فورين بوليسي – بقلم نيري زيلبار – نهاية الطريق لبيبي ؟
«فورين بوليسي» – بقلم نيري زيلبار – 22/12/2020
قال نيري زيلبار في مقاله المنشور في مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية ، إن إسرائيل تتجه إلى انتخابات عامة رابعة في غضون عامين، بعد أن حل البرلمان نفسه يوم الثلاثاء، مما أدى إلى انهيار حكومة يمين الوسط عمرها سبعة أشهر، بقيادة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ومنافسه الرئيسي وزير الدفاع، بيني جانتس.
وأوضج زيلبار أن السبب المباشر هو فشل الحكومة في إقرار ميزانية الدولة، الأمر الذي أدى بموجب القانون إلى انتخابات جديدة. جرى التصويت على التمديد لمدة 11 ساعة في البرلمان في وقت متأخر من يوم الاثنين، بمساعدة أعضاء منشقين من حزب نتنياهو اليميني، حزب الليكود، وتحالف جانتس،«أزرق أبيض». من المقرر مبدئيًّا إجراء الانتخابات في أواخر مارس (آذار).
نتنياهو يرفض الالتزام بتعهداته
السبب الحقيقي وراء سقوط الحكومة، وفقًا للمحللين، هو عدم رغبة نتنياهو في التنازل عن رئاسة الوزراء لجانتس في نوفمبر (تشرين الثاني) 2021، كما هو منصوص عليه في اتفاق الائتلاف الذي جرى التوصل إليه في وقت سابق من هذا العام. وفقًا لتفاصيل الاتفاق، فالسبيل الوحيد لنتنياهو لإلغاء شراكته مع جانتس وعدم التنازل عن منصب رئيس الوزراء هو عدم تمرير الميزانية.
ويعتقد على نطاق واسع أن نتنياهو يسعى للحصول على أغلبية برلمانية جديدة من شأنها أن تؤجل، أو توقف تمامًا، الإجراءات الجنائية ضده في سلسلة من تهم الرشوة والفساد. ومن المقرر أن تبدأ مرحلة الإثبات في محاكمته في فبراير (شباط).
قال يوهانان بليسنر، رئيس معهد إسرائيل للديمقراطية، وهي مؤسسة فكرية مستقلة، لمجلة «فورين بوليسي»: «هدف نتنياهو هو البقاء في السلطة طوال فترة محاكمته. الأزمة السياسية لن تنتهي حتى يستبدل نتنياهو أو ينجح في محاولته لوقف المحاكمة».
بهذه المناورة، بدا أن نتنياهو يتراجع عن الوعود التي قطعها في وقت سابق من هذا العام عند تشكيل حكومة الطوارئ مع جانتس، ظاهريًّا لمعالجة التداعيات الاقتصادية والصحية لوباء فيروس كورونا.
كان نتنياهو قد تعهد في مارس الماضي خلال مناشدة متلفزة لجانتس لحثه على الوحدة بعد انتخابات ثالثة غير حاسمة في غضون 15 شهرًا: «لن تكون هناك أي خدع. بل العكس: ملايين المواطنين ينتظروننا يا بيني. يتوقعون منا أن نعمل معًا لإنقاذ دولة إسرائيل من أكبر أزمة عالمية، ربما تكون أكبر من جميع ضحايا حروبنا. أقول هذا من أعماق قلبي».
قبل جانتس العرض – يؤكد زيلمار – متراجعًا عن وعده الانتخابي الأساسي بعدم الانضمام إلى حكومة مع نتنياهو. لكن شراكتهما بدأت تتفكك بسرعة، حيث انتهك نتنياهو روح الصفقة ونصها.
كبار وزراء الليكود رفضوا جانتس علنًا وأوضحوا أنه لن يتولى منصب رئيس الوزراء في منتصف فترة ولاية الحكومة، بغض النظر عما جرى الاتفاق عليه. أخفى نتنياهو عن جانتس ونائبه الرئيسي، وزير الخارجية جابي أشكنازي، التطورات الرئيسية، بما في ذلك اتفاقيات التطبيع التي أبرمت مع العديد من الدول العربية في الأشهر الأخيرة. جرى تفادي أزمة ائتلافية بشأن الموافقة على الميزانية بصعوبة – ومعها انتخابات مبكرة – في أواخر الصيف فقط من خلال حل وسط أدى إلى تأجيل اتخاذ القرار لمدة ثلاثة أشهر.
في تصريحات يوم الاثنين أثناء اجتماعه مع مستشار الرئيس الأمريكي، جاريد كوشنر، ألقى نتنياهو باللوم على جانتس لتقويض الحكومة من الداخل وقيادة إسرائيل إلى «انتخابات غير ضرورية» في خضم جائحة فيروس كورونا. كما اتهم نتنياهو حزب «أزرق أبيض» بفرض «ثورة بيروقراطية» على البلاد، في إشارة إلى دفاع الحزب عن السلطات القضائية التي تقاضي الآن رئيس الوزراء. وقال نتنياهو، في ما بدا أنه رسالة حملته الانتخابية: «لا يمكننا السماح لعناصر يسارية بدوس ديمقراطيتنا».
عقبات تواجه نتنياهو
يواجه نتنياهو العديد من التحديات قبل هذه الانتخابات الرابعة منذ أبريل (نيسان) 2019 – يشدد زيلمار – بما في ذلك مشكلاته القانونية، ورئيس أقل دعمًا في البيت الأبيض اعتبارًا من الشهر المقبل، وركودًا عميقًا بسبب قيود فيروس كورونا المستمرة. ومع ذلك، بدا أن الزعيم الإسرائيلي يبدي الثقة.
في الأيام الأخيرة، روج للقاحات كوفيد-19 التي بدأت إسرائيل في توزيعها و«اتفاقيات السلام الأربع في أربعة أشهر» التي رعتها إدارة ترامب. كما صور نتنياهو نفسه على أنه الزعيم الإسرائيلي الوحيد الذي يمكنه التعامل مع تهديد البرنامج النووي الإيراني. يتقدم حزبه الليكود في استطلاعات الرأي، وما يزال يُنظر إليه شخصيًّا على أنه المرشح الأنسب لرئاسة الوزراء.
لكن تمردًا في حزبه الليكود سيجعل من الصعب على نتنياهو الفوز هذه المرة، مما يزيد من احتمال تشكيل ائتلاف حاكم بديل بدونه.
انشق جدعون سار، وهو سياسي شهير وناقد لنتنياهو، عن الليكود في وقت سابق من هذا الشهر وشكل حزبه الخاص، الأمل الجديد، مما أدى إلى عدة انشقاقات أخرى. حلفاء آخرون لنتنياهو سابقون مثل نفتالي بينيت (يمينا) وأفيجدور ليبرمان (إسرائيل بيتنا)، وكلاهما وزيرا دفاع سابقين، من المقرر أيضًا أن ينشقا عن الليكود.
قال مصدر كبير في المعارضة لمجلة «فورين بوليسي»: «اليمين ممزق كما لم يحدث من قبل، هناك فوضى كاملة في النظام، وكتلة نتنياهو من الأحزاب (باستثناء الأرثوذكس المتطرفين) لم تعد موجودة».
ومن المتوقع أن يعاقب ناخبو اليسار والوسط حزب جانتس (أزرق أبيض)، وحزب العمل لانتهاكهما الوعود الانتخابية والانضمام إلى ائتلاف نتنياهو. لكن حزب «يش عتيد» الذي يتزعمه زعيم المعارضة يائير لابيد، ما يزال قويًّا، ويقود معسكر يسار الوسط، ويمكن أن ينضم إلى الفصائل اليمينية لإطاحة نتنياهو.
وأضاف المصدر المعارض: «الحكومة التي يرغب معظم الناس في رؤيتها تضم لبيد، سار، ليبرمان، وبينيت. إنهم يتعاونون ويعملون معًا بشكل جيد، ويتفقون على أشياء كثيرة، وحتى الأشياء التي لا يتفقون عليها يجدون طرقًا لحلها». وحول السؤال الشائك حول من سيقود مثل هذه الحكومة، أشار المصدر إلى أن رئاسة الوزراء ستؤول إلى رئيس أكبر حزب، بشرط تفوقه بعدد كبير من المقاعد.
ومع ذلك، سيستغرق الأمر عدة أسابيع حتى تتجلى التحالفات الحقيقية للمعركة.
تغير محتمل في خارطة التحالفات
جرى اقتراح شخصيات جديدة تدخل المشهد، مثل رئيس بلدية تل أبيب القديم، رون هولداي، أو جادي إيزنكوت، رئيس أركان الجيش المتقاعد حديثًا. قد تنقسم القائمة المشتركة، وهي عبارة عن تحالف لأربعة فصائل سياسية عربية إسرائيلية، مرة أخرى بعد فوزها بثالث أكبر عدد من المقاعد في الكنيست المنتهية ولايته. إنه سؤال مفتوح حول ما إذا كان «أزرق أبيض» سيبقى، وما إذا كان جانتس سيستمر في الحياة السياسية.
قال تال شاليف، مراسل «والا نيوز» لموقع «فورين بوليسي»: «ستكون الخريطة التي نراها اليوم مختلفة تمامًا عن تلك التي ظهرت في نهاية الانتخابات». وأضاف أن هذا ينطبق بشكل خاص على يسار الوسط، وأضاف:
«من السابق لأوانه الشعور بخيبة الأمل من جانبهم؛ فالأصوات التي تظهر في استطلاعات الرأي التي تظهر تفوق الأحزاب اليمينية يمكن أن تعود إلى اليسار إذا خلق المنصات الصحيحة، وبالطبع لا يمكن استبعاد نتنياهو».
وقال شاليف: «الشائع هو أن نتنياهو في ورطة بسبب أرقام الاستطلاع الحالية وبسبب انشقاق سار. لكنه بصفته رئيسًا للوزراء لديه سيطرة كاملة على أجندة الحملة. وما حدث العام الماضي (بنقض جانتس قسمه بعدم الجلوس مع نتنياهو) يجب أن يكون ضوء تحذير فيما يتعلق بالوعود التي يقطعها السياسيون الإسرائيليون».
قال نتنياهو مازحًا في بداية تصريحاته يوم الاثنين مع كوشنر: «ها نحن ذا مرة أخرى»، في إشارة إلى احتمال إجراء انتخابات أخرى.
وجد الجمهور الإسرائيلي أن الخلل الوظيفي والاضطراب الذي حدث في العامين الماضيين أقل إمتاعًا، وفقًا لكل مقياس تقريبًا للثقة في الحكومة. اتهم النقاد والسياسيون المعارضون رئيس وزراء إسرائيل الأطول خدمة باحتجاز دولة بأكملها رهينة نزواته السياسية والشخصية. وكما قال بليسنر، من المعهد الإسرائيلي للديمقراطية: «لا يوجد خيال سياسي كافٍ لوصف الواقع السياسي».