فورين بوليسي “: كيف خسرت إسرائيل أوروبا؟
مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية – قسم الترجمة – 1/12/2012
كيف فقد بنيامين نتنياهو أصدقاءه في وقت أثر فيهم محمود عباس.
نشرت مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية النافذة مقالا، أمس، بعنوان مثير: “كيف خسرت إسرائيل أوروبا”. رأى فيه الكاتب أنه لم يكن هناك شك كبير في أن الجمعية العامة للأمم المتحدة كانت ستصوت بأغلبية ساحقة لرفع مستوى السلطة الفلسطينية إلى وضع دولة غير عضو بصفة “مراقب”.
وكانت المفاجأة الكبيرة، كما وصفها المقال، أن عددا من الدول الرئيسية في أوروبا الغربية لم تنضم إلى الولايات المتحدة في التصويت ضد القرار.
وكشف أن الجمهورية التشيكية هي الدولة الأوروبية الوحيدة التي صوتت ضد الترقية، في حين أن الحكومات المعروفة عادة بتحالفها القوي مع إسرائيل، وتحديدا ألمانيا وبريطانيا، قررت الامتناع عن التصويت. وهنا يتساءل المقال: “هل هذا يعني أن إسرائيل فقدت أوروبا؟”.
ويرى كاتب المقال أن قرار ألمانيا “المستغرب” في التحول من معارضة خطوة الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى الامتناع عن ذلك، يرجع إلى معضلة استمرار إسرائيل في بناء للمستوطنات في الضفة الغربية وإنقاذ مصداقية عباس أمام تزايد قوة تأثير حماس.
وقد شكل هذا القرار صدمة للإسرائيليين، وخاصة بالنظر إلى العلاقة التاريخية بين ألمانيا والكيان العبري. فرغم أن ألمانيا تحب أن تقدم نفسها كأقوى حليف لإسرائيل في أوروبا، إلا أن العلاقة بينهما، كما يرى كاتب المقال، كانت في كثير من الأحيان هشة، بسبب التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية.
وفي الوقت نفسه، اتسمت علاقات فرنسا مع إسرائيل بعدم الارتياح لأكثر من عقد من الزمان. ففي فترة ساركوزي، كانت فرنسا المدافع القوي عن عضوية فلسطين في اليونسكو، مما دفع حينها الولايات المتحدة غاضبة إلى حجب مساهمتها السنوية للمنظمة (والتي تتخذ من باريس مقرا لها)، وتقدر بحوالي 80 مليون دولار. كما عبرت واشنطن عن عدم رضاها عن هذه الخطوة بعبارات لا لبس فيها.
ولم تؤثر هذه “الضربة” المالية للمنظمة في قرار خليفة ساركوزي، الرئيس الفرنسي الجديد، فرانسوا هولاند، في دعمه للفلسطينيين في الأمم المتحدة. كما أوضح “هولاند” أن قضية المستوطنات هي من أولويات حكومته. “وهي تؤدي إلى تآكل بناء الثقة بين الجانبين وتشكل عقبة أمام السلام العادل، على أساس حل الدولتين”، وفقا لبيان وزارة الخارجية الفرنسية خلال الشهر الماضي..
في لقاء أواخر شهر ديسمبر مع نتنياهو في باريس، صرح “هولاند” أن البلدين قد ” اختلفا حول قضية الاستيطان، ونحن نريد أن نرى توقفا في هذا”.
وقد أعلن هذا الأسبوع أنه سيدعم خطوة عباس. وكان موقفه ضد “الدولة اليهودية” مذهلا، حسب وصف المقال، خاصة بالنظر إلى “تنامي العنف المعادي للسامي الذي هز فرنسا في السنوات الأخيرة، مما اضطر باريس والقدس للتعامل بصورة مشتركة مع هذا الاتجاه المقلق”.
مع ضغط فرنسا من أجل إقامة دولة فلسطينية، ونأي ألمانيا بنفسها، إلى حد كبير، عن المعركة، فإن حكومات أوروبية أخرى صوتت أيضا لصالح خطوة عباس.
ووفقا لدبلوماسي أوروبي على دراية جيدة بالسياسة الخارجية لإسبانيا، فقد استغل هولاند من الاقتصاد الاسباني الضعيف لدفع مدريد للتصويت لترقية فلسطين في الأمم المتحدة. وأشار الدبلوماسي إلى أن إسبانيا قد انضمت إلى فرنسا بمعية إيطاليا والبرتغال، في مقابل الحماية الفرنسية خلال الجولات المقبلة من المحادثات حول سياسات التقشف.
وأفاد الدبلوماسي أيضا أن إسبانيا تسعى للحصول على مقعد في مجلس الأمن، وأن التصويت قد يكون وسيلة لكسب دعم الدول العربية.
وكان يمكن لإسرائيل الاعتماد على الدعم القوي لرئيس الوزراء الإيطالي السابق “سيلفيو برلسكوني”، ولكن هذا أصبح غير ممكن مع خليفته “ماريو مونتي”، حيث منح دعم حكومته للخطوة الفلسطينية.
كما إن حرب إسرائيل ضد غزة الشهر الماضي كان لها أيضا تأثير في صناع القرار على مستوى الاتحاد الأوروبي. حيث رأوا في تجاهل نتنياهو لمنظمة التحرير الفلسطينية تعزيزا لقوة حماس المتزايدة ولترسانتها العسكرية على حدود إسرائيل الجنوبية، ويقول مسؤولون إسرائيليون في هذا السياق إن الأوروبيين أرادوا أن يمنحوا بهذا الدعم لحظة مصداقية للرئيس عباس أبومازن في مواجهة تزايد قوة تأثير حماس.