أقلام وأراء

فيصل أبو خضرا يكتب – مفتاح القضية بأيدينا ولن ينقذنا بايدن أو العالم اذا بقينا على هذا الحال المؤسف

بقلم  فيصل أبو خضرا – 14/11/2020

بداية وعلى ضوء نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية وفوز الديمقراطي جو بايدن على منافسه غير المأسوف عليه، الموالي للصهيونية والاحتلال، دونالد ترامب ، يثير الكثير من المراقبين والمحللين تساؤلات حول التغييرات التي قد يحدثها بايدن في السياسة الخارجية الأميركية ، وما يهمنا كفلسطينيين وعرب هو السياسة الأميركية تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي والموقف من حل القضية الفلسطينية.

ومن الواضح ان الغالبية الساحقة من الخبراء والمحللين السياسيين قد أجمعوا على ان بايدن سيواصل سياسة الانحياز لإسرائيل وضمان تفوقها العسكري في المنطقة ودعمها وأنه لن يلغي قرارات خطيرة اتخذها ترامب سواء ما يتعلق بالقدس او الجولان مع تغييرات غير جوهرية في تعامله مع القضية الفلسطينية.

ولا بد ان نتذكر سياسة جو بايدن حتى قبل تعيينة نائباً للرئيس السابق باراك اوباما، فقد كان معروفا كديمقراطي داعم لإسرائيل حتى النخاع، إضافة لمواقفه تجاة قضية فلسطين اثناء تولية منصب نائب الرئيس اوباما، حيث اكدت مصادر مطلعة انه كان يلجم اوباما من اتخاذ اي قرار يصب لصالح تنفيذ القرارات الدولية التي صدرت عن مجلس الأمن او القرارات التي صدرت عن منظمة الامم المتحدة بشأن القضية الفلسطينية.

ونذكر اول خطاب القاه اوباما على منبر الامم المتحدة عندما قال بانه في السنة القادمة لاجتماعات الامم المتحدة ستكون فلسطين دولة عضو في الامم المتحدة و خطابه الناري في جامعة القاهرة ووعده القاطع بانه لن يدير ظهره للشعب الفلسطيني. وبعد عودته الى واشنطن نصحة بايدن و دنيس روس بان لا يندفع بتأييد الفلسطينيين، وهذا ما حصل، حيث تشير كل الدلائل ان إدارته قامت فقط بإدارة الازمة وليس محاولة حلها.

هذا يعني ان بايدن من الصعب ان يضغط على إسرائيل لتنفيذ ما لا توافق عليه، ولكن قد يكتفي باستئناف دعم الفلسطينين ماليا وربما اعادة فتح الممثلية الفلسطينية في واشنطن واعادة فتح القنصلية الأميركية في القدس الشرقية واستئناف المساعدات للأونروا ولكن لن تصل مواقفه إلى حد الاستعداد لتبني قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن والضغط على إسرائيل لتنفيذها.

ان انتخاب جو بايدن لا يعني ابداً بانه سيعمل على تغيير انحيازه ودعمه لإسرائيل او تبني مواقف عادلة بشأن القضية الفلسطينية. وما ينطبق على بايدن ينطبق ايضا على نائبته التي اختارها، كاملا هاريس، المتزوجة من محام أميركي يهودي والمعروفة ايضا بدعمها لإسرائيل.

واذا نظرنا الى تاريخ سياسة بايدن لا بد ان نتوقف عند تصريحه سابقا عدة مرات بانه ليس يهوديا ولكنه صهيوني في دعمة لإسرائيل.

إن ما يمكن ان يحدث تغييرا نحو إعادة القضية الفلسطينية الى رأس جدول اهتمامات العالم ويدفع الإدارة الأميركية لإعادة النظر في مواقفها المجحفة بحق الشعب الفلسطيني يكمن في وحدة الصف والقرار الفلسطيني وانهاء كارثة الإنقسام المتواصلة رغم كل ما يتهددنا من أخطار، وان نخرج من مربع البيان الأول اليتيم الذي صدر قبل شهور عن القيادة الوطنية الموحدة للمقاومة الشعبية، والذي لم يتبعه اي بيان آخر رغم التطورات الخطيرة المتسارعة، ورغم اعلان الأمناء العامين للفصائل عن الوحدة وتفعيل المقاومة الشعبية، فهل قدر لنا ان نظل نراوح في مستنقع الانقسام الذي تستغله إسرائيل في تنفيذ مخططات الاستيطان وتصفية القضية؟

مرة أخرى نقول أن اعلى حركتي حماس والجهادالتخلي عن الشعارات البراقة وتبني البرنامج السياسي الذي أقره المجلس الوطني بإقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران للعام ١٩٦٧م وعاصمتها القدس وهو ما تؤيده الشرعية الدولية، وتغليب مصلحة فلسطين وشعبها على اية ارتباطات إقليمية وانهاء هذا الانقسام لحشد كل الجهود سواء بتفعيل المقاومة الشعبية الحقيقية حسب الشرعية الدولية او النضال السياسي والدبلوماسي لجعل العدو الاسرائيلي يفهم بأننا لن نتخلى عن حقوقنا وارضنا المحتلة ووطننا فلسطين وكي تصل رسالة فلسطين قوية للعالم أجمع وللإدارة الأميركية الجديدة.

كما ان على جميع الفصائل بما فيها حماس والجهاد ان ترسّخ الاعتراف بان منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي الوحيد لشعبنا الذي اعترف به العالم اجمع بعد تضحيات جسام، وهي الوحيدة المخولة بالتحدث باسم الشعب الفلسطيني.

ولا بد من الإشارة هنا ايضا إلى ان هناك من يقول إن بايدن على استعداد لإعادة فتح القنصلية الامريكية في القدس الشرقية ، واعادة دعم الانروا ، ومساعدة السلطة في دفع المبالغ التي كانت ملتزمة بها واخيرا واعادة فتح مكتب منظمة التحرير في واشنطن ، ولكن بشرط إعادة التنسيق الامني كما في السابق، او العودة للمفاوضات.

وما من شك انه اذا قبلت السلطة بهذا نكون قد تراجعنا خطوة اخرى للوراء، لان تنفيذ هذا الشرط يعني العودة لإدارة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ولا يعبر عن إرادة أميركية للدفع نحو حل عادل للقضية الفلسطينية .

ولذلك لا بد من التمسك بشروط القيادة الفلسطينية برئاسة الاخ الرئيس محمود عباس، وهي رفض التفرّد الأميركي بعملية السلام واشراك المجتمع الدولي عبر الرباعية الدولية في حل الصراع الفلسطيني الاسرائيلي حسب القرارات الدولية خاصة القدس واللاجئين وغيرها.

لقد خضنا تجربة المفاوضات حسب ما تريده امريكا واوروبا لانتزاع حقوقنا الوطنية وكانت النتيجة صفر نظرا للانحياز الأميركي للاحتلال وعدم قيام أوروبا بدور فاعل. حاولنا منذ ٢٧ عاما، ومع الاسف اثبتنا وللعالم بان هذا لا يجدي، بل بالعكس حقق الاحتلال الإسرائيلي مكاسب لم يكن يحلم بها ونفذ الكثير من مخططاته المعادية، وبالمقابل تراجعت قضيتنا كثيرا ، ولم نستطع بموجب آلية المفاوضات السابقة أن نحصل على أي من مطالبنا المحقة.

الفرق بين ترامب وبايدن أن ترامب سياستة دكتاتورية صهيونية تعتمد على قوة امريكا، اما بايدن فهو سيدير الصراع ولن يحله بالطرق الضاغطة على الطرف الاسرائيلي حسب القوانين الدولية ولا حسب المباديء والقيم التي ترفع اميركا شعاراتها والتي ارسيت في الدستور الامريكي، اي حقوق الانسان ومناهضة التمييز العنصري والحرية للشعوب.

لا يعني كل ذلك انني ادعو لمقاطعة بايدن وإدارته بل ان علينا التحرك على كافة المستويات كي يتجاوب مع رؤية ومبادرة الأخ الرئيس محمود عباس التي طرحها بشجاعة أمام العالم أجمع وتشكيل لجنة دولية تشارك فيها اميركا، اي ان يقبل بايدن بمشاركة دولية، بما فيها الامم المتحدة في جهود السلام وفي مؤتمر دولي للسلام، و عدا ذلك لا يمكننا العودة للماضي، بحيث تتفرد اميركا بعملية السلام، لان هذة التجربة فشلت حديثا وقديما منذ العام ١٩٤٨م.

خلاصة القول ان تغيير الوضع الراهن بأيدينا بالدرجة الأولى ونكرر للمرة المليون باننا لن نتقدم نحو انتزاع حقوقنا الا بإنهاء الانقسام والوحدة وبصوت فلسطيني واحد يستند للشرعية الدولية وقراراتها ولثوابتنا الوطنية.

فهل سيستيقظ قادة فصائلنا قبل فوات الأوان؟ لننتظر ونرى … والله المستعان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى