ترجمات عبرية

عوزي برعام يكتب – موت صديق

هآرتس – مقال – 30/12/2018 

بقلم: عوزي برعام

موت عاموس عوز تركني مشدوها، لكني لست متفاجئا. لقد تحدثت معه يوم الثلاثاء الماضي في المستشفى. صوته ظهر صافيا وليس متلعثما مثلما كان في الشهر الماضي عندما قال “سأجتاز هذا، سنلتقي في بيتي في الاسبوع القادم”. أعترف أن حديثه المشجع زرع بي الأمل.

لقد تعرفنا سنوات طويلة وتحدثنا مرات كثيرة، ومنذ الوقت الذي وجدنا أنفسنا فيه نعيش في جيرة تحولنا الى اصدقاء مقربين اكثر. كتابه “قصة عن الحب والظلام” سحرني، حيث كنا نعيش في القدس في تلك الفترة والذكريات المشتركة خلقت قاعدة لصداقة وطيدة. معا انشأنا برلمان في الحي للآراء، الذي منحه عاموس قوته، من خلال موقفه السياسي، حساسيته الاخلاقية وقدرة الاتصال التي تمتع بها.

لقد دللني بردود سريعة على مقالاتي في “هآرتس”، اعتاد على الاتصال معي في السادسة صباحا، بالنسبة له كان هذا الوقت يعني منتصف اليوم لأن يومه يبدأ في الساعة الرابعة صباحا بسيره اليومي. لقد دعمني وشجعني في الاتجاهات التي اخترتها.

عاموس تألم جدا من “روح الفترة الحالية”، وكان منتقدا لغياب السلام من الخطاب العام. لقد تألم من تقليل الديمقراطية في معادلة دولة يهودية – ديمقراطية، وآمن بأن حل الدولتين هو الذي ما زال واقعيا، ربما بطريق صعبة سنصل الى هذه النتيجة التي لا يوجد غيرها.

لم يكن لديه أي شيء دغمائي وتقديس مواقف الماضي. لقد تحول الى معجب ببن غوريون واعتقد أنه عند اقامة الدولة فقد صب مضامين الاستقلال في جهاز القضاء ودفع بالحاكمية الاسرائيلية في الجيش والمجتمع. وقد فاجأني ذلك لأنه اثناء فترة “قضية لافون” كان عاموس من مؤيدي لافون ومعارضي بن غوريون.

عاموس كان يدرك قيمة نفسه، لكنه لم يقلل في أي يوم مكانة أدباء آخرين. لقد شجع أدباء شباب على الكتابة وناقشهم في مواقفهم. حبه للأدباء نبع من حبه العميق للكلمة المكتوبة. لقد قرأ الكثير من الكتب ايضا عندما كان يكون منشغلا في كتابة كتاب جديد. وكان يصدر حكمه بعد انهاء السطر الاخير. انتاجه الأدبي ترجم لعدة لغات. وقد كان سعيدا بقراءة ما كتبته له قارئة كورية حول “البشرى حسب يهودا”. ولكن حتى في الوقت الذي تحول فيه الى أحد الكتاب المعروفين في العالم، والعوالم التي خلقها في كتبه اصبحت ملكا للجميع، أعطى اهمية كبيرة للكتابة السياسية.

في 2017 أصدر كتاب “سلام للمتعصبين”، الذي جند فيه كل قواه الفكرية والاخلاقية من اجل مكافحة التعصب والظلامية التي تسيطر على أجزاء من اسرائيل. وقد عمل كل ما يستطيع من اجل نشر الكتاب حتى في اوساط المستوطنين، وكان مسرورا بالردود التي تلقاها. رجال ونساء تعاملوا باحترام مع رؤيته الاخلاقية، وثقتهم بطريقهم تصدعت بدرجة ما. من ناحية معينة هذا الكتاب هو نوع من الوصية السياسية بشأن الصورة المرغوب فيها للدولة والمجتمع.

عاموس لم يكن “المعلم” الذي يعطي بركته، بل شخصية تمنح وصايا سياسية واستراتيجية. وقد حج الى بيته رؤساء الاحزاب السياسية من اليسار والوسط. وقد دعاهم الى الارتباط معا، لكنه لم يكن مقتنعا بأن هذا الامر سيتحقق.

أشعر أن هناك عاموس عوز أمير الأدب وصاحب الشهرة، وعاموس الخاص بأصدقائه. هم لن يتمكنوا من نسيانه والآن سيفقدون صديقا حقيقيا. رجل له مواهب كثيرة، شخص لطيف، مصغي ودائما يرد بتواضع. موته يعتبر خسارة عامة وشخصية ليس لها علاج.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى