ترجمات عبرية

عودة بشارات : المظاهرات في رام الله – العصا الوطنية

هآرتس – بقلم  عودة بشارات – 18/6/2018

حاييم نحمان بياليك حلم بالشرطي العبري الاول في الدولة العبرية. الفلسطينيون تفوقوا على أبناء عمهم: ها هم بدون دولة يوجد لديهم شرطي مسلح بهراوة. برتولد بريخت قال إنه في الوطن حتى الصوت بشكل مختلف. ونحن نضيف إنه حتى بتكسير العظام بالعصا الفلسطينية يوجد طعم الوطن.

ذات يوم فكر الشاعر الفلسطيني المشهور أبو سلمى بفلسطين كـ “حلم الثوريين”. وها هو حلم الفلسطينيين يتحول الى هراوة تحسن ضرب كل المتظاهرين دون تمييز. المتظاهرون والصحافيون والمصورون حتى ذاقوا طعم الهراوة الوطنية.

لذلك فانه في هذه الحملة المجنونة عندما تبرز العصا والوطن يسحق تحت بساطير الاحتلال، لا يكون ما هو مناسب اكثر من اقوال الشاعر أبو الطيب المتنبي، الصوت الاصيل للعرب منذ ألف سنة تقريبا، الذي قال “ظلم ذوي القربى أشد مضادة على النفس من وقع الحسام المهند”.

المشكلة هنا هي أنه في فلسطين لا توجد دولة، بل ما زال  يوجد أسرى، ويجب على الرئيس الحصول على تصريح من مصلحة السجون كلما اراد التحرك من مكان الى آخر، والسجانون من كثرة الوقاحة يذكرونه في كل لحظة بأنه سجين. أنا أقول ذلك ليس بلهجة انتقادية، لا سمح الله. أنا أعرف جيدا وضعه واسلوبه السياسي، وليس اسلوب حكمه، حيث اننا لا نختار الواقع، حتى المجنون، الذي ولدنا فيه.

أبو مازن هو مهندس العقلانية للنضال الفلسطيني، بالمعنى الذي لا يخدع فيه أبناء شعبه ولا يمتاز بازدواجية الحديث. هو العكس تماما لاولئك الذين علنا هم فرسان الكلمة في الحقيقة، لكنهم في محادثات خاصة يقولون أمور مختلفة تماما. هذا الرجل يقول علنا ما يفكر فيه، سواء أحب الجمهور هذا أم لا. واذا نبشتم في اوراق مهندسي الاحتلال ستعرفون أن محمود عباس هو الاكثر خطرا بالنسبة لهم. هم يريدون شخص يسهل عليهم مهمة سحق الحركة الوطنية الفلسطينية، وليس هناك حليف افضل لتحقيق هذا الهدف من الغضب، الذي يقلب الامور رأسا على عقب: الضحية تتحول الى الجلاد والجلاد يتحول الى الضحية.

ولكن المسافة بين هذه المقاربة الثورية الواقعية وبين قمع حركة احتجاج طويلة. المظاهرات الاخيرة في رام الله ليست تكرارا للصراع المأساوي بين الفصائل الفلسطينية في السابق. الحديث يدور عن احتجاج مدني يجب التعامل معه باسلوب الحوار. لهذا من الغريب لي أن اعضاء فتح وقفوا، حسب وسائل الاعلام، الى جانب رجال الشرطة لقمع المظاهرة. اذا كانت حركة فتح التي اشتاق اليها نزار قباني في الايام الصعبة التي اعقبت النكبة عندما كتب “مهما تأخروا سيأتون من حزننا الجميل بثمار القمح أو ثمار الليمون”.

في المقابل، ماذا اراد في النهاية مئات المتظاهرون الفلسطينيون، الغاء العقوبات على قطاع غزة، حيث أنه من غير المعقول الطلب من اسرائيل رفع الحصار عن القطاع والسلطة تعاقبه من اجل معاقبة حماس. صحيح أن حماس قسمت الوحدة الفلسطينية وفرضت هناك نظام ارهاب، لكن الطريق لانهاء هذا الفصل ليس معاقبة السكان في قطاع غزة.

يمكن التخمين أن من يسمون انفسهم “الاحتلال المتنور” سيخرجون الآن بصدر منفوخ – ها هم العرب يقمعون المظاهرات بالقوة. ونحن نقول لهم إن من يطلق النار على أناس غير مسلحين من مسافة مئات الامتار عليه ان لا يتحدث عن قامعي المظاهرات. بالمناسبة، في فلسطين المتظاهرون وكذلك السلطة يعرفون جيدا في الوقت المناسب ما هو مصدر كل المشاكل. الشاعر العربي القديم قال “بلادي وإن جارت علي عزيزة وأهلي وإن ضنوا علي كرام”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى