ترجمات عبرية

غيورا آيلند – دولة بلا تخطيط لا نتوقف للتفكير

يديعوت – مقال – 29/1/2019

بقلم: غيورا آيلند

ثمة من اتهم بني غانتس بانه لم يقل شيئا حتى خطابه هذا المساء – ولكن ما الذي يقولونه حقا في الاحزاب الاخرى؟ الحقيقة هي لا شيء تقريبا. ظاهرا، مرة كل أربع سنوات نتوقع بان أحدا ما طلب ثقة الناخب سيفحص الواقع بعمق، ينقطع عن الافتراضات القائمة ويطرح على البحث مواضيع ذات اهمية وطنية غير معالجة. غير ان هذا لا يحصل. مثلا، ميزانية الدولة. الميزانية تتقرر كل سنة وفقا لثلاثة عوامل: معطيات عموم اقتصادية مختلفة، اتفاقات سياسية، او قوانين جديدة و “الطيار الاوتوماتيكي” – الفرضية التي بموجبها اذا كان في السنة الماضية حظي موضوع معين بالتمويل، فانه سيتمتع بالتمويل في السنة التالية ايضا، بل وربما بتمويل اكبر وفقا لحجم السكان. احد لا يفكر بالفحص والتحديث ليراجع امكانية ان يكون اساس هذا الحساب مغلوطا، او لعل هذا الهدف يحظى بميزانية زائدة عما تحصل عليه وزارة حكومية اخرى. ولا سيما ان احدا لا يجري عملية تخطيط ولا يحدد الناتج اللازم لكل مخصص في الميزانية.

جانب مقلق آخر بالنسبة لميزانية الدولة هو شكل ادارتها. فميزانية الدولة تتكون من الاف البنود، ولما كانت تقر كقانون – “قانون الميزانية” – فانه اذا كان وزير الرفاه مثلا يريد أن يحرف 5 مليون شيكل من دعم الشبيبة في ضائقة الى دعم النساء المعنفات، فانه ملزم بان يحصل على الاقرار من قسم الميزانيات في المالية ومن لجنة المالية في الكنيست ايضا. لقد كانت طريقة الادارة هذه مناسبة للاتحاد السوفياتي الشيوعي في السبعينيات، ولشدة العجب والاسف فانها مخلدة في اسرائيل حتى اليوم. هذه طريقة تضمن انعدام النجاعة على نحو متطرف وانشغال لا ينتهي بالتفاصيل التافهة.

لنفترض ان الطريقة تتغير، بحيث أن عدد البنود في ميزانية الدولة كان 20 حسب عدد الوزارات الحكومية. هكذا، فان استقلالية الوزراء كانت ستزداد ومعها ايضا مسؤوليتهم والتزامهم بالايفاء باهداف المردود. أليس هذا افضل. يحتمل ايضا ان تكون هناك حلول اخرى، ولكن المؤكد هو انه في الوضع الحالي فان الطريقة القائمة مخلدة، على اساس الفرضية الخفية في السياسة الاسرائيلية بان “ما كان، صحيح ان يكون ايضا”.

في ميزانية الدولة، مثلا، مطلوب تغيير مزدوج: اضافة تخطيط وطني للميزانية الوطنية، وتخفيف كبير لبنود الميزانية. هكذا سيكون ممكنا تفريغ العديد من مليارات الشواكل التي تغطي الحفرة المالية القائمة بل وربما نقل ميزانيات اخرى الى المستشفيات المنهارة. فالمستشفيات، بالمناسبة، هي مثال ممتاز على فشل الطريقة القائمة. فتمويل المستشفيات اليوم يتم بطريقة اسرائيلية مميزة تتمثل بـ “الكلفة ناقص” – حيث يخصص لها المال وفقا للنفقات الفعلية، ولكن أقل بقليل. والنتيجة هي انه اذا افترضنا انه كان متبعا حتى الان في اطار معالجة سرطان معين تنفيذ 30 يوم اشعاع، ولكن كنتيجة لتحسن تكنولوجي سيكون ممكنا الوصول الى ذات النتائج بخمس ايام اشعاع فقط – فان المستشفى لن يسارع الى النجاعة، لان الامر سيؤدي الى أن تقلص وزارة الصحة له في الملاكات الفنية والاطباء. وعليه، فمن زاوية نظر مدراء المستشفيات من الافضل لها أن تكون غير ناجعة، وان تشكو (وعن حق) من النقص.

هذا الوضع صحيح بالنسبة للعديد من المواضيع الاخرى في الحياة الاسرائيلية العامة والتي لا تحظى بفحص مناسب متجدد – فيما أن النموذج الابرز هو على ما يبدو النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني الذي الفرضية بالنسبة له هي أنه يمكن إما ادارته أو التقدم الى حل الدولتين. من قال ان هذا هو كل مجال البدائل؟ مشكلة اسرائيل بالتالي ليست وجود قرارات مغلوطة – بل غياب البحث والنقاش تقريبا في كل موضوع هام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى