ترجمات أجنبية

فورين بوليسي- بقلم ستيفن إم والت – 10 طرق يصبح ترامب ديكتاتوراً ، طبعة إنتخابية

فورين بوليسي – بقلم   ستيفن إم والت – 8/9/2020

كلما اقترب الرئيس من يوم الانتخابات ، زاد التهديد الذي يمثله على الديمقراطية الأمريكية.

كلما اقترب الرئيس الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، من يوم الانتخابات، زاد التهديد الذي يشكِّله على الديمقراطية الأمريكية، تلك خُلاصةٌ استنتجها ستيفن إم والت  ، أستاذ العلاقات الدولية في مركز روبرت ورينيه بيلفر بجامعة هارفارد، في مقالٍ مطول نشرته مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية، والذي يقدِّم فيه الكاتب تقييمًا حديثًا لقائمة من إشارات التحذير التي تبرهن على ديكتاتورية الرئيس الأمريكي.

يستهل الكاتب مقاله بالإشارة إلى أن المراقبين الجادين يشعرون بالقلق إزاء هشاشة النظام الديمقراطي في الولايات المتحدة، وميول دونالد ترامب الديكتاتورية الواضحة للغاية، حتى قبل أن يؤدي ترامب اليمين الدستورية في عام 2017م.

ولا يعود ذلك جزئيًّا لنرجسيته الواضحة وازدرائه للحقيقة فحسب، بل لأنه كان أيضًا على استعداد للاستخفاف بالقواعد الراسخة منذ زمن طويل، ولسجله الحافل في الاحتيال والتعاملات التجارية المشبوهة، وإعجابه الواضح بالحكام المستبدين في بلدان أخرى.

وقد ساهم وصول ترامب للسلطة في رواج كتب مثل «كيف تموت الديمقراطيات» و«في الطغيان: عشرون درسًا من القرن العشرين»، في حين بدأ الصحافيون والعلماء السياسيون (بما في ذلك كاتب المقال) في تجميع قوائم لـ «إشارات التحذير (نوع من إشارات المرور التي تشير إلى خطر قادم على الطريق قد لا يكون واضحًا بسهولة للسائق)» التي تشير إلى الاستبداد الزاحف.

يقول الكاتب: حين أسترجعُ الماضي أجد أنني كنتُ مُفْرِطًا في التفاؤل؛ كنتُ على يقين من أن ترامب سيكون سيئًا في إدارة السياسة الداخلية والخارجية للبلاد على حد سواء، وكنتُ محقًّا في هذا الصدد، ولكنني اعتقدتُ أن عمره ومدى انتباهه المحدود، وافتقاره إلى المعرفة، وغير ذلك من العوائق من شأنها أن تحِدَّ من قدرته على تثبيت دعائم سلطته. وعلى النقيض من بعض المتفائلين، لم أتوقع منه أن يرقى إلى مستوى مسؤوليات المنصب، ولكنني ظننتُ أن نظام الضوابط والتوازنات في نظامنا الدستوري سيكبح جماحه بالقدر الكافي لحماية السمات الأساسية للديمقراطية الأمريكية. وكم كنتُ مخطئًا.

كنتُ أعلم أن المستبدين المحتملين نادرًا ما يغيرون موقفهم ويصبحون ملتزمين بالمساءلة الشخصية، أو سيادة القانون، أو الانتخابات النزيهة، لكن ما فشلتُ في توقُّعه هو أن طموحات ترامب الاستبدادية ستزداد سوءًا كلما طالت مدة جلوسه في المكتب البيضاوي، وأن قدرته على السعي وراء تحقيق تلك الطموحات سيزداد بمجرد أن تسنح له الفرصة لاستبدال أذناب الانتهازيين ومنظرين متعطشين للسلطة بأي شخص يتمتع بالنزاهة والالتزام الصادق وفاءً بقَسَم الدفاع عن الدستور.

لدى ترامب الآن الحوافز الكافية لبذل ما في وسعه للبقاء في السلطة، حتى لو كان ذلك بهدف إنقاذ نفسه وعائلته من السجن فحسب، وتجنب خسارة المكاسب غير المشروعة التي تحققت طوال حياته الرئاسية من الصفقات التجارية المشكوك فيها قانونًا، ناهيك عن ملايين الدولارات التي جمعها من التربح الذاتي الذي انغمس فيه بصفته رئيسًا للبلاد.

ويشير الكاتب إلى أنه حدَّث أبرز 10 إشارات تحذيرية في مناسبتين سابقتين، ولكن مع اقتراب الانتخابات، بَدَت اللحظة مناسبة لإجراء تقييم آخر.

ومن ثم ينتقل الكاتب إلى رصد الإشارات التحذيرية العشرة:

1- جهود منهجية لترهيب وسائل الإعلام

يرى الكاتب أن هذا الأسلوب كان سمة ثابتة لرئاسة ترامب منذ البداية، سواء في شكل تغريداته المستمرة حول «الأخبار الكاذبة»، ومحاولاته المعلنة لتهديد أصحاب وسائل الإعلام التي لا يحبها (مثل شبكة «سي إن إن » أو صحيفة «واشنطن بوست»). وقد اعترف وفقًا للتقارير لمراسلة شبكة «سي بي إس» ليزلي ستال، بأنه هاجم الصحافة عمدًا. وقال: «أتعلمين لماذا أفعل ذلك؟»، حسبما ذكرت شبكة «بي بي إس» لاحقًا، «أفعل ذلك لتشويه سمعتكم والتقليل من شأنكم جميعًا، حتى لا يُصدِّقكم أحد عندما تكتبون قصصًا سلبية عني».

وهذه الجهود مستمرة حتى يومنا هذا؛ ففي مايو (أيار)، على سبيل المثال، وقَّع ترامب على أمر تنفيذي يسمح للحكومة بالإشراف على الخطاب السياسي على الإنترنت، وهي الخطوة التي جاءت في الأسبوع نفسه الذي أضاف فيه موقع «تويتر» علامة «تدقيق الحقائق» تحت اثنتين من تغريداته الخاطئة، لكن هذا ليس كل شيء.

زادت الإدارة من الملاحقات القضائية المتعلقة باستخدام الصحافيين لمعلومات سرية، وفتَّشت أجهزتهم الإلكترونية، وراقبت تحركات المراسلين، ورفَعَت حملة إعادة انتخاب ترامب دعوى قضائية ضد «نيويورك تايمز» و«سي إن إن» ومؤسسات إخبارية أخرى بتهمة التشهير.

وقد يكون وصف ترامب المتكرر للصحافة بأنها «عدو الشعب» ألهم المتابعين لتهديد المؤسسات الإخبارية، وشجَّع الاعتقالات والهجمات على الصحافيين الذين يغطون المظاهرات الأخيرة في عدة مدن أمريكية. وكما قال كريس والاس من شبكة «فوكس نيوز» الموالية لترامب في العادة، إن «الرئيس ترامب منخرط في أكبر هجوم مباشر على حرية الصحافة في تاريخنا».

2- بناء شبكة إعلامية رسمية مؤيدة لترامب

ينوه الكاتب إلى عدم صحة تقارير سابقة أشارت إلى أن ترامب (أو أحد أبنائه) كان سيُطلق شركته الإعلامية الخاصة، ولكن يستدرك أنه أوضح في تقييماته السابقة أن الرئيس لا يحتاج إلى شركة إخبارية خاصة في وقتٍ تعمل فيه شبكة «فوكس نيوز» تحت إِمْرة معسكره تقريبًا، ويعمل مذيع «فوكس نيوز» الشهير، شون هانيتي، مستشاره الشخصي المقرب، وتقف شبكة «وان أمريكا نيوز نتورك» الأكثر تعصبًا في صفه.

يمكن لترامب أيضًا الاعتماد على المضيف الإذاعي، راش ليمبو، (الذي منحه وسام الحرية الرئاسي العام الماضي) لترديد أي زيف جديد يختار الرئيس أن ينشره على «تويتر» (مثل إخبار مستمعيه بأن فيروس كورونا كان مجرد «نزلات برد مألوفة»، وأنها مؤامرة يسارية لإسقاط ترامب). وتساءل الكاتب: مَنْ يحتاج إلى صحيفة «البرافدا» (أكبر صحف العالم توزيعًا خلال الفترة السوفيتية) إذا كان لديه المذيع ليمبو؟

3- تسييس كل ما هو عسكري

يتابع الكاتب: قد يكون الرئيس قائدًا عامًا ورئيسًا للسلطة التنفيذية، لكن الجنود وموظفي الخدمة المدنية يقسمون اليمين على احترام الدستور، وليس احترام الفرد؛ وهو مبدأ تجاهله ترامب عندما حاول إقناع المسؤولين الحكوميين بالتعبير عن «ولائهم» له شخصيًّا، وقاد اجتماعات وزارية يَكِيل الحاضرون فيها له الثناء بطريقة متملقة.

انسحاب القوات الأمريكية من ألمانيا.. هل تعود النزعة العسكرية الألمانية؟

ويلفت الكاتب إلى أن ترامب استبدل وليام بار بالمدعي العام جيف سيشنز بعد أن أظهر الأخير درجة معينة من النزاهة، مشيرًا إلى أن التزام بار الشديد بمبدأ السلطة التنفيذية وما نتج منه من استعداد لحماية الرئيس وحتى الكذب نيابةً عنه جعل ولاء المدعي العام السابق روبرت كينيدي لأخيه جون، وكذلك ولاء المدعي العام السابق جون ميتشل للرئيس السابق ريتشارد نيكسون، يبدوان وكأنهما أمر عجيب. وفي كل الأحوال، فإن هذا أمر بسيط للغاية من الإيمان بالسلطة الكاملة للرئيس على السلطة التنفيذية، إلى الرؤية القائلة بأنه لا بد وأن يكون فوق حكم القانون تمامًا، وهذا ما يحبه ترامب ويطرب له.

وقد اتخذت هذه الجهود منعطفًا أكثر جدية مؤخرًا؛ حيث عيَّن ترامب موالين غير مؤهلين محل مسؤولين ذوي خبرة، مثل تعيين السفير السابق لدى ألمانيا، ريتشارد جرينيل، مديرًا بالإنابة للاستخبارات الوطنية، والضغط على البحرية للتراجع عن قرار إعادة قائد حاملة الطائرات يو إس إس ثيودور روزفلت.

وكذلك كان استخدام الغاز المسيل للدموع والموظفين الفيدراليين لإجلاء المتظاهرين عن ساحة لافاييت في واشنطن؛ لتهيئة المكان لترامب لالتقاط صورة، وحضور رئيس هيئة الأركان المشتركة مارك ميلي، ووزير الدفاع مارك إسبر مع تلك المجموعة (سوء تقدير اعتذر عنه ميلي لاحقًا) هي حالة أخرى حاول فيها ترامب تحويل المؤسسات غير الحزبية إلى جزء من بطانته.

أخيرًا، فإن الحملة الأخيرة لتقييد المفتشين العامين المستقلين أو عزلهم، في وزارات الخارجية، والدفاع، والصحة، والخدمات الإنسانية، والنقل، وفي أجهزة الاستخبارات، تبدو وكأنها نوع من الانتقام السياسي (على سبيل المثال، في حالة المفتش العام الذي أرسل تقرير المبلغ عن المخالفات، الذي يزعم أن ترامب حاول حمل أوكرانيا على البحث عن مخالفات لنائب الرئيس السابق، جو بايدن، من خلال حجب المساعدات الأمريكية) أو الرغبة في حماية كبار المسؤولين من التدقيق المستقل. وفي كلتا الحالتين، كانت تلك إشارة أخرى على أن ترامب يعتقد أن الأجهزة الحكومية تعمل لصالحه، وليس لصالح دافعي الضرائب الأمريكيين.

4- استخدام المراقبة الحكومية ضد الخصوم السياسيين المحليين

وينفي الكاتب معرفته بشأن ما إذا كان ترامب يستخدم مكتب التحقيقات الفيدرالي أو وكالة الاستخبارات المركزية أو غيرها من قدرات المراقبة للتجسس على حملة بايدن، أو لمراقبة المعارضين السياسيين الآخرين. لكننا نعلم أن الحكومة الفيدرالية راقبت الأشخاص الذين يحتجون على سياسات الهجرة الخاصة بالإدارة، وهدَّد ترامب بإعلان حركة «أنتيفا»، التي تضم عديدًا من الجماعات وليس لها هيكل قيادة، منظمة إرهابية؛ مما قد يسمح لوكالات الأمن المحلية بإجراء المزيد من المراقبة الواسعة على الاحتجاجات المناهضة لترامب.

ويؤكد الكاتب أن ترامب وحلفاءه ليسوا بمنأى عن استخدام المؤسسات الحكومية لتعزيز الحظوظ السياسية الشخصية للرئيس، وفي بعض الأحيان لا يستحون من فعل ذلك. وهكذا، قال السيناتور الجمهوري، رون جونسون، لمحطة إذاعية محلية إن تحقيقات مجلس الشيوخ التي لا أساس لها في أنشطة هانتر بايدن في أوكرانيا، من شأنها أن «تساعد دونالد ترامب في إعادة انتخابه».

5- استخدام سلطة الدولة لمكافأة المؤيدين ومعاقبة المعارضين

يوضح الكاتب أن عناوين الأخبار نادرًا ما تتناول الفساد العميق لإدارة ترامب، وأن ترامب وعائلته يستخدمون مناصبهم الرفيعة لإثراء أنفسهم بطرق مختلفة. وفي بعض الأحيان تكون هذه العلاقات المتشابكة مضحكة، كما حدث عندما طلبت مؤسسة ترامب التجارية من إدارة ترامب الرئاسية، إجراء تعديلات على شروط الإيجار الذي بموجبه هناك مدفوعات مستحقة يدين بها المبنى الذي يضم فندق ترامب إنترناشونال في واشنطن لإدارة الخدمات العامة.

لماذا رفض ترامب ارتدائها من قبل؟ لهذه الأسباب يقاوم المحافظون الكمامات

ومع ذلك، هناك أمثلة أخرى أكثر خطورة: وفقًا لدراسة حديثة أجراها «معهد بروكنجز»، شَابَ استجابة الإدارة لجائحة فيروس كورونا المستجد قصور في الرقابة، ودلالات واضحة على الفساد.

ووفقًا للدراسة: «هناك تقارير تفيد بأن 27 عميلًا من جماعات الضغط المرتبطة بترامب قد تلقوا ما يصل إلى 10.5 مليارات دولار من الإنفاق الحكومي المتعلق بفيروس كورونا، وشمل المستفيدون أيضًا كيانات متعددة مرتبطة بعائلة جاريد كوشنر وغيره من شركاء ترامب وحلفائه السياسيين، وأن أكثر من 100 شركة مملوكة أو يديرها مانحون رئيسيون لحملة ترامب الانتخابية، مُنحت ما يصل إلى 273 مليون دولار، وأن إصدار تنازلات غير ضرورية فيما يتعلق بالقواعد الأخلاقية التي تضمن نزاهة المسؤولين طُبقت على تضارب مصالح محتمل لمسؤولين بالإدارة؛ وأن عديدًا من المعاملات الأخرى التي تستحق مزيدًا من التحقيق، قد حدثت بالفعل».

وفي الوقت نفسه، تواجه المنظمات التي يكرهها ترامب مخاطر التعرض لمعاملة قاسية. وفي الأسبوع الماضي فقط، قرر وليام بار تسريع جهود مكافحة الاحتكار ضد شركة «جوجل»، وهي خطوة قيل إنها «تتماشى مع استعداد بار لتجاوز توصيات المحامين المهنيين في القضايا التي تهم الرئيس ترامب بشدة، الذي اتهم «جوجل» بالتحيز ضده».

6- زَرْع الموالين بأعداد كبيرة في المحكمة العليا

وأردف الكاتب أن قدرة الرئيس على زَرْع الموالين بأعداد كبيرة في المحكمة العليا تعتمد على ما إذا كانت فرص التوظيف متاحة وما إذا كان مجلس الشيوخ مُذعِنًا. ولا داعي للقلق على ترامب بشأن مجلس الشيوخ، الذي سمح له بتعيين قاضيَيْن جديدين خلال فترة ولايته الأولى. ولم يذهب إلى أبعد من ذلك، ولكن لأنه لم تتح له فرصة أخرى فحسب منذ التعيين المثير للجدل للقاضي بريت كافانو.

وفي غضون ذلك، يسعى ترامب وزعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل لزرع الموالين له بأعداد كبيرة في المحاكم الأدنى، بما في ذلك بعض المرشحين ذوي المؤهلات الضعيفة. وإذا كنت تعتقد أن هذه مجرد مسألة تتعلق بحقوق الإجهاض أو السيطرة على السلاح؛ ففكر مرة أخرى.

إذا جاءت نتائج انتخابات عام 2020 متقاربة بصورة مثيرة، فإن قرارات المحاكم الأدنى بشأن المخالفات الانتخابية المحتملة قد تكون ذات أهمية كبيرة. والواقع أن عديدًا من القرارات الأخيرة (في ولايات ويسكونسن وتكساس وفلوريدا وألاباما) فتحت الباب على وجه التحديد أمام ذلك النوع من قمع الناخبين الذي قد يفيد ترامب. وكما يعلم المستبدون المنتخبون ديمقراطيًّا على نحو جيد، لا يشكل نظام الضوابط والتوازنات وسيادة القانون عقبة بمجرد أن يتحول القضاء من مراقب إلى كلب مطيع.

7- إنفاذ القانون من جهة واحدة فقط

يمكن تخصيص مقال كامل لإشارة التحذير هذه وحدها. ففي حين كان ترامب يحتج بلا هوادة إزاء تهديدات المهاجرين والمتظاهرين وبايدن الخطير للغاية والخائن والنائم، إلا أنه غض الطرف إلى حد كبير عن المجرمين الأكثر خطورة.

وعلى الرغم من أن الجماعات الإرهابية اليمينية، وأصحاب نظرية تفوق العرق الأبيض، مسؤولون عن وفيات أمريكية أكثر بكثير من المحتجين اليساريين أو الجماعات الإرهابية الأجنبية، أشار ترامب مرارًا إلى تعاطفه مع الفريق الأول بطرق مختلفة. في الآونة الأخيرة، دافع عن الحارس اليميني كايل ريتنهاوس، الذي زُعم أنه قتل شخصين أثناء مشاجرة في مقاطعة كينوشا بولاية ويسكونسن.

ويستطرد الكاتب بأنه وفي الوقت نفسه ينتشي ترامب بمنح الرأفة لرفاقه المجرمين، مثل الجاني المدان، روجر ستون، وأمر بار وزارة العدل بإسقاط التهم الموجهة إلى مستشار الأمن القومي السابق، مايكل فلين، الذي اعترف أمامهم بالذنب بالفعل، وهي خطوة استثنائية للغاية دفعت ألفي موظف سابق في وزارة العدل إلى التوقيع على رسالة مفتوحة تحذر من أن بار «انتهك سيادة القانون مرةً أخرى».

ودون أدنى شك هناك نظامان قانونيان في أمريكا ترامب؛ أحدهما للرئيس وأعوانه، والآخر للسذج، بالطريقة نفسها في الأنظمة الاستبدادية الأخرى، وفقًا للكاتب.

8- تزوير النظام

يتابع الكاتب قائلًا: عندما يكتب شخص مثل ديفيد بروكس من صحيفة «نيويورك تايمز» مقالًا يخبرك فيه عن الاستعداد للمشاركة في حملة عصيان مدني ضخمة بعد انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني)، تدرك عندئذ أننا في مشكلة خطيرة. ولا يوجد شيء خفي في هذا الأمر؛ فقد أوضح ترامب بجلاء أنه سيفعل كل ما في وسعه لتزوير الانتخابات لصالحه.

ليس لديه خيار آخر؛ فمعدل البطالة مرتفع، والعجز في صعود، كما لا يزال العجز التجاري الذي وعد بإصلاحه قائمًا، وكذلك استجابة إدارته الفاشلة لجائحة كورونا التي ظل ترامب ينكرها ستؤدي إلى وفاة ما يقرب من 200 ألف أمريكي بحلول يوم الانتخابات، حتى إن عديدًا من البلدان الأخرى تمكنت من إدارة أزمة الجائحة والعودة إلى وضع قريب من الحياة الطبيعية. والآن سِجل الأعداد يتسارع في الولايات المتحدة.

وحتى مع المزايا المضمنة التي يتمتع بها المجمع الانتخابي، يواجه ترامب هزيمة مذلة وإن كانت مستحقة. وعلى هذا، وكما يفعل في ملعب الجولف، فإن ترامب على استعداد تام للتزوير. فقد دعا أنصاره إلى التصويت مرتين إذا كان بوسعهم، وحاول إلغاء تمويل خدمة البريد أو تعطيلها، مما يجعلها أقل قدرة على التعامل مع الزيادة في بطاقات الاقتراع عبر البريد، بينما يدعي في الوقت نفسه زورًا أن التصويت عبر البريد (الذي يستخدمه هو نفسه) مليء بالاحتيال. كان هو وأتباعه مترددين في التصريح علنًا بأنه سيترك منصبه إذا هُزِم.

9- إثارة الخوف

وتساءل الكاتب: ماذا تفعل عندما تكون شعبيتك متدنية في استطلاعات الرأي، وليس لديك أي فكرة عن كيفية إعادة الناس إلى العمل، ولا يمكنك السيطرة على الجائحة؟

ويجيب قائلًا إن الأمر بسيط: حاول إخافة الناس بشأن شيء آخر. تمامًا كما فعل عندما ترشح ترامب لمنصب الرئاسة في عام 2016م وقدَّم ادعاءات غاضبة وغير مسؤولة عن المسلمين و«المغتصبين» المكسيكيين ومخاطر خارجية أخرى. وهذه المرة يبذل جهدًا إضافيًّا لإقناع الناخبين بأن مدن الولايات المتحدة مشتعلة، وأن الحشود الغاضبة من غير البيض تتجه إلى الضواحي للاستيلاء على المنازل وتدمير أسلوب حياتهم بالكامل.

ويقول الكاتب إن ما فشلنا في إدراكه عندما حذَّر ترامب في خطاب تنصيبه في يناير (كانون الثاني) 2017 من «مذبحة أمريكية»، هو أنه كان يخبرنا حقًّا بما ينوي تحقيقه بصفته رئيسًا. ويحاول ترامب إقناع الناس بأن صحة بايدن لا تمكنه من أداء مهام المنصب (وهو ليس كذلك)، وأنه (أي ترامب) في الوقت نفسه توليفة خطيرة من مالكولم إكس، وفصيل من الجيش الأحمر، وزودياك السفاح. إنها حيلة واضحة ويائسة، لكن أكاذيب ترامب عملت لصالحه من قبل.

كما أن الاحتجاجات العنيفة تصرف خاطئ، ويجب إدانة تدمير الممتلكات بغض النظر عمن يفعل ذلك. وقد أدرك بايدن هذا بالطبع، وأدان التطرف العنيف بجميع أنواعه بعبارات واضحة. ولكن ترامب لا يمانع عندما يهدد أنصاره أو ينخرطون في أعمال عنف، ولا يكاد يدينهم علانية. وبدلًا من ذلك، يتمثل أمله الوحيد في زرع أكبر قدر ممكن من الانقسام والكراهية من الآن وحتى الثالث من نوفمبر (تشرين الثاني)، على أمل أن يدفع هذا الأشخاص الخائفين بالتصويت لصالحه، أو ربما النزول إلى الشوارع إذا خسر. وهذا هو المخيف حقًّا.

10- شيطنة المعارضة

وشدد الكاتب على أن شيطنة المعارضة خطوة استبدادية كلاسيكية، وترتبط ارتباطًا وثيقًا بإشارة التحذير السابقة. وكما يوضح هجومه على وسائل الإعلام، فقد كانت جزءًا رئيسًّا من دليل كتاب ترامب طوال حياته السياسية. وفي عالم ترامب، لا يمكن للمرء أن يتخيل الاختلافات المشروعة بين الأمريكيين الذين يتمتعون بالقدر نفسه من المسؤولية والوطنية، وهو نوع الخلافات الصادقة التي وُجِدت الأنظمة الديمقراطية لاستيعابها والتوفيق بينها.

أنت إما معه وإما شرير وبغيض وخائن، وغير ذلك من الصفات التي يطلقها. وبطبيعة الحال، وكما لاحظ كثيرون، تمثل الاتهامات التي يوجهها على نحو روتيني إلى الآخرين أكثر النوافذ الكاشفة لشخصية ترامب.

ومع تدهور حظوظه السياسية، فإن هذا الاتجاه يزداد سوءًا. وكان خطابه الديماجوجي على سفح جبل رشمور في ولاية داكوتا في يوم الاستقلال مثالًا على ذلك؛ حيث استغل ترامب هذه المناسبة لانتقاد «الغوغاء الغاضبين» الذين يشوهون «النصب التذكارية المقدسة»، واتهم المعارضين بمحاولة «إطلاق العنان لموجة من الجريمة العنيفة»، التي تمثل «الشمولية» و«الفاشية اليسارية المتطرفة التي تتطلب الولاء المطلق».

والواقع أن الاتهامات الجامحة التي وجهها لم يكن لها أي أساس على الإطلاق، ولم يحاول الخطاب توحيد الشعب الأمريكي في مواجهة التحديات العديدة التي يواجهها اليوم. ولكن عندما يكون أفضل أمانيك هو إقناع الناخبين بأن الجانب الآخر أسوأ منك، فإن اختلاق القصص المخيفة هو ما يتعين علينا توقعه.

وها نحن اليوم بعد أكثر من ثلاث سنوات ونصف من جلوس ترامب في المنصب، ما يزال يُظهر كل إشارات التحذير العشرة للانهيار الديمقراطي. وفي عديد منها يتفاقم الأمر سوءًا مع الوقت. وليس هناك من الأسباب ما يجعلنا نعتقد أن إعادة الانتخاب سوف تغرس فجأة في هذا الرئيس النرجسي والمُحتال بالفطرة التزامًا جديدًا بالمبادئ الأساسية للديمقراطية الأمريكية. وعلى العكس من ذلك، سيعزز اعتقاده بأنه يستطيع الإفلات من أي شيء تقريبًا.

وتساءل الكاتب: ماذا عن مدة رئاسية ثالثة؟ ربما تستطيع إيفانكا ترامب الترشح في عام 2028. هل يمكن التفكير بصدق في أي قانون أو قاعدة لن يخالفها إذا اعتقد أنها ستكون في صالحه وأنه لن يوقفه شيء؟ أيٌّ من أعضاء الحزب الجمهوري اليوم قد يتصرف بشجاعة فجأة ويحاول إيقافه؟

ويختتم الكاتب مقاله بالقول: إنني لستُ معتادًا على إثارة القلق، ولكن حين يخترق رئيس وإدارته بعض القوانين مع الإفلات من العقاب، فليس هناك من الأسباب ما يدعونا إلى الاعتقاد أنهم لن ينتهكوا قوانين أكبر إذا ظنوا أن بإمكانهم الإفلات من العقاب. لكن انتبه جيدًا لما يعنيه هذا حقًّا، ففي هذه المرحلة، يصبح كل واحد منا، بما في ذلك أولئك الذين ربما صوَّتوا له، عُرْضة لكل ما يريدون فعله. وهذا هو ما سيكون على المحك في نوفمبر المقبل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى