غيورا آيلند / غزة: اليوم التالي – الزمن لاستراتيجية اخرى

يديعوت – بقلم غيورا آيلند – 31/5/2018
يبدو أن جولة العنف في غزة انتهت، على الاقل حتى المرة التالية، والتي على أي حال ستأتي قريبا. في نهاية الامر من شأننا أن ننجر الى حملة عسكرية واسعة، حتى لو لم يكن الطرفان معنيين بها تماما. وسبب ذلك هو التجاهل الاسرائيلي للواقع الناشيء في غزة في الـ 12 سنة الاخيرة. في هذه السنوات اصبحت غزة بحكم الامر الواقع دولة بكل معنى الكلمة. توجد لها حدود واضحة، توجد لها حكومة فاعلة، سياسة خارجية مستقلة وجيش. وهذه بالضبط هي مزايا الدولة. اكثر من ذلك، فان الحكومة في غزة، حكومة حماس، انتخبت في انتخابات ديمقراطية نسبيا في 2006 – وهي بلا شك ممثل أصيل للسكان.
سياستنا من الصواب اختيارها في ضوء المصالح فقط. ليس لاسرائيل مصلحة اقليمية، اقتصادية أو سياسية في غزة. لنا فقط مصلحة أمنية – الا يطلقوا علينا النار لزمن طويل، وبقدر الامكان الا يطوروا قدرات عسكرية جديدة في المستقبل. امام هذا، ما هي مصالح حكومة غزة؟ صحيح أن رؤيا حماس هي ابادة دولة اسرائيل، ولكن بغياب قدرة على تحقيق ذلك تكتفي حاليا بمصلحة اكثر تواضعا بكثير – مواصلة السيطرة في غزة. ولهذا الغرض تحتاج حماس بيأس الى شرعية دولية والى مقدرات كي تعيد بناء البنى التحتية المنهارة.
هل تضارب المصالح بيننا وبين حماس هو تضارب غير قابل للجسر؟ برأيي، تماما لا. يدعي ناطقون اسرائيليون باننا مستعدون لمساعدة السكان المساكين في غزة اقتصاديا، “الذين اصبحوا رهائن في يد حماس”. هذا قول مزايد بعض الشيء. اولا، حماس ليست القاعدة أو داعش، بل حركة سياسية تؤيدها اغلبية سكان غزة. ثانيا، وهذا اهم، لا يمكن اعادة بناء غزة من خلف ظهر الحكومة هناك.
مع نهاية حملة الجرف الصامد، قبل نحو أربع سنوات، تقرر تشكيل لجنة دولية تعنى باعمار القطاع. كما تقرر ايضا ان تقود مصر الخطوة، فيما يعطى المال لهذا الهدف الهام لابو مازن في رام الله. وبالتالي فقد كلفوا قطتين سمينتين بحماية القشدتة وذلك لانه اذا كان هناك جهتان ليستا معنيتين باعمال غزة، فهما بالضبط مصر والسلطة الفلسطينية.
حان الوقت للصحوة ولبناء الاستراتيجية تجاه غزة على اساس ثلاثة مباديء. أولا، الاعتراف بان الحديث يدور عن دولة مستقلة. فلسنا نحن من خلقنا الانقسام الفلسطيني الداخلي، وبالتالي لسنا نحن من ينبغي أن يدفع ثمنا (أمنيا) كي ينتهي هذا الانقسام. ثانيا، ان تدعم اسرائيل كل نشاط غايته اعمال شبكات المياه، الكهرباء، المجاري والمنازل في غزة، والا تعارض ان يتم هذا النشاط علنا ومباشرة مع حكومة حماس. قبل نحو سنتين اقترحت تركيا حلا سريعا وناجعا لقسم من مشكلة الكهرباء: ايقاف سفينة تحمل مولدا ضخما امام غزة، يرتبط بشبكة كهرباء غزة ويتمكن من مضاعفة الانتاج تقريبا. اما اسرائيل فقد عارضت لاسباب سياسية. لماذا؟ ثالثا، كل مساعدة اقتصادية لغزة ستكون “ملونة” امام مشاريع محددة، وحكومة حماس تتعهد باستيفاء مطالب الرقابة المتشددة.
بقدر ما ينطلق مثل هذا النشاط على الطريق، وبقدر ما يتحسن الوضع الانساني الصعب، وبقدر ما تجمع حكومة حماس المقدرات وتخشى فقدانها في حالة الاشتعال العسكري، هكذا ينخفض التوتر. يجدر بالذكر انه بين 1948 و 1967 كانت كل الدول العربية ملتزمة بفكرة ابادة اسرائيل، ومع ذلك نجحت لجان الهدنة بين اسرائيل واعدائها في ضمان هدوء طويل، معظم الوقت، في معظم الجبهات. على اسرائيل بالتالي أن تختار بين امكانية أن تكون محقة وامكانية أن تكون حكيمة. الامكانية الثانية مجدية اكثر. وهي بالتأكيد مجدية اكثر من الطريق المعاكس الذي اقترحته شخصيات مختلفة اليومين الاخيرين: العودة الى احتلال غزة.