ترجمات أجنبية

فايننشال تايمز – إسرائيل تحصد ثمار التحالف مع بوتين في سوريا

فايننشال تايمز –  29/8/2018

إن تملق نتنياهو لموسكو ساعد على تعزيز الأهداف الإسرائيلية في سوريا. وفي عشاء في مقر إقامة السفير الروسي في القدس، في شهر يونيو المنصرم، قدم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بعض الأفكار حول كيفية إقناع فلاديمير بوتين بالشراكة الأكثر فائدة من أي زعيم غربي.

أولا، قام بتكريم الأديبين الروسيين: تولستوي ودوستويفسكي، ثم شكر الجيش الأحمر على هزيمة النازيين. لقد تحدث عن مليون ناطق بالروسية الذين يعيشون الآن في إسرائيل. وشكر بوتين على مكافحته معاداة السامية. قال نتنياهو: “إنني أكن احتراما كبيرا لروسيا…أحترم إسهامها في الحضارة وشجاعة شعبها”.

وثبت أن ثناء نتنياهو ومديحه كان مُغريا. ومع احتدام الحرب في سوريا عبر الحدود مع الكيان المحتل، قام بتشكيل تحالف شائك مع بوتين، وهو تحالف استفاد منه القادة العسكريون من الطرفين وسلم من الولاءات المتغيرة لتلك الحرب. وبرزت علاقتهما الإيجابية على المسرح العالمي، على الرغم من هجوم القادة السياسيين في أماكن أخرى على بوتين للتدخل في الانتخابات وتورط موسكو المزعوم في هجمات على عملاء في بريطانيا.

وقد ساعدت الإيماءات والإطراءات على تمهيد الطريق أمام نتنياهو، كما قال أليكس سلسكي، المستشار السابق لنتنياهو حول العلاقات مع روسيا. لكنه أيضا حصد ثمار قراره للتعبير عن التعاطف العام مع وجهة نظر بوتين العالمية، والتي تشمل الانزعاج من سرد غربي للحرب العالمية الثانية التي تقلل من إسهام روسيا في هزيمة ألمانيا النازية.

ونقلا عن باحث إسرائيلي، قوله: “ما يهم قبل كل شيء هو المصالح المشتركة، لكن هذا النوع من التفاهم يبني ثقة مفتوحة ويسمح لنا بالحديث عن قضايا معقدة”، مستدركا: “نحن الحليب الغربي الوحيد الحليف الذي يمكن أن يفهم الروس بعمق كما نفهم الأمريكيين”.

في سوريا، سمح بوتين لنتنياهو بكبح جماح الأهداف الإيرانية بالقرب من الحدود مع الاحتلال الإسرائيلي، واكتشاف توازن موازٍ للقوات الشيعية الأكبر داخل سوريا، حيث تدعم روسيا نظام بشار الأسد في تعاون غير مستقر مع إيران. ومع التطلع إلى بوتين لممارسة الضغط على القوات الإيرانية، فإن نتنياهو يأمل في إيجاد طريقة لإبقاء منافس قوي بعيداً عن حدوده دون التورط في الصراع السوري المعقد. وقد التقى الطرفان تسع مرات منذ أوائل عام 2016، ويتحدثان هاتفيا شهريًا تقريبًا. وفي الوقت نفسه، قام وزير الدفاع الإسرائيلي المولود في الاتحاد السوفييتي وحارس ملهى ليلي سابقا، أفيغدور ليبرمان، الذي خدم والده في الجيش الأحمر، بتسهيل عقد اجتماعات منتظمة بين القادة العسكريين الإسرائيليين والروس.

وتسلط هذه العلاقة الضوء أيضًا على دبلوماسية روسيا الناجحة في المنطقة، حيث تعمل موسكو مع مجموعة واسعة من الدول، والتي غالباً ما تتعارض مصالحها، وفقا لتقديرات الصحيفة.

وفي ظل غياب أي قوات أمريكية في جنوب غرب سوريا، أوضح تمحور نتنياهو حول روسيا المصالح الإستراتيجية المشتركة بينهما في سوريا، بحسب دبلوماسيين سابقين ومحللين، فإسرائيل، على سبيل المثال، تخلت إلى حد كبير عن أي معارضة لبقاء نظام الأسد. وقال دميتري ترينين، رئيس مركز كارنيغي في موسكو: “لقد نمت العلاقة بينهما بشكل أكبر…ترى إسرائيل أن روسيا مسؤولة عن الأمن في سوريا، وينسق الجيشان بشكل وثيق جدا..”.

وقد اشتمل هذا التنسيق على خط ساخن بين مقر قوات الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب والقاعدة الجوية الروسية في سوريا واجتماعات دورية بين رؤساء أركانهم وتركيز شديد على تجنب أي مواجهة غير مقصودة بين طائراتهم فوق سماء سوريا.

وقال فيودور لوكيانوف، رئيس مجلس الخبراء في مجلس السياسة الخارجية والدفاع في موسكو، إن العلاقة نجحت لأن بوتين كان متجاوبًا مع مخاوف إسرائيل الأمنية بشأن القوات الإيرانية بالقرب من حدودها، مضيفا: “لا يرى دائماً ما تقوله الدول الأخرى إن مخاوفهم الأمنية مشروعة، ولكن في حالة إسرائيل، فهو يفعل ذلك، لأنه يتعلق بالأمن الحقيقي، إنه يتعلق بالبقاء على قيد الحياة”.

ويحذر تسفي ماجن، السفير الإسرائيلي الأسبق في روسيا وأوكرانيا، من المبالغة في تقدير العلاقة الشخصية بين بوتين البارد والمتقلب ونتنياهو الناعم، لقد خدمت إسرائيل روسيا في كونها قوة وازن بها بوتين علاقته بالإيرانيين، الذين لا يثق بهم كثيرا”. كما إن قوة النيران الإسرائيلية، التي تفوق بكثير الانتشار الروسي في سوريا، “جعلت من الضروري العمل مع الدولة اليهودية بدلاً من جعلها خصما”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى