ترجمات عبرية

عودة بشارات / مجرمو قانون القومية الى لاهاي

هآرتس – بقلم  عودة بشارات – 6/8/2018

اذا وضع مُطهر لافتة مرسوم عليها العضو الذكري على باب مكتبه من اجل تشجيع عمله، فيمكن الافتراض أن مصلحته ستغلق في نفس اليوم والسكان سيعتبرون متسامحين جدا اذا لم يطردوه من المدينة. هناك مهن واعمال وافكار لا يعلن عنها عدا بالرموز. هل تلقيتم ذات مرة بطاقة تعريف من لص “فلان وأولاده، سرقة كل انواع السيارات والادوات الكهربائية”؟ هل يمكن توقع أن يقوم شخص عنصري بتعريف نفسه بفخر: “فلان العنصري”؟ بالعكس هو سيعرض نفسه كوطني فخور، عمل من اجل نقاء العرق.

ولكن في اسرائيل قرر اليمين خلافا لكل منطق أن يحطم هذه القاعدة الحديدية. ما الذي كان يضيره من الوضع القائم؟  منذ سبعين سنة والدولة تفعل للعرب كل ما يخطر ببالها. وفي نفس الوقت من يأتي اليها يتم استقباله بشعارات باهرة عن دولة تحب الانسانية. بالضبط نور للاغيار. الآن بعد سن قانون القومية، فان دولة اسرائيل حسب تعريفها هي دولة ابرتهايد، والدبلوماسي القديم الون ليئال يكتب في تويتر أن “الابرتهايد في جنوب افريقيا سقط ليس بسبب أنه كانت هناك عنصرية، بل لأنها كانت موجودة في قانون”. للحقيقة، لا توجد حاجة لمثال المُطهر من اجل فهم كيف يجب علينا التصرف. يكفينا الآباء المؤسسون للدولة. في السابق في كل مرة رأيت فيها وثيقة الاستقلال أصابتني الدهشة. كيف يمكن أنه خلال الاضطرابات الدموية في العام 1948 حلت روح التسامح على زعماء اليشوف، وصاغوا وثيقة كهذه تقطر بمحبة الانسان. وتعهدوا “لابناء الشعب العربي سكان دولة اسرائيل” بكل خير (وهو تعهد تبخر بالطبع بعد لحظة من توقيع الوثيقة). وبسبب سذاجتي اعتقدت في حينه أنه لدافيد بن غوريون في لحظة من التسامي الروحي قفز فجأة الجين الانساني، بالضبط كما قفز لبنيامين نتنياهو منذ فترة قصيرة الجين الشرقي.

في حينه وصلني نص كتبه رجل القانون اهود الياهو، الذي يظهر فيه العلاقة الوثيقة بين فقرة الحقوق المدنية في وثيقة الانسان وبين الفقرة ج من خطة التقسيم للامم المتحدة (“الاعلان”). بن غوريون فهم ماذا يريد العالم، وعمل حسب ما يتوقعون منه. العالم بقدر ما هو جيد رضي عنه وانتقل الى الانشغال بالنزاع الدموي القائم. يمكننا التقدير أنه اذا كانت الامم المتحدة تريد السماح بـ “حضانة الأم” للمثليين فان بن غوريون لم يكن ليتردد في ادخال بند كهذا ايضا الى الوثيقة.

الفقرة ج تطلب من الدولتين اللتين ستقومان تبني مباديء الحرية والمساواة والديمقراطية، وتم التأكيد فيها ضمن امور أخرى على “عدم مصادرة الاراضي” التي تعود لعربي في الدولة اليهودية وتعود ليهودي في الدولة العربية، “عدا للاغراض العامة”. أين قاموا باخفاءك أيتها الفقرة الجميلة؟.

كما ينص قرار الامم المتحدة على أن “الشروط المشمولة في البيان تعتبر قوانين اساس للدولة… وأي قانون، تعديل أو عمل رسمي لن يكون لها قوة سريان اكثر من قوة هذه القوانين”. التعليمات التي تظهر في الفقرة “يتم ضمانها من قبل الامم المتحدة، وأي تعديلات لن تجرى عليها بدون موافقة عامة في الامم المتحدة”، و”كل خلاف يتعلق بتفسير هذا البيان يتم تقديمه بناء على طلب أحد الاطراف الى محكمة دولية”.

قانون القومية جاء ليحل محل قانون اساس منعت الامم المتحدة التلاعب فيه. حسب رأيي، من سنوا قانون القومية هم مخالفون للقانون. ليس مجرد مخالفين عاديين للقانون بل مجرمون دوليون يجب تقديمهم لمحكمة الجنايات الدولية في لاهاي. (لست متسرعا لاستخدام هذا التعبير القاسي، “مجرمون”، لكن لأن اليمين لم يتردد في تسمية من عملوا من اجل التوصل الى سلام بذلك، يبدو أنه لا مناص من ذلك). دولة تراجعت عن اعلان استقلالها الذي يقوم على قرار الامم المتحدة تقوض شرعيتها الدولية. ويوجد للعرب والديمقراطيين في اسرائيل حق في التوجه الى الامم المتحدة والمطالبة باتخاذ خطوات ضد الآباء المنكلين.

شيء آخر: في هذه الاثناء نتنياهو لا يمكنه أن يطلب من العالم الاعتراف باسرائيل كدولة القومية اليهودية. في اعقاب هذا القانون من الذي يستطيع الاعتراف بدولة ابرتهايد صريحة؟.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى