ترجمات أجنبية

فير أوبزرفر – بيل لو – “اتفاق إبراهيم”.. مبالغة على الطريقة الترامبية بدأت تحصد الفشل

فير أوبزرفر –   بيل لو  –  8/9/2020

كان إطلاق اسم “اتفاق إبراهيم” على اتفاق التطبيع الإماراتي الإسرائيلي مبالغة تتماشى جيدا مع نهج رئاسة “دونالد ترامب”، الذي يطغى عليه المبالغة والتضليل.

لكن التوقعات بأن الدول العربية الأخرى ستسارع لتحذو حذو الإمارات لتطبيع العلاقات بسرعة مع (إسرائيل) لم ترق إلى المستوى المطلوب.

وظهرت عيوب مستشار “ترامب” وصهره “جاريد كوشنر” بصفته دبلوماسيا غير عادي يحاول حل أحد أكثر النزاعات استعصاء في العالم في مقابلة أجراها مع صحيفة “ذا ناشيونال” بعد وصوله إلى أبوظبي على متن رحلة “العال” رقم 971، وهي أول رحلة تجارية على الإطلاق إلى دولة خليجية من (إسرائيل).

ووصف صهر الرئيس الاتفاق بأنه “اختراق تاريخي” يبشر بالخير من أجل السلام. وقد شعر بالفعل، ربما، أن التسارع الهائل المتوقع لتحرك الدول العربية لتطبيع العلاقات لم يكن يحدث كما كان متوقعا، ومع ذلك كان متحمسا، وقال: “ليس فقط في الشرق الأوسط، هناك الآن العديد من الدول التي كانت لا تفكر في تطبيع العلاقات مع (إسرائيل)، تفكر الآن في تكوين علاقة والقيام بأشياء لم يفكروا في القيام بها قبل أسبوعين فقط”.

وأضاف: “هناك الكثير من الحسد في المنطقة؛ لأن الإمارات اتخذت هذه الخطوة ولديها الآن إمكانية للوصول إلى التكنولوجيا الزراعية والأمنية الإسرائيلية والفرصة في جذب السياح الإسرائيليين. ولذا ترغب الكثير من الدول في متابعة ذلك الآن”.

•إنجاز غير مسبوق!

وعند تحليل هذين التصريحين، يجعلنا ذلك نسأل هل يعتقد “كوشنر” حقا أنه “قبل أسبوعين فقط” بدأت دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تفكر في علاقاتها مع (إسرائيل)؟، وهل يعتقد أن وصف أولئك الذين لم يقفزوا على متن السفينة على الفور بأنهم يظهرون “الكثير من الحسد” هي الطريقة التي تجعلهم يفعلون ذلك؟

حسنا، يُظهر “كوشنر” الغطرسة والجهل والموقف المتعالي الذي ترى به إدارة “ترامب” العرب؛ حيث تراهم كأصدقاء مطيعين ومشترين متحمسين للأسلحة يمكن استغلالهم.

وكان وزير الخارجية الأمريكي “مايك بومبيو” خرج خالي الوفاض من البحرين وسلطنة عمان، وهما دولتان من دول مجلس التعاون الخليجي كان من المتوقع أن تسيرا على خطى الإمارات؛ نظرا للحالة المالية غير المستقرة لديهما.

كما أنه وجد ردا فاترا في السودان. وكان السعوديون سمحوا لطائرة “العال” بالعبور فوق أراضيهم، للمرة الأولى. لكن رغم لقاء “كوشنر” مع ولي العهد السعودي “محمد بن سلمان” في طريق عودته من أبوظبي، لم يندفع السعوديون للانضمام إلى “الإنجاز التاريخي” أيضا.

وبالفعل، فإن التخلي عن الفلسطينيين تماما مقابل وعد هش من “بنيامين نتنياهو” بتعليق ضم الضفة الغربية هو أمر مقيت للغاية بالنسبة للعديد من القادة العرب، رغم أن بعضهم كان مستعدا بشكل خاص للتوافق مع “كوشنر” في اختلاق ما يسمى بـ”صفقة القرن”، المصممة لمنح الإسرائيليين كل ما يريدونه تقريبا مع حرمان الفلسطينيين من أي دولة قابلة للحياة ومتصلة جغرافيا ومستقلة عاصمتها القدس الشرقية.

وكان من المفترض أن يكون جزء من الاتفاق مع الإماراتيين أن تتسلم الإمارات طائرات “إف-35” الأمريكية المقاتلة، التي سعى إليها ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة حاكم الإمارات الفعلي منذ فترة طويلة “محمد بن زايد”.

ومما أثار استياء “بن زايد” كثيرا أن (إسرائيل) تذرعت بما يُعرف بتفوقها العسكري النوعي لمنعه من امتلاكها. وتم تصميم عرف التفوق النوعي الإسرائيلي لضمان أنه مهما كانت الأسلحة التي تبيعها الولايات المتحدة للدول العربية، فلن يتحدى أي منها التفوق العسكري لـ(إسرائيل). ولدى الإسرائيليين سربان جاهزان للقتال من طائرات “إف-35”.

وبينما توصل “كوشنر” و(إسرائيل) في جزء كبير من الاتفاق للإشارة إلى وجود جبهة مشتركة ضد التهديد الإيراني، فإن الحقيقة البسيطة هي أنه بالرغم من العقوبات، فإن الإمارات، ودبي على وجه الخصوص، تقومان بالكثير من الأعمال التجارية مع إيران منذ عقود. ولم تغير عقوبات “أقصى ضغط” التي يتبعها “ترامب” بأي شكل من الأشكال تلك الحقيقة الصعبة.

•إيماءات كبيرة

ومن بين الإيماءات الكبيرة الأخرى، يأمل “كوشنر” والإسرائيليون في إحضار “بن زايد” إلى واشنطن في سبتمبر/أيلول لتوقيع الاتفاق والاحتفال بما يراه، وسيزعمه “ترامب”، كتابة للتاريخ.

ومع اقتراب الانتخابات من الأسابيع الأخيرة، سيتم الترويج للأمر على أنه انتصار دبلوماسي للرئيس؛ بهدف جذب قاعدته الإنجيلية، ومن هنا جاء الوصف المبالغ فيه.

ويبقى أن نرى ما إذا كان ولي عهد أبوظبي سيوافق على مثل هذه الحيلة الانتخابية الصارخة.

ويستحق الاتفاق أن يتم الاعتراف به على أنه مهم، فقط لأن دولة عربية ثالثة، دولة ذات قوة وتأثير متزايد، تنضم إلى مصر والأردن في الاعتراف بـ(إسرائيل).

لكن ما تعثر فيه “كوشنر” هو محاولة ترويجه وبيعه كشيء آخر غير ما هو عليه. ويقوم الإماراتيون والإسرائيليون بأعمال تجارية لأعوام عديدة، لكن تم القيام بذلك دون تطبيع رسمي يعترف بهذا الوضع.

وفي الوقت الذي يتسبب فيه كورونا في ركود الاقتصاد العالمي، فإنه ينذر بفوائد اقتصادية لكلا البلدين من خلال صفقات الدفاع والطب والزراعة والسياحة والتكنولوجيا التي تجري مناقشتها.

ورغم ذكاء “بن زايد” في التعامل مع رفض بيعه طائرات “إف-35″، لا يزال بإمكانه المطالبة باكتساب نفوذ ومكانة إضافية في واشنطن، وهو وضع من غير المرجح أن يتغير إذا فاز “جو بايدن” بالرئاسة.

وبالنسبة لـ”نتنياهو”، المكاسب أقل وضوحا. وقد تقرر حركة المستوطنين، الغاضبة بالفعل من إخفاقه في تحقيق الضم بحلول 1 يوليو/تموز، أن تعليق ضم الضفة الغربية، وهي خطوة يعتبرونها خيانة، سبب كاف لإسقاطه وفرض انتخابات أخرى. وهذا، في حال خسارته، سيجعله أكثر عرضة من أي وقت مضى لأن تنتهي قضية الفساد المتهم بها أمام المحكمة إلى إدانته وسجنه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى