر مع مختلف الفصائل في الضفة الغربية وقطاع غزة.

وعلى الرغم من الملاحظات الفنية والاشتراطات التي تبديها بعض الأطراف، فإن الحصاد الكلي لمحادثات الفصائل يكشف توفر الإرادة لمغادرة مربع الانقسام والمشاركة في الانتخابات بشقيها التشريعي والرئاسي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى