أقلام وأراء

فيصل ابو خضرا يكتب – ما بعد قرار حل المجلس التشريعي

بقلم  فيصل ابو خضرا – 5/1/2019

ما من شك أن حل المجلس شأن سياسي ولكنه وضع في قالب قانوني، الاّ أن القرار يعتبر منطقياً جداً لأن هذا المجلس فقد صلاحيته منذ سنوات طويلة عجاف تعرض خلالها الشعب الفلسطيني لتصعيد الاحتلال لممارساته ضد شعبنا وحقوقه، كما عانى أثر لانقلاب الذي قامت به حركة ” حماس” ومن تداعيات الانقسام اثر ذلك ، وهو الانقسام الغريب جدا على أخلاقنا ومبادئنا الفلسطينية الديمقراطية التي تعودنا عليها، وعلى تقاليدنا النضالية.

صحيح القول أن ممارسات حركة “فتح” في غزة لم تكن حسب المطلوب منها مادياً وأخلاقياً، ولكن هذا لا يعني بأن تعطي ” حماس” نفسها الحق بالقيام بهذا الانقلاب الذي فصل واقعياً القطاع عن الضفة، وأدى الى مأساة الانقسام الذي وفر لاسرائيل الذرائع للمضي قدما في مخططاتها وصرف الانظار عن مصير الوطن والقضية، فقام الاحتلال الاسرائيلي بتشديد حصاره على قطاع غزة الذي هو الجناح الثاني لوطننا وقضيتنا المقدسة وأمعن في تهويد القدس وتوسيع الاستيطان في الضفة.

لم يتردد الاخ الرئيس محمود عباس في الاصرار على مشاركة “حماس” في الانتخابات في حينه وقاوم الضغوط الاميركية والاسرائيلية ، كما لم يتردد بعد فوزها في الانتخابات بتسليم رئاسة الحكومة الى السيد اسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي الحالي لحماس، ولكن مع الأسف لم تلتزم حماس باتفاقية المبادىء التي وقعت عليها منظمة التحرير وحكومة اسرائيل في البيت الأبيض في العام ١٩٩٣م، والتي شكلت الأساس لقيام السلطة الوطنية، والتي كان أحد بنودها الرئيسية انتخاب مجلس تشريعي فلسطيني، أي أن حماس عندما شاركت في الانتخابات وتسلمت رئاسة الحكومة على أساس اتفاق اوسلو ومبادئه، قبلت الاعتراف باسرائيل مما جعل الرئيس محمود عباس يطلب من السيد هنية تشكيل الوزارة.

وفي أول يوم جلس فيه السيد هنية على كرسي رئاسة الوزراء بدأت الخلافات، وبدأت حماس بالاعلان عن عدم اعترافها بالاتفاقية التي اوصلتها للحكم بما في ذلك رفض الاعتراف باسرائيل علماً أن أي من أعضاء “حماس” المنتخبين أو غير المنتخبين لا يستطيع أن يتبوأ أي وزارة أو منصب مسؤول في أي حكومة فلسطينية، اذا لم يعترف بأن منظمة التحرير هي الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني، ويحترم الاتفاقيات والمعاهدات التي وقعت عليها ، وشتان ما بين الحكم والمشاركة في المجلس التشريعي والحكومة، وهو ما تحكمه اتفاقيات اوسلو وما بين الآراء الشخصية لأي مواطن.

هذا الواقع أدى الى مقاطعة الكثير من الدول للحكومة الفلسطينية وهو ما كان له تداعياته ايضا.

وكان من الواضح أن حماس او غيرها لا يستطيع انتقاء ما يحلو له من بنود الاتفاقية ويتجاهل باقي البنود، كأن يشترك في الانتخابات دون الاعتراف بمنظمة التحرير كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني التي اعترفت باسرائيل مقابل اعتراف اسرائيل بمنظمة التحرير وعلى أساس انهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية.

وعودة الى قرار حل المجلس التشريعي، غني عن القول بأن رئاسة السلطة والمجلس التشريعي قد انتهت مدتهما القانونية، وكان من الواجب اجراء انتخابات عامة ر ئاسية وتشريعية جديدة، اذا كنا نريد أن نمارس الديمقراطية الحقيقية.

ولا بد ان نذكر للأمانة بأن الاخ الرئيس محمود عباس طالب عدة مرات باجراء انتخابات رئاسية وتشريعية ولم يجد تجاوباً من “حماس” لأن حماس كانت تصر على استمرار حكمها لقطاع غزة وشطب ما يسمى الديمقراطية التي يؤمن بها الشعب الفلسطيني، وهذا الوضع يدفعنا الى القول أن قرار المحكمة الدستورية بحل هذا المجلس لا يمكن النظر اليه فقط من زاوية قانونية والأغرب من ذلك، أن حماس التي تعلن رفضها اتفاق اوسلو تجادل اليوم بشرعية المجلس التشريعي القائم، الذي هو من افرازات اوسلو التي ترفضها.

لذلك نقول ان على حماس اغتنام هذه الفرصة والموافقة على اجراء انتخابات رئاسية وتشريعية، وان تكون عضوا فاعلاً في منظمة التحرير وبذلك يكون وجودها في الحكم قانونياً، وهذا ضروري جدا نظراً لما تتمتع به من شعبية وباعتبارها فصيلا وطنيا. ولا بد ان نذكر هنا أن منظمة التحرير والسلطة الوطنية وبتعليمات من الرئيس محمود عباس عملت كل ما بوسعها مؤخرا لاحباط مشروع قرار اميركي يعتبر حماس حركة ارهابية، ومع الأسف في يوم ذكرى انطلاقة الثورة الفلسطينية لم يهنأ شعب غزة هاشم البطل بهذه المناسبة والتي مضى عليها ٥٤ عاماً تكبد فيها الشعب الفلسطيني آلاف الشهداء والجرحى والأسرى، ولكن ومع الأسف اعتقلت حماس قيادات وكوادر فتح، ومنعت إقامة حفل يليق بهذه المناسبة التي تخص كل الشعب الفلسطيني وفصائله.

إن ابناء الشعب الفلسطيني استقبلوا انتخابات ٢٠٠٦ بالبهجة نظراً لممارسة الديمقراطية معتقدين ان فصيلي ” فتح ” و ” حماس” سيمضيان قدماً مع باقي الفصائل لخدمة مصالح ومستقبل الشعب الفلسطيني، وتحقيق حلم الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس ، ولكن مع الأسف فقد اكتشف الشعب الفلسطيني بأن هناك اجندات أخرى وتجاذبات اقليمية ودولية ثم حدث الانقسام المأساوي الذي لا زال شعبنا يعاني تداعياته حتى اليوم.

الشعب الفلسطيني يأمل من الاخوة في ” حماس” الانصياع لقرار المحكمة الدستورية والموافقة على اجراء انتخابات رئاسية وتشريعية ومجلس وطني كي تكون قراراتنا واحدة، ونعمل سويا كي ننال حريتنا واستقلالنا، بالرغم مما نقاسيه من محتل غاصب سارق وقاتل بدعم أقوى دولة في العالم والتي تتشدّق بالديمقراطية وحقوق الإنسان ونبذ التمييز العنصري، ولكنها داست على دستورها وعلى القانون الدولي وقرارات الشرعية لصالح الاحتلال غير الشرعي.

وفي الختام ليس لنا الا الانصياع لارادة شعبنا الفلسطيني، الذي صبر وناضل واستشهد ابناؤه وشبابه وأطفاله وجرحوا وأسروا بعشرات الآلاف في سبيل الحرية والاستقلال هذا الشعب يريد انهاء هذا الانفصال المشين ويريد حقه في قول كلمته في صندوق الاقتراع، وأما الخطابات الرنانة فقد شبع منها الشعب الفلسطيني دون ان نتقدم نحو الحرية والعيش الكريم في دولتنا المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

والفصيل الذي يرفض اجراء الانتخابات وإنهاء الانفصال يكون خارج إرادة هذا الشعب ويصب اصراره على استمرار الانقسام في خدمة الاحتلال ومخططاته.

*عضو المجلس الوطني الفلسطيني – عن القدس المقدسية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى