أقلام وأراء

فيصل أبو خضرا يكتب – هل يعشق الإسرائيليون ورجال دينهم فساد نتنياهو وأكاذيبه؟!

بقلم  فيصل أبو خضرا * 7/3/2020

غريب أمر هذا الشعب الإسرائيلي الذي يعشق بنيامين نتنياهو المطلوب جنائيا للعدالة بتهم الرشوة والاحتيال وإساءة الأمانة، ويعطيه اصواته ليتصدر نتائج الانتخابات الاسرائيلية! والمستهجن أيضا ان يؤيد رجال الدين اليهود نتنياهو وهم يعلمون بفساده، وأن ما يتهم به يتناقض مع كل الشرائع السماوية بما في ذلك الوصايا العشر التي يؤمنون بها!

وغريب ايضا ان يسكت الشعب الأميركي على إدارة ترامب وهي تقوم بدور الخادم لنتنياهو وتقدم له كل دعم، بما في ذلك الاعتداء على حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة وحقوق الأمتين العربية والإسلامية ويتنكر للشرعية الدولية ومقرراتها كما يتنكر لكل إعلانات حقوق الإنسان ويدوس ايضا على إعلان الاستقلال الأميركي ومباديء الديمقراطية.

هذا يدفعنا إلى التساؤل : اية ديمقراطية هي تلك الموجودة في إسرائيل وفي أميركا؟

لقد شن نتنياهو خلال عام هجوما تحريضيا عنصريا لا يزال متصاعدا حتى اليوم ضد المواطنين الفلسطينيين في الداخل الفلسطيني محاولا نزع شرعيتهم، كما شن هجوما ضد أجهزة الدولة التي يقف على رأسها بما في ذلك الشرطة والنيابة العامة والقضاء والإعلام في محاولة للإفلات من محاكمته بتهم الفساد، كما جر إسرائيل لثلاث جولات إنتخابية في غضون عام، ورغم كل ذلك لا يزال يسيطر على مقاليد الحكم بدعم اليمين الإسرائيلي من انصار حزبه الليكود والمستوطنين، فهل عميت انظار كل هؤلاء عن فضائح نتنياهو وفساده؟ وأين هي المبادىء الأخلاقية التي يتشدقون بها؟

خلال الحملة الانتخابية الأخيرة شبه بني غانتس، رئيس حزب “أزرق أبيض” المنافس لليكود نتنياهو برئيس ديكتاتوري فيما كتب الكثير من كبار المحللين في اسرائيل ووجهوا انتقادات لاذعة لنتنياهو مؤكدين انه يجر إسرائيل للحضيض بتعميق الكراهية والعنصرية والدوس على سلطة القانون، وكتب المئات من ضباط وجنود سلاحي الجو والبحرية الإسرائيليين رسائل نشروها عبر الصحف مطالبين الرئيس الإسرائيلي بعدم تكليف نتنياهو تشكيل الحكومة القادمة بسبب فساده والتهم الرسمية الموجهة اليه ورغم كل ذلك اعطاه أكثر من مليوني اسرائيلي أصواتهم، فماذا يعني ذلك؟

يمكن ان نستخلص من هذه الصورة ان شعارات التطرف والعنصرية والتحريض ضد العرب التي اطلقها نتنياهو اضافة الى اعلانه اعتزامه ضم الأغوار وفرض السيادة الإسرائيلية على المستعمرات في الأراضي المحتلة وضم أجزاء واسعة من المنطقة “ج” في الضفة الغربية قد لعبت دورا في استقطاب اليمين المتطرف للتصويت لحزبه، ولكن النتيجة تؤكد ان المجتمع الإسرائيلي بات يميل أكثر فأكثر للتطرف والعنصرية والتنكر لحقوق الشعب الفلسطيني.

ولكن ما يجب ان يدركه نتنياهو ويمينه المتطرف ان شعبنا الفلسطيني متشبث بأرضه وأرض اجداده التي احتلتها العصابات الصهيونية بدعم استعماري خاصة من بريطانيا ثم أميركا وبعض دول أوروبا. ولا تزال اللوبيات الموالية لإسرائيل تمارس تضليلها في مختلف وسائل إعلام الغرب لاكتساب مزيد من الدعم لإسرائيل وسط غياب مؤسف لإعلام عربي فاعل قادر على المواجهة وتقصير واضح من زعمائنا السابقين والحاليين الذين لم يصلوا الى الان الى مستوى الاعلام الصهيوني الذي يعتمد اساساً على تاريخ مزيف، وروايات كاذبة لا علاقة لها بالدين اليهودي ، ولا حتى بالتوراة التي تفضح اقاويل زعماءهم وعلى رأسهم الكذاب الاكبر نتنياهو، الذي وصفه أبوه قبل وفاته، بانه كاذب كاذب.

ولغاية يومنا هذا ليس لنا اي إعلام فاعل كي يفند ويدحض امام الشعب الامريكي والشعوب الأوروبية اكاذيب الصهاينة الذين ارتكبوا ١٥٠ مجزرة موثقة بحق المدن والقرى الفلسطينية عام ١٩٤٨. وهنا اريد ان اسرد حديثا دار بيني وبين الرئيس الامريكي السابق بوش الأب بعد شهرين من سقوطه في الانتخابات الامريكية ضد بيل كلنتون. وكان ذلك اللقاء في رحلة بالطائرة من طوكيو الى بكين، وكان الرئيس بوش يجلس امامي، وشاءت الظروف أن اجري معه حديثا حول القضية الفلسطينية، وفعلا كان متعاطفاً جدا مع قضيتنا الوطنية، وتحدث بإسهاب مفصل اذ قال: نحن الزعماء نعرف تماما المأساة التي يعيشها الشعب الفلسطيني المظلوم تاريخيا، ثم قال”انني خسرت في اخر انتخابات بسبب منعي اي ضمانات للقروض التي تقدمها البنوك الاميركية لاجل بناء المستعمرات على الاراضي الفلسطينية المحتلة، وأريد ان اقول لك اكثر من هذا بان السبب الرئيسي لدعم الشعب الامريكي لدولة اسرائيل هو مع الاسف الضعف العربي بالإعلام، حيث ان يهود امريكا مسيطرون على هوليوود وايضا يسيطرون على اهم الصحف الامريكية.”

وهنا اتذكر جيدا ، بعد هذا اللقاء مع الرئيس بوش اذ عدت الى بيروت ، واتصلت فورًا بالأخ الشهيدصلاح خلف رحمه الله ، والتقيته واعلمته بأهمية الاعلام في امريكا، كما اعلمته بان لي صديق سعودي لديه اتصالات مهمة برجال اعمال امريكيين لديهم القدرة على بيعنا محطات تلفزيونية ، وانا وصديقي لدينا استعداد لعمل دراسة وافية عن قدرة هذه المحطات على تعميم الأخبار في جميع الولايات المتحدة الامريكية وحتى هونولولو ، وقد اعلمني الاخ ابو أياد بان الاخ الشهيدالرئيس الرمز ابو عمار رحمه الله مهتم جدا بهذا الموضوع . كما تم الاتفاق وبعد الانتهاء من الدراسة بان يكون الاجتماع القادم في بيتي في بيروت وان يكون حاضرا اخي رجل الاعمال السعودي. وفعلا بعد شهرين من هذا الاجتماع ، تم اللقاء في بيتي بحضور الاخ الرئيس ابوعمار ، وقدمنا له دراسة مستفيضة عن ثلاث محطات واحدة في واشنطن، وواحدة في شيكاغو ، وواحدة في لوس أنجليس وتكلفة كل واحدة ١٥ مليون دولار، وكان مهتما، جدا، وأبلغني والاخ السعودي يوسف الطويل بان المسؤول عن هذا الموضوع المهم جدا الاخ ابو إياد، وحددنا موعدا مع رجال الاعمال الاميركيين في روما ، وتم اللقاء وعدنا الى بيروت وبلغنا الرئيس ابو عمار بما تم من اتفاق ، وانتظرنا شهرين لأخذ جواب ولكن مع الاسف ولأسباب أجهلها لم يتم شيء. اننا مقصرون في مجال الاعلام ومجابهة أكاذيب نتنياهو وغيره من الصهاينة سواء في أميركا واوروبا او في المنطقة، وهو ما اعطى المجال لنتنياهو الفاسد ويمينه المتطرف لحشد المزيد من الدعم في أميركا واوروبا وحتى في بعض دولنا العربية التي تهرول نحو التطبيع.

وخلاصة القول اننا يجب ان ندرك ان الكثير من الأوراق بأيدينا نحن سواء في التأثير على الرأي العام الأميركي والأوروبي وحتى الإسرائيلي وسحب البساط من تحت أقدام نتنياهو الكاذب وامثاله من الصهاينة ومن تحت اقدام اللوبيات الصهيونية . ولكن أين نحن من كل هذا ولا زلنا نتمرغ في مستنقع الانقسام والفئوية وفي ظل غياب استراتيجية نضالية واضحة تستند الى هذه الجماهير الصامدة المناضلة المستعدة للتضحية والعطاء في مسيرتها نحو الحرية والاستقلال . ونقول أخيرا لقد حان الوقت لكل قيادات شعبنا وفصائله ان تستفيق من سباتها وتوحد جهودها وتخضع لارادة شعبها وكلمته كي نمضي قدما نحو تحقيق أهدافنا الوطنية … الله المستعان.

*عضو المجلس الوطني الفلسطيني .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى