ترجمات أجنبية

فايننشال تايمز: معركة السيطرة على سوق النفط العالمية

فايننشال تايمز: معركة السيطرة على سوق النفط العالمية 6-10-2022م

سلام القبضة للرئيس جو بايدن أثناء زيارته إلى السعودية مع ولي العهد محمد بن سلمان كان دائما تمرينا مثيرا للشك. وبعد ثلاثة أشهر من لقائهما، فالجائزة التي أمل فيها الرئيس الأمريكي لم تكن زيادة في معدلات انتاج النفط، بل خفض الإنتاج بمعدل مليوني برميل في اليوم، من مجموعة “أوبك+” التي اصطفت مع روسيا منذ عام 2016. وقبل خمسة أسابيع من الانتخابات النصفية في الولايات المتحدة، والتي قد تلعب أسعار البنزين دورا حاسما فيها، فإن هذا يبدو “احتقارا”.

ويشير القرار إلى أن السعودية ملتزمة في علاقاتها مع موسكو، حتى في ظل تصعيد بوتين حربه في أوكرانيا. وربما شعرت المملكة أنها تتحرك بناء على مصالحها ومصالح الكارتل، ولكن القرار قد يكون خطأ استراتيجيا. ويؤكد السعوديون ومسؤولو أوبك أن التخفيضات ليست مدفوعة بدوافع سياسية.

وبعد التراجع في الربع الأول منذ حزيران/ يونيو، فإن أسعار النفط الخام في ظروف معادلة، ولكنها أقل من الأسعار المرتفعة جدا للغاز الطبيعي والفحم الحجري، والفضل يعود للحرب الروسية. إلا أن التحرك لتخفيض مستويات الإنتاج الآن، هو جزء من الكفاح الأوسع للسيطرة على سوق النفط العالمي.

وقد شعرت السعودية بالغضب من محاولات تقودها الولايات المتحدة لتخفيض أسعار النفط. ودفعت إدارة بايدن باتجاه الحد من أسعار النفط الروسي، للضغط على موارد موسكو النفطية، وهو تحرك من مجموعة الدول السبع والاتحاد الأوروبي. وترى أوبك أن هذه محاولة لتغيير ميزان القوة باتجاه الدول المستهلكة والمخاوف من استخدام الآلية هذه مرة ثانية ضدها.

وتخوض الولايات المتحدة جهودا أكبر للإفراج عن الاحتياطي الإستراتيجي للنفط لديها، من أجل الحد من ارتفاع أسعار النفط والغاز في محطات الوقود. وهو تدخل كبير مثل التخفيضات الجديدة لأوبك. وعادة ما يشمل الإفراج عن النفط بمعدل مليون برميل في اليوم، ومعادل تقريبا للتخفيضات التي أعلنتها “أوبك+”.

ويحاول الكارتل استعادة السيطرة على السوق وإظهار أنه لا يزال يملك القوة لتحديد سعر النفط. وبالتأكيد، فالسعودية منخرطة في إرسال رسائل سياسية أيضا إلى الرئيس الأمريكي الذي تعهد بجعل السعودية دولة منبوذة، بعد مقتل الصحافي جمال خاشقجي، وإدارة لا تهتم بمظاهر القلق الأمنية لدول المنطقة.

يخاطر ولي العهد السعودي بالمبالغة في لعب أوراقه، كما فعل في الماضي. وليس من المتوقع ان تقدم الصين والهند وروسيا الضمانات الأمنية والحماية للسعودية مثل تلك التي قدمتها الولايات المتحدة على مدى العقود الماضية، وربما أدى الدفع بأسعار النفط إلى تعميق الركود وتدمير الطلب على النفط.

وألمح البيت الأبيض الغاضب، أنه قد يفرج عن مزيد من النفط من احتياطاته. ويفكر المشرعون في الكونغرس بإحياء ما يسمى قانون “Nopec” والذي يهدف للحد من سيطرة “أوبك” على النفط. والدرس للولايات المتحدة والحلفاء الغربيين هو أن شركاءها في الخليج لا يمكن الوثوق بهم عندما يتعلق الأمر بالطاقة، وأوبك مصممة على زيادة الموارد المالية من رصيد يمكن للغرب أن يخفضه من خلال سياسات مكافحة التغيرات المناخية.

ولا ترى “أوبك” أي التزامات في الوقت الحالي لتوفير الأمن لزبائنها وبثمن زهيد. ولدى الدول الغربية المستهلكة إجابات قصيرة الأمد، بدلا من الاستثمار في الوقود الأحفوري الذي سيتضارب مع أهداف مكافحة التغيرات المناخية. وعلى المدى البعيد، فالجواب لكل المشاكل النابعة من الطاقة والتغيرات المناخية التي تواجه الغرب هي نفسها: القيام بجهود حقيقية والتي لم تبدأ بعد، لتخفيض الطلب على النفط والمسارعة نحو المصادر المستدامة والخضراء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى