غيورا آيلند / الشمال والجنوب – كيف العمل في جبهتين في آن معا
يديعوت – بقلم غيورا آيلند– 5/7/2018
منذ حرب يوم الغفران في 1973 لم تضطر اسرائيل الى القتال في ساحتين في آن واحد. كانت لنا منذئذ حربان في لبنان وبضع حملات كبيرة، كانت لنا حملة “السور الواقي” في الضفة في 2002 وكانت لنا ثلاث حملات كبيرة في غزة، الاخيرة “الجرف الصامد” قبل أربع سنوات. ومن شأن الفترة القريبة القادمة أن تجلبنا الى وضع غير مرغوب فيه من مواجهة في ساحتين في نفس الوقت: مع غزة وفي الشمال ايضا. صحيح انه لا منطق موجه واحد خلف هاتين الساحتين(باستثناء الاستفزاز الايراني)، ولكن حتى لو كان يدور الحديث عن صدفة فانه مرغوب فيه جدا الامتناع عن المواجهة في عدة جبهات في ذات الوقت.
هناك فرقان بارزان بين الساحتين- غزة والحدود مع سوريا. أولا، على غزة يوجد لنا تأثير كبير مقارنة بالتأثير على ما يجري في سوريا؛ ثانيا، الساحة الشمالية، مع كل امكانيات التصعيد الكامنة فيها، بما في ذلك انضمام حزب الله، هي أهم بكثير. والاستنتاج الواجب من هذين الفرقين واضح: علينا ان نفعل كل شيء تقريبا كي نضمن هدوء طويل المدى في جبهة غزة، كي نتمكن من المواجهة كما ينبغي للجبهة الشمالية، الاكثر تحديا بكثير.
الهدوء مع غزة يمكن تحقيقه، برأيي، بسهولة كافية. كتبت عن هذا عدة مرات في الماضي، في هذه الصفحة ايضا، وسأوفر الشروحات الكاملة. اقول فقط في السطر الاخير ثلاثة امور: غزة هي منذ زمن بعيد دولة مستقلة دي فاكتو (بحكم الامر الواقع) وكذا من الصواب التعاطي معها؛ لا يمكن التمييز بين “السكان البائسين” لغزة وبين حكومتهم المنتخبة (حكومة حماس)، وبالتالي فمن يريد أن يعد تأهيل غزة ويمنع مصيبة انسانية ملزم بان يفعل هذا بتعاون كامل وعلني مع الحكومة هناك. مصلحتنا مع غزة هي مصلحة امنية فقط.
مصلحة حماس قصيرة المدى هي الاعتراف الدولي بحكمها بالامر الواقع والمساعدة الاقتصادية العاجلة. اما تضارب المصالح بيننا وبين حماس فليس كبيرا جدا. يمكن التوصل، كما اسلفنا، بسهولة كافية الى تسوية ذات ثلاثة بنود اساسية: وقف نار كامل؛ تبادل الاسرى والجثث؛ التعاون الكامل من جانب اسرائيل مع من يرغب في اقامة مشاريع بنى تحتية أو كتلبية للحاجة الانسانية العاجلة. فمثلا، استعداد تركيا لان توقف امام شواطيء غزة سفينة مع مولد كبير يرتبط بالشبكة ويتمكن من الزيادة العظيمة لتوريد الكهرباء للقطاع (الا اذا كانت اسرائيل مستعدة لان تزيد بشكل فوري هذا التوريد).
وبالنسبة للشمال: فان سياسة اسرائيل حتى الان بالنسبة لما يجري في سوريا هي سياسة صحيحة، غير أنه دون صلة بالتهديد الايراني من سوريا، من المتوقع لنا أن نكون في غضون بضعة اسابيع في وضع يصل فيه عشرات الاف اللاجئين السوريين الى جدار الحدود معنا، والجيش السوري – في اطار رغبته في أن يستعيد كامل السيادة للنظام، بما في ذلك في منطقة القنيطرة – يمس بهم بشدة. على اسرائيل منذ اليوم أن تحاول أن تضمن مسبقا أمرين: الاول، ترسيم خط في داخل سوريا، على مسافة بضع مئات الامتار شرقي الجدار الحدودي، والايضاح بان من يطلق النار في داخل “هذا القاطع الانساني”، فسترد اسرائيل النار عليه. ان خطر التدهور من خطوة كهذه متدن جدا، واسرائيل ستنال تأييدا دوليا جارفا. وفوق كل ذلك – لا يمكننا ان نقف جانبا اذا ما وقعت تحت أنفنا مذبحة للمدنيين.
الامر الثاني (وشكرا لعيدان عصيون، نائبي السابق كرئيس قيادة الامن القومي الذي انار هذه النقطة) هو المطالبة بان بالتوازي مع اعادة الحكم الى النظام السوري ستعود قوات الامم المتحدة الى العمل ايضا. فقوات الامم المتحدة هي آلية تشكلت في 1974 ومهمتها كانت ضمان الهدوء في هضبة الجولان. اذا عاد رجال هذه القوة الى الاستحكامات التي هجروها في سوريا وعملوا حسب التفسير الصحيح لتفويضهم (مسموح قوة سورية بحجم معين على مقربة من الحدود، ولكن محظورة ميليشيات شيعية أو حزب الله)، ستكون هذه خطوة هامة اخرى لمنع المواجهة في المستقبل.
الخلاصة: تسوية مع حماس الان، كي نتمكن من أن نواجه بنجاح اقصى للجبهة الاكثر تهديدا.