عميره هاس : على ماذا يدلل القمع العنيف لنشاط احتجاجي في رام الله
هآرتس – بقلم عميره هاس – 18/6/2018
القمع العنيف للنشاط الاحتجاجي في رام الله يوم الاربعاء الماضي يثبت أن:
•السلطة الفلسطينية وعمودها الفقري – حركة فتح – لا تنوي على الاطلاق اجراء انتخابات. إن من يهتم باجراء انتخابات حرة لا يقمع مظاهرة صغيرة بوحشية تدمج بين خبرة الجيش الاسرائيلي والاجهزة الامنية الفلسطينية والمصرية. إن من يعنيه الفوز في الانتخابات لا يستعمل اساليب تثير اشمئزاز معظم الجمهور وتغربه اكثر عن قيادته غير المنتخبة.
•حركة فتح تتمسك بكل قوتها بنقاط القوة البائسة جدا التي تحصلعليها من سلطة ذاتية تحت سلطة عسكرية اسرائيل ظالمة، وإلا فقد كان عليها التنكر علنا وفورا للاستخدام الذي قامت به قوات الامن الفلسطينية للشباب الذين عرفوا انفسهم كأعضاء فتح (على الاقل جزء منهم من مخيم الجلزون للاجئين، كما قيل لأحد مراسلي موقع “محادثة محلية”، رامي يونس، الذي تواجد في المظاهرة في رام الله يوم الاربعاء وكتب عنها بدقة تثير القشعريرة).
•خوف حركة فتح من زعيمها محمود عباس كبير جدا. فهناك في الحركة اعضاء يعارضون قمع المظاهرة، الذين دعوا الى رفع العقوبات التي فرضها محمود عباس على القطاع، حتى لو كانوا شركاء في انتقاد المحتجين (مثلا أنهم يقللون من مسؤولية حماس عن وضع القطاع وعن تملصها من واجباتها المدنية تجاه سكانه). هم يصمتون لأنهم يخشون على فقدان رواتبهم وأن تتم اقالتهم من وظائفهم أو ابعادهم عن مؤسسات الحركة التي هي مثل البيت بالنسبة لهم.
•السلطة الفلسطينية منظمة تعرف كيفية التخطيط عندما تريد ذلك. هذا خلافا لانطباع رعاياها الفلسطينيين الذين عندما يريدون الحصول على خدمات في الوزارات الحكومية يواجهون بفوضى وعدم تخطيط وتنظيم وغياب التنسيق بين المؤسسات المختلفة وكثير من التجاهل.
السلطة الفلسطينية دمجت بين عدة اذرع بتناسق مدهش من اجل ردع متظاهرين محتملين. وبالتالي قمع ومعاقبة من لم يرتدعوا: الحكومة ومكتب الرئاسة والاجهزة الامنية العلنية و”المستعربين” – رجال أمن بملابس مدنية – ونشطاء فتح الذين يتشبهون بكونهم نشطاء فتح، جميعهم عملوا كآلة واحدة ناجعة.
وقد سبق كل ذلك كتابات ورسومات توضيحية ومطابع، التي أعدت لافتات كبيرة قاموا بتعليقها في ميدان المدينة، التي كان عليها شعارات تشير للسلطة الفلسطينية ودعمها المالي للقطاع من جهة، وتذكر بانقلاب حماس كأساس للكارثة من جهة اخرى. ويضاف الى ذلك كتاب التعليقات في الشبكات الاجتماعية الذين كرروا الدعاية الرخيصة التي تقول إن المتظاهرين هم موظفي الجمعيات التي تمولها جهات اجنبية ويخدمونها.
في يوم الثلاثاء أدان مجلس الوزراء الفلسطيني الاحتجاج وقال إنه يحرف الانظار عن مسؤولية الاحتلال وحماس عن الوضع في القطاع. في مساء ذلك اليوم نشر رسميا أنه بتوصية من مستشار الرئيس محمود عباس لشؤون المحافظات، تقرر منع اجراء مظاهرات واحتجاجات حتى نهاية العيد وذلك من اجل عدم التشويش على فرحة العيد. عشرات المتظاهرين الذين وصلوا مع ذلك الى ميدان المنارة كانت تنتظرهم قوات امنية كبيرة من عدة اجهزة. بالضبط في نفس الوقت الذي اطلقوا فيه قنابل الغاز وقنابل الصوت، بالضبط عندما قام زعران بملابس مدنية بمصادرة الكاميرات، قاموا بضرب المتظاهرين والمتظاهرات واعتقلوهم – جرت في نابلس مظاهرة تأييد من اعضاء فتح لمحمود عباس ولم يقم أحد بتفريق هذه المظاهرة.
•الوضع الراهن يجبي ثمن باهظ من السلطة الفلسطينية. الاتفاق المرحلي يحظر على اجهزة أمنها الانتشار في مناطق ب دون التنسيق مع اسرائيل والعمل في مناطق ج. في مناطق ب و ج يعيش آلاف الفلسطينيين المتروكين لعنف المستوطنين والشرطة الاسرائيلية. سريان هذا الاتفاق انتهى قبل 19 سنة ومع ذلك السلطة تستمر في التمسك به ولا تقوم بارسال قواتها الامنية لحماية والدفاع عن أبناء شعبها. وإلا من يعرف كيف سترد اسرائيل: ستقوم بالغاء تسهيلات الحركة لكبار رجالها أو الغاء تصاريح التجار والكسارات التي هي لهم ولأبناء عائلاتهم.
•مجلس الوزراء الفلسطيني كان محق عندما قال إن الاحتجاج يحرف الاهتمام عن الاحتلال. نحن نكتب عن القمع العنيف لها بدل الكتابة مثلا أن اسرائيل مددت الاعتقال الاداري لعضو المجلس التشريعي الفلسطيني خالدة جرار بأربعة اشهر (المعتقلة منذ سنة بدون محاكمة). نحن لا نكتب عن اصدر أمر هدم بيت لطيفة أبو حميد في مخيم الامعري للاجئين، التي أحد ابنائها متهم بقتل جندي مستعرب مسلح كان ضمن القوة التي اقتحمت المخيم قبل نحو شهر. عندنا لا يعترفون بحق الفلسطينيين بالدفاع عن انفسهم من اقتحامات الاسرائيليين المسلحين. حتى قبل المحاكمة تتم معاقبة كل العائلة الفلسطينية. فقط تخيلوا ما الذي سيحدث في مخيم صغير ومكتظ عندما يدخل جنود جيش الدفاع عن المستوطنين اليه مع الجرافات والمدرعات. ومن يكون غائب؟ رجال الامن الفلسطينيين الذين تدربوا في روسيا والاردن ومصر ورومانيا ولدى الـ اف.بي.آي واجهزة شرطة اوروبية وفرقوا بعنف احتجاج صغير في ميدان المنارة.