عوديد غرانوت يكتب – حزب الله: الصدمة والصمت
اسرائيل اليوم – مقال – 6/12/2018
بقلم: عوديد غرانوت
مر أكثر من يومين منذ انكشف نفق حزب الله في مزروعات المطلة، ونصرالله، بخلاف تام كعادته منذ عشرات السنين، لا يزال يملأ فمه ماء.
ليس هو فقط. كل قيادة حزب الله وكأن بها ابتلعت لسانها. في ختام سلسلة من التلعثمات في وسائل الاعلام اللبنانية، المقربة من المنظمة بان “اسرائيل تطلق سحب الغبار في اراضيها” وانه “هذه ليست حملة لحماية الشمال بل خطوة لحماية نتنياهو”، نجح امس نبيه بري، الزعيم الشيعي الكبير، في ان يخلق بصعوبة الرد الرائع التالي: “انا اقول انه لا يوجد أي نفق، واذا كان احد ما يصر مع ذلك انه يوجد – فليريني مؤشرات على الارض”.
الرد، في واقع الامر انعدام الرد غير المميز على الاطلاق لحزب الله، الذي قبل بضعة اسابيع فقط لم يضيع وقتا كي يخرج جولة صحافيين في بيروت غايتها دحض ادعاء اسرائيل عن وجود مصانع لتدقيق السلاح، هو نتيجة مباشرة للصدمة التي ألمت بالمنظمة في اعقاب كشف النفق. صدمة تحولت الى صمت اعلامي.
سبب الصدمة واضح. مشروع حفر انفاق هجومية الى داخل اراضي اسرائيل هو احد المشاريع الاكثر سرية وكتمانا لنصرالله مع شركاء سر قليلين. فالثقة المطلق في أن ليس بوسع اسرائيل ان تكشفه، دفع الحفارين الى مواصلة الحفر حتى عندما كانت تنشر في اسرائيل بين الحين والاخر شكاوى من السكان عن ضجيج غريب يسمعونه تحت الارض.
وفجأة دفعة واحدة وبلا اخطار، ينهار المشروع السري امام ناظره. نفق واحد انكشف واذا اسرائيل “تمسك بكل خطة الانفاق الهجومية لحزب الله”. بتعبير آخر: ليس اكتشافا مصادفا، بل صورة استخبارية كاملة. يمكن لنصرالله أن يتوصل الى استنتاج بانه توجد هنا ثغرة ضخمة في منظومة الحماية لدى المنظمة.
ميزان الرعب يبقى محفوظا
يقال فورا: كشف نفق حزب الله، مع كل اهميته، ورغم الصدمة والدهشة في الجانب اللبناني لا يغير بشكل اساسي ميزان الرعب بين اسرائيل وبين المنظمة الشيعية. نصرالله هو خصم مرير وصعب وحزب الله هو جيش صغير من الارهاب، مفعم بالدوافع، خبير ومجرب في نظرية القتال، مجهزة بمنظومة من 150 الف صاروخ قادرة على تغطية اراضي اسرائيل.
ومحظور الخطأ ايضا. حزب الله لن يرد طالما كانت تعمل اسرائيل على تدمير الانفاق في داخل اراضيها. ولكن اذا ما عملت خلف الجدار ايضا، فسيحاول الرد موضعيا، رغم أن خرق السيادة الاسرائيلية الى داخل المطلة لا ينبغي أن يعتبر اقل خطورة من خرق السيادة اللبنانية. اذا عملت ضد مشروع الصواريخ في بيروت ويحتمل الا يكون مفر من ذلك، فان رد حزب الله سيكون أوسع بكثير.
حرب نفسية
أما حاليا، ففي الحرب النفسية التي تجري بين الطرفين بين الحربين، في المعركة على الوعي، ثمة في هذه اللحظة لدى اسرائيل ورقة اعلامية قيمة. لا يدور الحديث فقط عن دليل دامغ على ان حزب الله، بمجرد حفر النفق، كشف نواياه الهجومية، شطب بقدم فظة قرار مجلس الامن 1701 وخرق السيادة الاسرائيلية؛ بل وايضا في شريط مسجل نادر، قيمته الدعائية تساوي اكثر من الف كلمة.
إذ أن فقط من يشاهد عشرات الاشرطة المسجلة التي تبث كل يوم في شبكة “المنار” لحزب الله وفيها يصور نشطاء المنظمة كمقاتلين شجعان، يهاجمون ببسالة ولا خوف “لاحتلال الجليل”، يمكنه ان يفهم التأثير في الساحة اللبنانية وخارجها لشريط واحد التقطه الجيش الاسرائيلي ويبدو فيه نشيطان من حزب الله يفران برعب من النفق الذي حفراه. حزب الله يعرف أن يهرب أيضا؟
في كشف النفق الهجومي انكشف نصرالله ايضا كمن لا يخشى من التضحية بلبنان على مذبح المصالح الايرانية. احمد عياش كتب أمس في “النهار” اللبنانية ان حزب الله، بأوامر من طهران، يجر لبنان كله الى نفق، وبيروت ايضا لن تخرج محصنة من الحرب القادمة.