ترجمات أجنبية

فورين بوليسي» – صاروخ جديد ضخم لكوريا الشمالية يوجه رسالة إلى واشنطن

مجلة «فورين بوليسي» –  بقلم مورتن سوندرجارد لارسن – 10/10/2020

المقال يتناول العرض العسكري الذي أُقِيم احتفالًا بالذكرى السنوية الخامسة والسبعين لتأسيس الحزب الشيوعي، وتعمدت بيونج يانج، عاصمة جمهورية كوريا الشمالية، إظهار مخالبها وسعيها إلى تعزيز الدعم المحلي للنظام القائم في البلاد، علاوةً على توجيه رسالة قوية للرئيس القادم في واشنطن.

كوريا الشمالية أماطت اللثام عن صاروخ باليستي جديد عابر للقارات يوم السبت في عرض عسكري لإحياء الذكرى الخامسة والسبعين لتأسيس حزب العمال الكوري، في إشارة إلى واشنطن بأن النظام ملتزم بتعزيز قدراته الهجومية البعيدة المدى، على الرغم من التواصل الدبلوماسي مع الولايات المتحدة، والذي شهد سنوات من المد والجزر.

ويُعتَقد أن الصاروخ الجديد، الذي توَّج العرض العسكري الذي اُقيم في الصباح الباكر، واحد من أكبر الصواريخ الباليستية العابرة للقارات في العالم. وقد حُمِل الصاروخ الجديد، الذي يعمل بالوقود السائل، على شاحنات ذات 22 عجلة، ومن المحتمل أن يكون لديه القدرة على حمل رؤوس حربية نووية متعددة تتجاوز الحدود القارية للولايات المتحدة.

ومن جانبه قال بروس كلينجنر، نائب رئيس وكالة المخابرات المركزية السابق في كوريا، الذي يعمل الآن في مؤسسة هيريتيج: «إنه أمر مقلق للغاية». وأشار إلى أن كوريا الشمالية أظهرت أيضًا القدرة على صنع المزيد من المنصات الضخمة اللازمة لإطلاق الصواريخ الجديدة. وأضاف كلينجنر: «وهذا تطور مقلق؛ لأنه سيُمكِّن كوريا الشمالية من نشر المزيد من الصواريخ الباليستية العابرة للقارات؛ الأمر الذي يعطيها ميزة شن ضربة أولى أكبر، أو توجيه ضربة ثانية انتقامية تتناسب مع قوة دولة نووية».

هدفان رئيسان للصاروخ الجديد

في حين أن الصاروخ الجديد أكبر وأكثر قدرة من سابقه، ونقصد بذلك الصاروخ هواسونج-15، إلا أنه لم يزل يعمل بالوقود السائل؛ مما يجعله أكثر عرضة للخطر من الصواريخ التي تعمل بالوقود الصلب عند الإطلاق. ومع ذلك فإن طرحه يخدم هدفين رئيسين.

يقول جو ميونج هيون، زميل أول في معهد آسان «ASAN» لدراسات السياسة في سيول: «إنها رسالة تحذير لـرئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب، بأنه إذا أُعِيد انتخابه، يجب أن يستأنف المفاوضات مع كوريا الشمالية، ثم في الوقت نفسه إنها رسالة إلى المرشح الديمقراطي جو بايدن بأن كوريا الشمالية يجب أن تُوضَع على رأس أولويات السياسة الدولية لبايدن».

ويضيف هيون: «أن كيم جونج أون، زعيم كوريا الشمالية، مهتم للغاية بعلاقاته الشخصية والدبلوماسية مع ترامب، ولذلك يود أن يرى ترامب فائزًا في الانتخابات. ولكن إذا كانوا يعتقدون أن هناك فرصة أكبر لفوز بايدن، فعليهم التحوط في رهاناتهم، وهذا يعني طرح الصواريخ البالستية العابرة للقارات الجديدة». وأظهر العرض أيضًا التقدم الحادث في القدرات التقليدية لكوريا الشمالية، بما في ذلك الدروع الواقية للبدن ودبابة قتالية رئيسة جديدة.

