فورين بوليسي: هكذا تحمي الحكومة اللبنانية تجارة المخدرات لـ “حزب الله”

إيمانويل أوتولينغي ، فورين بوليسي ١٥-٦-٢٠١٨
الولايات المتحدة التي قامت بفرض عقوبات على “حزب الله” لا تزال تدعم مؤسسات الدولة اللبنانية التي يتغلل فيها الحزب أو يسيطر عليها بشكل كامل. هذا الدعم يقوض مساعي البيت الأبيض لكبح مصادر التمويل غير المشروعة للحزب. هذا التناقض موجود في قلب السياسة الأمريكية التي تجري الآن في باراغواي، حيث تحاول السفارة اللبنانية هناك منع تسليم المشتبه به في تمويل “حزب الله”، (نادر محمد فرحات).
وتعتبر أمريكا اللاتينية مسرح عمليات لا غنى عنه بالنسبة لـ “حزب الله”، حيث تنشط شبكاته الإجرامية التي تقوم بتمويل مقاتليه المتواجدين في سوريا ولبنان. وتستضيف باراغواي عمليات غسيل الأموال الكبيرة والمتنامية للحزب، عبر الحدود الثلاثية، حيث تتقاطع باراغواي مع الأرجنتين والبرازيل. وتتصاعد عمليات الحزب على نحو متزايد، بواسطة نشطاءه، الذين ينشطون بتهريب الكوكائين، ويرسل “حزب الله” مسؤولين كبار إلى الحدود الثلاثية لتنسيق هذه الأنشطة.
وأطلقت التحقيقات الفدرالية الأمريكية، بعد أكثر من عقد من الزمن أهمل فيه صناع السياسة في الولايات المتحدة الحدود الثلاثية، عمليات تهدف إلى كشف اللثام عن شبكات “حزب الله” الإجرامية التي تعمل بمليارات الدولارات إلا الحزب قام بالرد مستخدماً نفوذه المحلي من خلال السفارة اللبنانية التي هي من الناحية التقنية، ذراع مؤسسات الدولة اللبنانية التي تريد واشنطن تعزيزها كقوة موازية لـ “حزب الله”.
في 17 أيار، بينما كانت وزارة الخزانة الأمريكية تعلن عن عقوبات جديدة تستهدف “حزب الله”، داهمت سلطات الباراغواي “يونيك إس أي”، محل لصرف العملات يقع على جانب الباراغواي من الحدود الثلاثية وقامت بإلقاء القبض على (فرحات) مالك محل الصرافة، وذلك للأشباه بقيامه بعمليه غسيل أموال تصل إلى 1.3 مليون دولار. ويشتبه بـ (فرحات) على أنه عضو في مجموعة الشؤون التجارية، فرع منظمة الأمن الخارجي التابع لـ “حزب الله”.
وبينما تسعى السلطات الأمريكية لتسليم (فرحات)، بسبب وضوح الأدلة التي تشير إلى أن أنشتطه في غسيل الأموال التي قد أثرت على النظام المالي الأمريكي، ترفض الحكومة اللبنانية ذلك. حيث قام (حسن حجازي)، القائم بالإعمال اللبنانية في “أسونسيون” بتوجيه رسالة إلى المدعي العام في باراغواي يلمح فيها إلى ضرورة رفض باراغواي طلب الولايات المتحدة بتسليم (فرحات).
وبالرغم من مسؤلية حسن حجازي تجاه المواطنين اللبنانيين من خلال تقديم خدمات قنصلية فقط والنأي عن الجرائم المالية، الا أن هذا التدخل في العملية القانونية للبلد المضيف يعد انتهاكا للبروتوكول الدبلوماسي وإشارة مؤكدة على أن وزارة الخارجية في بيروت تعطي أولوية لمصالح “حزب الله” على حساب مصالح لبنان. ولذا، ينبغي على واشنطن وباراغواي، ألا تدعا موضوعاً كهذا، يمر بهدوء. ويجب على السلطات في ” أسونسيون” إعلان (حجازي) شخص غير مرغوب فيه، وإرساله بشكل غير رسمي إلى لبنان. خطوة كهذه، من شأنها أن تبعث برسالة واضحة إلى وزير الخارجية اللبناني (جبران باسيل)، ” يمكنك الحصول على معونة من الولايات المتحدة أو يمكنك تقديم عطاءات لحزب الله. لكنك لا تستطيع أن تفعل كلاهما في الوقت نفسه وتفلت من العقاب”.
وجد المحققون الذين أغاروا على مكان عمل (فرحات) شيكات مؤجلة بملايين الدولارات، صادرة من الشركات بدون كتابة أسماء المستفيدين منها. بعض هذه الشركات، يستورد بضائع ذات علامة تجارية، الأمر الذي يدل أن محل الصرافة كان مقراً تجارياً للمخدرات، يعمل كشبكة غسيل أموال. وللعمل بسهولة، يتواطأ المهربون مع السلطات المحلية، التي نادرا ما تتحقق من السلع الواردة والصادرة التي تعبر الحدود الثلاثية عبر “مطار غواراني الدولي”.
وبالرغم من تعاون سلطات باراغواي، إلا أنها في نفس الوقت تتعرض لضغوطات محلية، الأمر الذي قد يؤدي إلى تبرئة (فرحات) إذا ما تمت محاكمته محلياً، ويوجد تاريخ من الفرص الضائعة لملاحقة عناصر “حزب الله” في الباراغواي.