#أقلام وأراءغزة

غازي الصوراني: اعمار قطاع غزة، خطة تنفيذية وطنية وليست شرعنة للاحتلال

غازي الصوراني 17-1-2025: اعمار قطاع غزة، خطة تنفيذية وطنية وليست شرعنة للاحتلال

تقديم :

ورقة أولية حول إعمار قطاع غزة ، حاولت مجتهداً اعداد وحصر تكاليف الإعمار الناجمة عن اثار التدمير الصهيوني للقطاع بعد 465 يوم على الحرب العدوانية، آملاً ان يتم التوصل عبر الحوار الهادئ بين كافة الاخوة المعنيين إلى مجموعة مقترحات عملية حول سبل تحقيق “الخطة الوطنية للأعمار” انطلاقاً من حرصنا على ضرورة الإسراع بتطبيقها في إطار رؤية تنموية وطنية بعيداً عن شروط العدو الصهيوني ، بما يضمن معالجة آثار الحرب والعدوان الإجرامي الذي تعرض له قطاع غزة حتى اعداد هذه الدراسة منذ السابع من اكتوبر2023 ، حيث اعتمد خلالها العدو سياسة التدمير الممنهج، ليس لقدرات وإمكانيات المقاومة فحسب، بل بشكل أساسي استهدف مقدرات وإمكانيات شعبنا الفلسطيني في القطاع، من خلال ايقاع أكبر عدد من الشهداء ( 66000 ) شهيد ومفقود وحوالي (110000) جريح حتى الآن أكثر من 40% منهم باتوا اصحاب اعاقات دائمة، وتدمير حوالي 80% من البنية التحتية من المنازل والبيوت والمدارس والجامعات والمنشآت الصناعية والزراعية والخدماتية، بحيث يمكن القول بأن العدو الصهيوني تفوق على النازية في هجماته من البر والبحر والجو التي لم تترك بشراً أو حجراً أو شجراً إلا وكانت هدفاً بالنسبة له.

هذا يقودنا إلى الدعوة إلى عقد مؤتمر فلسطيني لتشكيل هيئة وطنية للإشراف على عملية الإعمار تحت مظلة وإدارة منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية الفلسطينية، بحيث تتناول الهيئة الوطنية سبل إعادة الإعمار في قطاع غزة، وتوفير المبالغ المطلوبة لهذه العملية من الإخوة الدول العربية والأصدقاء في العالم دولاً ومؤسسات.

آثار العدوان الصهيوني وتكاليف الإغاثة والاعمار:

في هذا السياق، أشير إلى أهمية الحديث عن أهم آثار العدوان الصهيوني على الأوضاع الاقتصادية الفلسطينية، إلى جانب تناول تكاليف الإعمار وبنوده الرئيسية وفق ما يلي:

أولاً: آثار العدوان على الأوضاع الاقتصادية:

– تجميد تحويل المستحقات (المقاصة) إلى السلطة وآثاره الضارة، الأمر الذي يؤدي إلى مزيد من الخنق الاقتصادي الإسرائيلي للسلطة.

– ⁠العجز في موازنة السلطة قد يصل إلى 1.2 مليار دولار.

– التدمير الكلي والجزئي لحوالي 40 ألف منشأة صناعية في قطاع غزة (حسب الإحصاء المركزي للسلطة).

– تدمير ما يزيد عن 90% من ⁠اقتصاد غزة بصورة كليّة تقريباً .

– ⁠⁠تضرر البنية التحتية (توصيلات المياه والمجاري والكهرباء) بنسبة تزيد عن 70% إلى جانب تدمير 92% من الطرق الرئيسية (حوالي 2 مليون متر مربع من شوارع القطاع).

– ⁠تضرر قطاع الإسكان بنسبة تزيد عن 70%

– تزايد نسبة البطالة في قطاع غزة عن 85%، وارتفاع ⁠معدل الفقر والفقر المدقع إلى حوالي 90% في قطاع غزة.

ثانياً: تكاليف الإعمار وبنوده :

في ضوء ما تقدم، اعتقد ان قطاع غزة بحاجة ماسة إلى حوالي 70 مليار دولار لكل من الإغاثة الطارئة قبل الاعمار ولعملية الاعمار، وهو مبلغ ضخم ليس من السهل الحصول عليه من الدول المانحة بالسرعة المطلوبة في ظل العلاقات الدولية الراهنة المنسجمة سياسيا وعمليا بالرؤى والمواقف الامريكية/ الإسرائيلية، الا ان هذا المبلغ – على ضخامته – لا يزيد عن نسبة 6% من اجمالي الناتج المحلي لدول النفط العربية في الخليج والسعودية الذي يصل الى حوالي 1100 مليار دولارسنوياً..

-مرحلة الإغاثة للنازحين قبل البدء بالاعمار :

في هذا السياق ، لا بد لي من التأكيد على الاخوة في م.ت.ف والسلطة بضرورة الاهتمام الشديد بالاعداد منذ اللحظة لتنفيذ خطة إغاثة أبناء شعبنا في قطاع غزة عموما ، وخاصة النازحين في خيم النزوح والمدارس والبيوت المستأجرة وعددهم التقريبي يصل الى ما لا يقل عن 1.5 مليون نازح، يحتاجون فور وقف الحرب – بأقصى سرعة – الى ما لا يقل عن ثلاثمائة الف كرافان وخيم مزودة بالخدمات لتأمين الحد الأدنى من الحياة الكريمة لابناء شعبنا ( بمعدل كرافان لكل عائلة من خمسة افراد )، علما بان كلفة الكارافان 9 متر طول و3متر عرض ( بمساحة 27 متر مربع) حوالي 2000 دولار ، وبالتالي فان اجمالي قيمة الكارافانات ستمائة مليون دولار يضاف اليها قيمة تكاليف تمديدات الكهرباء والمياه ةغير ذلك ، بحيث يمكن ارتفاع التكاليف المطلوبة للإغاثة قبل الاعمار حوالي مليار دولار.

تكاليف الاعمار :

أقدم فيما يلي اجمالي تكاليف الإعمار الناجمة عن اثار التدمير الصهيوني لقطاع غزة بعد 465 يوم على الحرب العدوانية حتى 12/1/2024 تاريخ اعداد هذه الدراسة.

القطاع

القطاع الفرعي

الإجمالي

(مليون دولار)

الاجتماعي

الحماية الاجتماعية: الشهداء و الجرحى و الأسرى و البطالة

1517

الصحة والدعم النفسي الإجتماعي

218

التربية والتعليم العالي، مدارس و جامعات عدد 103 تدمير كلي و حوالي 313 تدمير جزئي

621

المجتمع المدني والمنظمات المجتمعية

45

المجموع الفرعي

2401

إزالة الأنقاض ومخلفات الحرب القابلة للإنفجار و بناء 385 ألف وحدة سكنية

16716

المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية و الطاقة

421

المباني الحكومية و المستشفيات والمساجد والكنائس المدمرة المباني الحكومية 189 مقر حكومي و 30 مستشفى

349

معبر رفح

55

الطرق-2مليون متر مربع من شوارع القطاع مدمرة بكلفة 100$ للمتر المربع

270

البيئة

10

المجموع الفرعي

17821

الاقتصادي

الزراعة:الأضرار الزراعية

951

الصناعة والتصنيع:56ألف منشأة صناعية بكلفة 500 مليون لكل مصنع

28359

التجارة والخدمات:22مليون دولار خسائر الدخل اليومية

6919

التشغيل

69

تشجيع الاستثمار

150

المجموع الفرعي

36448

الحوكمة

القدرة التشغيلية لمؤسسات الحكم المركزي

113

القدرات التشغيلية لمؤسسات الحكم المحلي

300

سيادة القانون وحقوق الإنسان

10

مجموع تكاليف الإعمار

57093

المبلغ المقترح لدعم موازنة السلطة الفلسطينية للعامي 2024 و2025 بمعدل 6 مليار دولار لكل عام

12000

المجموع العام

69093

تحديات إعادة الاعمار: الرؤية والتمويل :

على أي حال، انني ادرك أن أموال الدول المانحة ليست أموالاً خيرية أو إنسانية، فهي أموال مشروطة بتدفيع شعبنا ثمناً سياسياً مقابلها في محاولة من هذه الدول –بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية- الوصول إلى تسوية مذلة تحت عناوين:التهدئة الدائمة ووقف أعمال العنف ومواصلة عملية التسوية السياسية للصراع وفق الشروط الإسرائيلية / الأمريكية، مقابل أموال الاعمار، بحيث يمكن وصف عملية الاعمار بأنها عملية ابتزاز، تسعى واهمة لشرعنة الاحتلال الصهيوني وفرض استسلام شعبنا الفلسطيني لشروطها المذلة.

علاوة على ما تقدم، وحسب التجارب السابقة، فإن معظم المؤسسات الدولية في قطاع غزة، قد ترتب أوضاعها لتنفيذ برامج ومشاريع الاغاثة والانعاش لمدة محددة ( عام أو نصف عام )بعيداً عن مشاريع الاعمار للبيوت المدمرة وغير ذلك من المشاريع الصناعية والزراعية والصحية والتعليمية …الخ الواردة في الخطة الوطنية للاعمار.

ما يعني بوضوح أن شروط عملية إعادة الاعمار هي تكريس وتشريع للحصار والاحتلال، الأمر الذي يستدعي مراجعة كل ما جرى برؤية نقدية وطنية، الأمر الذي يستدعي من كافة القوى والشخصيات الوطنية والاجتماعية والمنظمات الغير حكومية والقطاع الخاص، المبادرة إلى الدعوة من أجل تشكيل هيئة وطنية ، بمشاركة فعاله من أصحاب المصانع والمزارع والمشاريع المتنوعة والبيوت المدمرة، لمتابعة ومراقبة تنفيذ عملية الاعمار.

علاوة على كل ما تقدم، وعلى الرغم من كل هذه الوقائع المريرة، إلا أن أحداً لا يعرف متى وكيف ستتم عملية التمويل؟ والسؤال الأهم هل ستستمر حالة الانقسام أم أن المصلحة الوطنية تفرض على فتح وحماس انهاء هذه الحالة بالاحتكام إلى وثائق المصالحة الوطنية والقانون الأساسي ، واستعادة وحدتنا الوطنية التعددية تحت راية منظمة التحرير الفلسطينية في نظام سياسي وطني ديمقراطي يلتزم بصورة واضحة بوحدة الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 ، ليقطع الطريق على كل من تسول له نفسه ( فرداً أو جماعة) بالدعوة الى فصل قطاع غزة عن بقية الأراضي الفلسطينية ، باعتبارها دعوة مشبوهة معادية لوحدة شعبنا من ناحية ومعادية لمنظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي الوحيد لشعبنا ، وبدون تكريس هذا الموقف الوطني التوحيدي بقيادة م.ت.ف ، فأن مظاهر الهبوط السياسي والتفكك الاقتصادي والاجتماعي، وتزايد تراكمات البطالة والفقر المدقع والتشرد وارتفاع نسبة الجريمة الاجتماعية بما قد يجعل من قطاع غزة مرتعاً خصباً لكل أشكال ومظاهر التطرف والفوضى المتوحشة التي تفتح الأبواب واسعة أمام تصفية قضيتنا ووحدة شعبنا.

إن الاشراف الوطني على عملية الاعمار ومراقبتها من خلال هيئة وطنية لمتابعة خطة الاعمار يكون مقرها الرئيسي في رام الله وغزة، مسألة ضرورية بمشاركة المتضررين من القطاع الخاص وأصحاب البيوت والمشاريع المدمرة وأبناء الشهداء والجرحى، بما يضمن تنفيذ عملية الاعمار بصورة صحيحة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى