فايننشال تايمز: التحركات الأمريكية لردع إيران قبل بدء الهجوم البري الإسرائيلي على غزة
فايننشال تايمز 24-10-2023، بقلم فليتسيا شوارتز وجيمس بوليتي: التحركات الأمريكية لردع إيران قبل بدء الهجوم البري الإسرائيلي على غزة
تستخدم الولايات المتحدة تأخر إسرائيل في شن الغزو البري على غزة لكي تدفع بأنظمة دفاعية إلى المنطقة وسط مخاوف من محاولة إيران وحلفائها تصعيد الهجمات ضد القوات الأمريكية ومصالح الحلفاء في اللحظة التي سيبدأ فيها الهجوم على غزة.
وجاء التحرك لتشديد الأمن في المنطقة وبناء قدرات دفاعية كافية بهدف ردع إيران بعد سلسلة من الهجمات على القوات الأمريكية منذ 18 تشرين الأول/أكتوبر والتي أدت لجرح أعداد من الجنود الأمريكيين.
وتحضر واشنطن نفسها للمزيد في وقت تستعد فيه إسرائيل لشن هجوم عسكري على غزة. وفي الوقت الذي يقول فيه المسؤولون الأمريكيون إن التأخر في الغزو المخطط له مرتبط بالخلافات داخل الأجهزة الأمنية الإسرائيلية حول خطة التقدم للأمام، إلا أن واشنطن قدمت أسئلة ساعدت إسرائيل على تعديل خططها العسكرية.
وقال الرئيس جو بايدن، ليلة الثلاثاء، عندما سئل حول التأخير في الغزو البري أجاب: ” الإسرائيليون يتخذون قراراتهم”. إلا أن المسؤولين والإستراتيجيين العسكريين في واشنطن رحبوا بمرحلة التوقف وقالوا إنها منحت الولايات المتحدة الوقت لإرسال دفاعات جوية وجنود إضافيين وسفن حربية إلى المنطقة لحماية جنودها ورعاياها وردع إيران في ضوء التوترات المتصاعدة بالمنطقة.
وشنت إسرائيل مئات من الغارات الجوية على ما تقول القوات الإسرائيلية إنها قيادة حماس وأسلحتها ومراكز التحكم لها. وقال الجنرال فرانك ماكينزي، قائد القيادة المركزية في الشرق الأوسط ما بين 2019- 2022 “سيكون من السهل علينا ردعهم مع تدفق مزيد من القوات على المسرح وتصبح إسرائيل قوية كل يوم” و”الوقت هو صديقنا هنا”.
وتشير التقييمات الأمريكية إلى أن تحرك الولايات المتحدة لنقل أرصدة عسكرية للمنطقة بما فيها حاملتا طائرات إلى البحر المتوسط أسهم في ردع إيران عن الدخول في المعمعمة. مع أن المسؤولين يقولون إن الجماعات الوكيلة لإيران تمثل تهديدا على الأرصدة الأمريكية والجنود. وقال مسؤول أمريكي بارز “ما نراه مثير للقلق، ولدينا إشارات أن هناك جماعات في المنطقة ترغب بالتصعيد ولهذا قمنا بتقوية حضورنا العسكر وأعلنا أننا نقوم بتقوية حضورنا العسكري”.
وقال عدد من المسؤولين الأمريكيين إن الولايات المتحدة قلقة بشكل محدد من حزب الله الذي تدعمه إيران. حيث تبادل الحزب وإسرائيل إطلاق النار في الأسبوعين الماضيين، مع أن الطرفين أظهرا رغبة بعدم التصعيد، كما في حرب 2006 التي استمرت 34 يوما.
ويوم الثلاثاء، قالت وكالة أنباء مقربة من الحرس الثوري الإيراني إن دخول حزب الله في حرب مع إسرائيل أصبحت “محتملة” ويمكن أن يستخدم الصواريخ الذكية التي تستطيع ضرب إسرائيل. وتم تحريك جماعات شيعية موالية لإيران من العراق إلى غربي سوريا وقرب الحدود مع إسرائيل، مما زاد من قلق المسؤولين الأمريكيين. وتعرضت قاعدة عين الأسد في العراق لهجمات صاروخية هذا الأسبوع وكذا نقطة التنف الأمريكية في سوريا.
وتعتبر تحركات الجماعات المسلحة نذير شر، حتى قبل أن تبدأ حليفة الولايات المتحدة هجومها ضد حماس. وهي لحظة تعبر عن ضعف للولايات المتحدة وشركائها، كما يقول المسؤولون الأمريكيون.
وقال الجنرال المتقاعد جوزيف فوتيل والذي قاد القيادة المركزية في الشرق الأوسط من 2016 إلى 2019 “الفرصة المقبلة التي ستحصل، قد تكون توغلا بريا إسرائيليا في غزة، لأن هذا قد يحتاج مصادر كبيرة ويركز النظر هناك”.
ورغم تقييم الولايات المتحدة أن إيران لا تريد مواجهة مباشرة مع أمريكا أو إسرائيل إلا أنها ستستمر في تفعيل الجماعات الوكيلة لها بالمنطقة. ويقول المسؤولون إن إيران ستحاول تشجيع ودعم الهجمات على القواعد والجنود الأمريكيين وقد تقوم بتسهيل الهجمات.
وقال السناتور جيم ريستش، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ، “تقييمي هو أنهم لا يريدون مواجهة معنا وبالتأكيد نحن لا نريد المواجهة معهم”. وقال مسؤول أمريكي إن الجماعات المرتبطة بإيران استهدفت القواعد العسكرية بالمنطقة 12 مرة منذ 18 تشرين الأول/أكتوبر. وأطلقت يو أس اس كارني، وهي جزء من حاملة الطائرات أيزنهاور ووصلت شمال البحر الأحمر، النار على 15 طائرة مسيرة أطلقها الحوثيون في اليمن.
وعلق مسؤول أمريكي “لا يدوسون على الكوابح”، في إشارة للتورط الإيراني. وهناك 30 ألف جندي أمريكي في الشرق الأوسط بمن فيهم 3500 في العراق وسوريا. وتحتفظ الولايات المتحدة بقواعد عسكرية ومنشآت بالمنطقة، بما فيها الأسطول الخامس في البحرين وقاعدة العديد في قطر. ويقول المسؤولون الأمريكيون إنهم قلقون من التهديدات والتصعيد ضد الأمريكيين في العراق ولبنان، حيث طلبوا رحيل الأشخاص الذين لا يعتبر وجودهم ضروريا. وتعمل وزارة الخارجية والدفاع على خطط طارئة لإجلاء أوسع للأمريكيين من الدول وبقية المنطقة. إلا أن حلفاء أمريكا في الخليج والذين يعتمدون على الحماية الأمريكية قد يكونون عرضة للخطر.
واستهدف الحوثيون الذين يتحالفون مع إيران، الإمارات، بمسيرات في العام الماضي، فيما تحرشت إيران بسفن تعمل في الخليج بالسنوات الأخيرة. وفي 2019 قيمت أمريكا أن واشنطن هي وراء الهجوم على المنشآت النفطية السعودية.
وفي مكالمة يوم الثلاثاء أجراها بايدن مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان أكد فيها على دعم الولايات المتحدة للحلفاء بالمنطقة والدفاع عنهم ضد تهديدات سواء جاءت من دول أم غير دول. وجاءت التهديدات بالتصعيد بعد عدة أسابيع من تبادل الأسرى بين طهران وواشنطن، ولكن هجوم حماس دعا المسؤولين لتحذير إيران بعدم التورط في التصعيد. وقال مسؤولون حاليون وسابقون إن أمريكا وإيران تتسلقان ما يطلق عليه سلم التصعيد بمخاطر عليه من سوء التقدير أو سوء الفهم. وقال فوتيل “هناك حادث مأساوي واحد ولحظة واحدة تبعدنا عن التسلق عاليا على السلم وأعلى ما نريد وأعتقد اننا مدركين لهذا”.
وبحسب تقييم المسؤولين الأمريكيين، فإن إيران لديها الكثير ما تحققه من تشجيع جماعاتها الوكيلة على الدخول في المواجهة ضد إسرائيل وأمريكا وحتى لو لم تدخل هي مباشرة.
ويقول نورمان راول، المسؤول الأمريكي البارز السابق في الإستخبارات الأمريكية “تعزز هذه التحركات تأثير إيران في المنطقة، وتخفض بشكل ممكن التأثير الأمريكي وتعقد خطط الدول العربية المعتدلة للتقارب مع إسرائيل”. ويمكن لإيران وجماعاتها الضرب بدون أن تخاطر بمواجهة شاملة أو هكذا تعتقد و”هناك حس واسع في المنطقة من أن واشنطن لن تلجأ إلى استخدام القوة ضدهم خشية من تورطها في نزاع متعدد الوجة كالعراق وافغانستان”، كما يقول راول.