كوريا الشمالية تتجنب تجاوز الخطوط الحمراء

على العكس من السنوات الماضية، قدَّمت كوريا الشمالية عرضها العسكري هذا العام على استحياء؛ إذ أجْرَته في جنح الظلام عند منتصف الليل عندما تكون صور الأقمار الصناعية أقل فعالية، وعندما يكون أي أجنبي في العاصمة على الأرجح نائمًا. وشاهد المراقبون الذين تابعوا البث الإذاعي الرسمي لكوريا الشمالية صباح يوم السبت أفلامًا وثائقية اُعيد تدويرها عن كيم إيل سونج، جد كيم ومؤسس الأمة نفسها. وخلال تلك المهلة الزمنية حظي النظام بالقدرة على عرض الصور المعدَّلة فقط من العرض، بدلًَا عن البث المباشر؛ مما سمح للمحررين بتسليط الضوء على الجوانب الإنسانية للعرض، مثل المتفرجين والجنود الذين يبكون ويصرخون أثناء إلقاء كيم لخطابه.

ويضيف الكاتب أن العرض قدَّم للنظام فرصة لعرض قدرات جديدة دون تجاوز أي خطوط حمراء دولية من خلال إجراء الاختبارات. وتجنب كيم في خطابه أي إشارة إلى الولايات المتحدة، وشدَّد على أن الترسانة المتنامية تهدف إلى الردع الدفاعي.

رسائل العرض العسكري ورد فعل أمريكا

 رد الفعل الأولي للحكومة الأمريكية على أنظمة الصواريخ الجديدة كان التزام الصمت، وتَرْك الباب مفتوحًا أمام إجراء مفاوضات مستقبلية بشأن نزع السلاح النووي بعد اجتماعات القمة التي عقدها ترامب وجهًَا لوجه مع كيم. يقول جون سبل، المتحدث باسم البنتاجون: «نحن على دراية بالتقارير المتعلقة بالعرض. وتحليلنا للأمر مستمر ونتشاور مع حلفائنا في المنطقة».

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية: «إنه لأمر مخيب للآمال أن نرى جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية (الشمالية) تواصل إعطاء الأولوية لبرنامجها النووي والصواريخ الباليستية المحظورة». وأضاف المتحدث أن الولايات المتحدة «لم تزل تسترشد بالرؤية التي أطلقها الرئيس ترامب والرئيس كيم في سنغافورة، وتدعو جمهورية كوريا الشمالية إلى الانخراط في مفاوضات مستدامة وموضوعية لتحقيق نزع السلاح النووي بالكامل».

لكن العرض العسكري لم يكن مُوجَّهًا إلى واشنطن فقط. وكان الاستعراض الهائل للقوة يهدف بالمثل إلى تذكير الشعب الكوري الشمالي بقوة النظام في بيونج يانج، بعد عام مرهق تركت فيه جائحة فيروس كورونا المُستجد البلاد أكثر عزلة من المعتاد، وكانت العقوبات قاسية، وضرب عديد من الأعاصير المناطق الريفية؛ ما أثار المخاوف من حدوث نقص شديد في الأمن الغذائي.

وفي هذا الصدد يقول دانيال بينكستون، الأستاذ في جامعة تروي المقيم في مدينة سيول، عاصمة كوريا الجنوبية: «تمثل هذه العروض العسكرية، التي تراها الناس والتنظيمات الجماهيرية للمواطنين والوحدات العسكرية وما إلى ذلك، بالنسبة للمواطنين شعورًا بالفخر والقومية. وبالنسبة لسكان الريف،يُمثل هذا الأمر شيئًا ذا قيمة كبيرة». وأضاف بينكستون: «أعتقد أن الإشارات التي تبعثها هذه العروض للداخل هي جزء من الإجراءات التي يتخذها النظام للبقاء في السلطة».

وهذا هو السبب في أن العرض يحتفل بتأسيس حزب العمال الكوري وثلاثة أجيال من إنجازات عائلة كيم بدلًا عن الاحتفال بمولد الأمة: إن سيطرة كيم على البلاد مرتبطة على نحو لا ينفصم بسيطرته المستمرة على الحزب.

إن العرض يمثل طبيعة النظام، كسائر الأنظمة الشيوعية الأخرى. وهذا هو السبب في أن الاحتفال بتأسيس الحزب يُعد أكثر أهمية «من تأسيس الأمة».

نشر هذا المقال تحت عنوان  :  

North Korea’s Huge New Missile Sends a Message to Washington

الكاتب  Morten Soendergaard Larsen

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى