عودة بشارات : ليس فقط احباط وسحق الشعب الفلسطيني
بقلم: عودة بشارات، هآرتس – مقال – 25/6/2018
هذا يحدث تماما الآن؟ ممثل الامبراطورية غارد كوشنر مع مساعده جيسون غرينبلاط جاءا الى المنطقة من اجل القيام بما حلموا به في التيار الصهيوني المركزي لسنوات طويلة وهو سحق الشعب الفلسطيني، وليس فقط حركته الوطنية. وكذلك ليس فقط قيادته كما يعتقد صائب عريقات. الضربة الاولى كانت في العام 1948 عندما تم تحطيم الشعب الفلسطيني الى اربعة اجزاء: في اسرائيل وفي الضفة وفي قطاع غزة وفي مخيمات اللاجئين في ارجاء دول العالم.
الآن المهمة ليست مجرد تقطيع، بل حقا سحق الشعب الفلسطيني تماما، ذرة إثر ذرة. الفرد يتم فصله عن أخيه، الضفة الى جهة وغزة الى جهة – وفي الضفة رام الله وحدها وجنين وحدها. وفي الشتات – الفلسطينيون في الاردن الى جانب وفي لبنان الى جانب آخر. وكل هذا المشروع يسمونه “الصفقة النهائية”. أنا اقترح تغيير الاسم بحيث يناسب الموقف. ماذا لو اطلقنا عليه اسم “الجريمة النهائية” أو “السحق النهائي” أو ربما كلاهما. لا شك أن الخزي هنا ليس فقط من نصيب من يعملون على تنفيذ “الصفقة”، مهما كان اسمها، بل هو من نصيب كل العالم الذي يصمت.
في السابق كان هناك من اعتقدوا أنه يمكن انشاء كيانين هنا حسب مبدأ العدالة، حتى لو كانت جزئية. وآخرون اعتقدوا أنه مع ذلك لا يمكن أن تكون هنا حفنة من المنطق وحفنة من النوايا الحسنة بحيث تخفف من سوء الحظ. ولكن الواقع صفعهم على وجوههم. مقابل كل حجر وضع في حائط البيت الاسرائيلي، في المقابل تم اقتلاع حجر من بيت عربي. ومقابل كل مستوطنة يهودية اقيمت هدمت قرية فلسطينية. الآن جاء دور قرية الخان الاحمر للاقتلاع. على هذا يمكن تهنئة قادة التيار المركزي في المشروع الصهيوني على انجازهم الكبير.
العفو لأنني استخدم هنا مفهوم “صهيونية” رغم وجود صهاينة لهم اسلوب آخر، طريق السلام والمصالحة بين الشعبين. ولكن الحقيقة المؤلمة هي أن اكثر من 90 في المئة من الاحزاب الصهيونية، سواء بالصمت أو التشجيع الحماسي، ينظرون بنظرة مؤيدة لعملية سحق الفلسطينيين ويصفقون لممثلي الامبراطورية على كل شيء يفعلونه.
اجل، هذه المرة ايضا القيادة الاسرائيلية اختارت أن تكون الى جانب ظلام العالم، وتدير ظهرها لشعوب المنطقة. في العام 1956 انضم دافيد بن غوريون الى امبراطوريات محتضرة، فرنسا وبريطانيا، ضد الشعب المصري الذي تجرأ رئيسه على اعلان تأميم قناة السويس. بعد ذلك عززت اسرائيل نظام الرعب لشاه ايران ضد الشعب الايراني – نظام قاد بسبب وحشيته الى نظام اكثر وحشية.
في هذه الاثناء اسرائيل هي حليفة السعودية، طليعة الحفاظ على حقوق الانسان، وحليفة الديكتاتورية العسكرية في مصر، وحليفة كل ما يبدو ظلامي في العالم العربي الى درجة أنها غارقة في هذه الوظيفة بحيث أنها تتبنى الحركة الوهابية المتطرفة – القاعدة الايديولوجية للجماعات الاسلامية المتزمتة، التي تبشر فقط بالكراهية والعنف. الرائد افيحاي ادرعي، رئيس قسم الاعلام العربي في دائرة المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي دعا في فيلم قصير سكان غزة للتمسك بالتيار الوهابي ازاء الخطر الشيعي الذي يتجسد بايران وحلفائها. يمكن حقا أن نندهش من بشرى النور التي تجلبها الدولة اليهودية للشعوب العربية. في فيلم سابق طلب ادرعي من المرأة الغزية الجلوس في البيت.
يبدو أن العقبة الوحيدة التي بقيت أمام تجسيد هذه الخطة هي الفلسطينيون. وهذه المرة على رأسهم القيادة الفلسطينية والجمهور العربي اليهودي التقدمي في اسرائيل، الذي يشمل ايضا صهاينة كثيرين صهيونيتهم تختلف عن صهيونية يئير لبيد وآفي غباي. واؤكد لكم أنه بعد بضع سنوات سيكتب البروفيسور المحترم شلومو افينري بأن الفلسطينيين فوتوا مرة اخرى الفرصة، فرصة سحقهم