أقلام وأراء

فريدة الشوباشي : عبد الناصر العصى على التشويه

فريدة الشوباشي ٢٣-٧-٢٠١٨

أعتقد أننى لست فى حاجة إلى التنبيه إلى وجود الحملة التى ازدادت ضراوتها ضد الزعيم الراحل جمال عبد الناصر والتى يرافقها تصعيد هيستيرى ضد فكرة العروبة. وقد بات واضحا حتى لمتواضعى الذكاء أن الحرب الضروس التى لم تهدأ رحاها ضد الرجل، بل تزداد سعيرا سببها الأساسى فى رأيى، أنه زعيم بحق وأنه رمز مصرى أصيل تخطى تأثيره حدود وطنه مصر وتخطى أيضا حدود الوطن العربى ووصل إلى كل أرجاء القارة الإفريقية تقريبا كما عبر البحار والمحيطات إلى القارتين الآسيوية والأمريكية (أمريكا اللاتينية) وحتى بعض مناطق أوروبا.

وقد شن المعادون لمصر ولمكانتها فى محيطها العربى، وتأثيرها الدولى حملات أكاذيب وافتراءات ضد جمال عبد الناصر، رغم رحيله عن عالمنا منذ عشرات السنين، وحتى اليوم ونحن نقترب من نصف قرن وهو فى رحاب الله. وهذا الأمر قد يكون مفهوما عندما تصدر الحملات عن دول ناصبت مصر العداء وظلت تحارب دورها الإقليمى منذ قرون، مثل القوى الاستعمارية الغربية وأيضا لا يندهش المرء من الحرب الإسرائيلية المستمرة عليه، أو بالأحرى على مشروعه، فذلك هو المستهدف لاسيما وأن هذا المشروع لا يزال الحلم المنشود من قبل المطحونين فى الأرض. ولكن المفزع أن تشارك تنظيمات، تتسربل برداء الإسلام مثل جماعة الإخوان المسلمين والمنتمين اليها وإن كانوا يدعون الموضوعية، بمواصلة اختلاق كل النواقص ويحاولون إلصاقها بجمال عبد الناصر, وذلك يستوجب بالضرورة السؤال الوحيد المنطقى.. أليس غريبا أن يشارك من يُفترض فيهم أنهم مصريون فى محاولات تشويه رمز مصرى عبر الحدود بمكانته ودوره التحررى البطولى الفذ وسيرته العطرة ، فأصبح موضع فخر لنا؟. ألسنا من المؤمنين بالمثل القائل: باللى ماعندوش كبير يشترى له كبير؟».

كنا نتجول فى أى بلد فى العالم فنلاقى الترحيب من أهله لأننا من بلد ناصر ولن أنسى أبدا ما صادفته فى أكثر من بلد عربى وفى أوروبا وآسيا من ترحيب لأننى من بلد ناصر، ولكن ما جعلنى أشعر بفرحة عميقة كان ما حدث يوم كنت فى زيارة لهونج كونج بالصين وقدمت جواز سفرى إلى الموظف المكلف بتحديد مبلغ الإعفاء من الضريبة المضافة المقررة للأجانب. تفحص الرجل جواز سفرى وعلت وجهه ابتسامة محببة وهو يقول لى بصيغة السؤال:مصرية؟..أجبت بنعم، فواصل قائلا: ناصر.. ناصر «جود» أى حسن.. يا إلهى.. هونج كونج! وفى نهاية الثمانينيات. ومنذ سنوات شاهدت برنامجا فى التليفزيون المصرى عن حرب اليمن، خلاصته ان جمال عبد الناصر تحرش بأمريكا الحنونة! ذهبت فى اليوم التالى إلى وزير الإعلام وقلت له عبد الناصر مات، إذا كنتم نظاما ذكيا، استثمروا شعبيته!..وتذكر يا سيادة الوزير أنه يوجد فى صنعاء نصب تذكارى للجندى المصرى تقديرا لتضحياته فى سبيل تحرير اليمن.. لقد كان الجميع يجل زعيمنا ويكن له اكبر احترام بصفته زعيم المنطقة، وعند وفاته، جاء الجميع يبكون ويعزوننا، فقلنا لهم لماذا تقدمون لنا التعازي؟ لقد كان وكان.. قلنا ما قال مالك فى الخمر، فخسرنا كل من أحبوه وقدروا دوره. كان عبد الناصر وما زال نموذجا يحتذى، احتل مكانة لا يضاهيه فيها احد فى قلوب شعوب الدول التى ساعدتها مصر الناصرية فى التحرر من الاستعمار.. والسجل طويل، ولذا مهما يختلق الأعداء من افتراءات وأكاذيب ستبقى ثورة يوليو وقائدها فى أغلى مكان فى قلوب الأحرار.

عن الأهرام

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى