ترجمات عبرية

عميره هاس تكتب – محاولات للاسكان الدائم القسري للبدو

بقلم: عميره هاس، هآرتس 31/7/2018

بأمر من الله ابراهيم لم يذبح اسماعيل وذبح كبش بدلا منه. الدم الذي سفك صعد الى الاعلى وخلق درب التبانة. نقاط منه سقطت الى الاسفل على الارض، وهكذا نشأت مصادر المياه التي هي هبة من الله. هذه القصة يمكن سماعها من البدو في سيناء، قالت عالمة الانثروبولوجيا التي طلبت عدم ذكر  اسمها. هي لم تسمع قصة مشابهة لدى البدو الفلسطينيين. ايضا هؤلاء تربوا على الانضباط الاخلاقي والعملي له. لأن مصادر المياه مثل الوديان والينابيع هي من الله يجب عدم تخصيصها وتسييجها ومنع الوصول اليها. ولأنها أملاك عامة يجب الحرص على استخدامها بطريقة معقولة – الخيام لا تنصب على ضفاف الوديان أو قرب الينابيع، بل على بعد بضعة مئات من الامتار عنها لعدم تلويثها وعدم ردع الاخرين من الوصول اليها.

آبار جمع مياه الامطار، التي حفرها البدو في محطاتها الثابتة هي قصة اخرى. لأنهم اشتغلوا عليها هي تعتبر آبار خاصة. في سنوات الخصب عندما تمتليء الآبار بالمياه حتى في الصيف، يمكن توزيع المياه على الآخرين أو حتى بيعها. وفي سنوات الجفاف البئر يخدم فقط العائلة. الارتباط بالبئر يحدد موقع الخيمة: سفح تل، هناك يتجمع قدر كبير من مياه الامطار.

في شتاء 1972 لم تكف مياه الامطار، هذا ما يتبين من رسالة رسمية كتبها في أيار من نفس السنة الملازم عزرئيل دافيد، مساعد شؤون القرى للقائد العسكري لمنطقة رام الله، ولرئيس قسم الاقتصاد وضابط المياه في قيادة اركان الضفة الغربية. “تبين لي أنه يوجد نقص شديد في المياه للبدو في منطقة رام الله. واليكم موقع الآبار التي هي بحاجة ملحة لملئها…”، كتب. بعد ذلك فصل نقاط تموقع الـ 12 بئر – آبار لعائلات ممتدة من قبيلة الكعابنة وقبيلة الجهالين (هو يتعامل مع عائلة عرعارة – صرايعة كقبيلة منفصلة في حين أنها فرع من قبيلة الجهالين). الآبار المذكورة والتجمعات البدوية الموجودة قربها، توجد في جانب شارع اريحا – القدس، حزما وشارع الطيبة – اريحا. في السنوات اللاحقة في جنوب الضفة تم تزويد المياه للبدو بصورة منتظمة وبواسطة ربطها بشبكة المياه. في 12 شباط 1976 ارسل ضابط المخصصات المائية في قيادة الضفة الغربية تفصيل لفواتير استهلاك المياه للبدو في منطقة يهودا الى مساعد رئيس قسم الاقتصاد، على سبيل المثال أم الخير – 994 ليرة، وحاش أو درج – 1428 ليرة.

الاهتمام بتوفير المياه يدل على أن الحكم العسكري ادرك أن أحد مهماته حسب القانون الدولي هو تأمين الحاجات الاساسية للسكان المحليين. ولكن في نفس الوقت فان قادة عسكريين بتوجيهات من المستوى السياسي في حكومة المعراخ تسلوا منذ بداية السبعينيات ببرامج توطين البدو – أي وقف نمط حياة الترحال والرعي بين محطتين ثابتتين (في المناطق العالية في الصيف والمناطق المنخفضة في الشتاء) وتوطينهم في مواقع ثابتة. هكذا تظهر وثائق عسكرية من السبعينيات وبداية الثمانينيات والتي توجد في الارشيف العسكري. حتى 1981 فان معظم الوثائق كانت سرية أو محدودة النشر في حينه، لا تفصل الاسباب لتوجه توطين البدو في المناطق المحتلة من العام 1967. وأنها عرضت تجاه الخارج كـ “مسيطر عليها مؤقتا” من قبل اسرائيل. من العام 1975 هناك وثيقة فريدة تتعلق بالوزير اسرائيل غليلي.

هذه الوثائق تظهر تواصل في التخطيط الاسرائيلي، على خلفية برامج التوطين التي تحاول الادارة المدنية فرضها الآن على الجهالين والعشيرة المنبثقة عنها أبو داهوك في منطقة الخان الاحمر، ونقلهم بالقوة الى الجبل، وهو موقع شبه حضري قرب مكب النفايات في أبوديس.

في العام 1997 نقلت الى هناك قسرا عائلات من عشيرة السلامات. وذلك للتمكين من توسيع معاليه ادوميم. عندما لم تتحقق المخططات السابقة من بداية السبعينيات، نفذ منذ ذلك الحين في المنطقة تقليص متواصل لمجال الرعي وامكانية كسب الرزق للبدو – بواسطة منع وصولهم الى مصادر المياه، الاعلان عن مناطق رماية، محميات طبيعية وتدريبات. منذ ذلك الحين ورغم أنفهم وجد حوالي 25 تجمع بدوي انفسهم بين القدس واريحا أنها فعليا تعيش في مناطق ثابتة ومحدودة في مساحتها، وفي ظروف عيش قاسية تزداد صعوبة، دون مصادقة اسرائيل على اضافة خيام سكنية وحظائر، وحتى عدم اضافة مدارس وعيادات طبية.

الوثائق الصامتة

في شهري تشرين الثاني وكانون الاول 1971 تم تبادل رسائل كثيف بين عدد من الضباط في منطقة رام الله. وكان موضوعها توطين البدو. وقد وجهت الرسائل الى رئيس قسم الاقتصاد في قيادة الضفة الغربية الذي لم يذكر اسمه وضابط المهمات الخاصة وضابط شعبة البدو الذي كان في حينه النقيب يغئيل جلعادي. ومن كتبوا الرسائل هم ضباط مختلفين في قيادة الاركان: ضابط الاشغال العامة، ضابط المياه، القيم أو المسؤول عن أملاك الغائبين والاملاك الحكومية والمسؤول عن تطوير المياه في وزارة الزراعة. وقد بحثوا عن مواقع مناسبة لتجمعات من القبيلتين الاساسيتين في المنطقة، الكعابنة والجهالين. وقد حسبوا تكاليف شق شارع والربط بمصادر المياه المتوفرة. وتحدثوا عن استثمار رخيص نسبيا وعن تكاليف عالية جدا للمشروع المقترح. في كانون الثاني 1972 التقى نائب القائد العسكري، الرائد موشيه ليفي، مع مخاتير التجمعات الاربعة (أبو داهوك ليست من بينها) في منطقة رام الله. وأبلغهم عن المواقع الثابتة التي اختيرت من اجلهم. وتم تحديد جولة مشتركة في تاريخ 11 كانون الثاني.

ولكن بعد حوالي نصف سنة ظهرت الصعوبات. في 27 تموز 1972 كتب المقدم موشيه كلدمان، قائد منطقة رام الله، لرئيس قسم الاقتصاد: “قبل بضعة ايام ارسلت لمساعدك تقرير بأننا فشلنا في محاولتنا توطين البدو في خط المستوطنات الواقع على سفح الجبل، على ضوء ما تم الاتفاق عليه في هذا الشأن، من اجل توفير تكاليف التوطين”. يبدو أنه كان للقيم عدد من الصعوبات في تحديد (كما يبدو اراضي ليست خاصة)، ومن وثيقة سابقة من الواضح أنه كان للقيادة معارضة على جزء من مواقع التوطين. ولكن في الاساس: “عند الفحص مع رؤساء القبائل تبين أنهم جميعا يعارضون الانتقال من اماكنهم الى خط المستوطنات خوفا من التورط مع القرى وصعوبات في الرعي”. بسبب الخوف من المشاكل مع سكان القرى مالكي الاراضي والرغبة في مواصلة ادارة نمط حياة الرعي، مطروح ايضا اليوم من بين مطالب عائلة أبو داهوك تمكينها من انشاء سكن دائم لها في الموقع الحالي في الخان الاحمر. في تلك السنين قرأ الضباط الاستعراض الذي يتكون من تسع صفحات الذي كتبه ايلان هجلعادي. وهو يفصل اسماء القبائل وفروعها (العشائر) التي تعيش في الضفة الغربية حسب المناطق. وشرح عن تاريخها في البلاد. الجهالين، قال، جاءت من شرق الاردن في نهاية القرن السابع عشر أو بداية القرن الثامن عشر. وأشار الى طردهم من النقب بعد 1948. وقد ذكر عدد قطعانهم ومن يعمل في القدس من بينهم وأي نزاعات موجودة بين العشائر أو القبائل ومن هم المخاتير.

استعراض هجلعادي يشير الى أن الكثير من التجمعات البدوية ايضا تقوم بفلاحة الاراضي وتربية الحيوانات الأليفة، وهي توجد في عملية متقدمة قبيل عملية التوطين. جزء من التعميم في الاستعراض يدلل ايضا على الكاتب: “البدوي يتمتع بمستوى مرتفع من الجشع… من النظام هو يطلب معيار مختلف في المضمون. واذا وجد لديه صدق واستقامة فانه يحترمه من اعماق قلبه… ومن اجل كسب ثقة البدوي أنت بحاجة الى الصبر والى فترة تواصل مكثفة. ولكن عندما تحظى بثقته يصبح التعامل معه سهلا وبدون اعتراض”.

في 10 كانون الاول 1975، الرائد راني لنغر، رئيس مكتب قائد المنطقة الوسطى، اشار الى أنه بناء على طلب الوزير اسرائيل غليلي من قائد المنطقة، يجب اعداد ورقة عمل حول “الاماكن التي تتركز فيها التجمعات البدوية في الضفة الغربية… في السياق المذكور اعلاه مطلوب توصيات لمنحى توطين ثابت للتجمعات المذكورة اعلان من خلال خلق دوافع لذلك، في نفس الاماكن التي لا تعيق ولا يتوقع أن تضر مستقبلا بخطط الاستيطان”. في حينه كان يوجد على الاجندة مستوطنات في غور الاردن وفي معاليه ادوميم. مرت خمس سنوات وخطط التوطين راوحت في المكان (باستثناء توطين قبيلة الرشايدة في جنوب بيت لحم). هل فهم الضباط أن النقل بالاكراه وبسرعة لاستيطان ثابت يناقض نمط حياة البدو؟ الوثائق تصمت.

سواء مع أو بدون علاقة، في 14 كانون الاول 1975 قدم المستشرق الدكتور موشيه شارون توصيات توطين لرئيس قسم الاقتصاد الدكتور افرايم احيران. على اساس ورقة العمل بخصوص البدو التي كتبها قبل بضعة اشهر. الجهالين التي فرعاها الاساسيان، الدواهيك والسلامات، “يتجولون في جنوب منطقة رام الله وشمال منطقة بيت لحم، هم الاكثر اشكالية”، قال شارون لكنه لم يفسر لماذا. شارون كتب أنه على قناعة بأن استخدام البدو في مهمات أمنية جارية من المراقبة وقص الأثر بشكل خاص في منطقة ترحالهم، وهي مناطق يمكن أن تستخدم كمناطق انتقال للاشخاص الذين يقومون باعمال تخريبية معادية. ورغم التطرق الوظيفي لهم في اقتراح التوطين، يبدو ان شارون ما زال يرى امام ناظريه الحفاظ على التجمع كتجمع رعاة مع فضاء ما للرعي وامكانيات تربية الاغنام وتحسين القطعان.

مشكلة حكومية

الوثائق التي توجد لدينا تقفز الى العام 1981، أي بعد اربع سنوات على سقوط حكومة المعراخ. في شهر أيار قدم د. شارون استعراض طويل واكثر تفصيلا عن البدو في الضفة الغربية، والذي ارسل للنشر بصورة واسعة تشمل الحكام العسكريين في المناطق المختلفة وضباط الشباك المختلفين. “البدو يوجدون في كل مناطق يهودا والسامرة، قال، لكنهم يشكلون مشكلة حكومية”. فقط في ثلاثة منها هي الخليل وبيت لحم ورام الله. هذه المرة ذكر التوطين بصورة صريحة وفي سياق المستوطنات الاسرائيلية. في تطرقه لعشيرة السلامات من قبيلة الجهالين الذين يوجدون في قرية العيزرية – ابوديس، كتب “المشكلة الرئيسية التي يخلقها الجهالين تتمثل في حقيقة أنهم استولوا على مناطق مخصصة للاستيطان ومحاذية لها”. يبدو أنه حسب رأيه، حقيقة أنهم كانوا هناك قبل الاستيطان لا تعطيهم حقوق. من جهة اخرى، هو يعترف أن أبو داهوك يعانون من نقص سريع في مناطق الرعي، مثل تجمعات بدوية اخرى في منطقة رام الله. التداعيات الامنية تهمه: معاداة أبو داهوك لاسرائيل تزيد، هو يفترض، “بسبب حقيقة أن جزء كبير من مناطق الرعي تم الاستيلاء عليها لحاجات الاستيطان”.

شارون يقترح مواصلة تشجيع البدو بدون فضاء رعي (ديرة) للسكن في القرى – وهي عملية بدأت قبل بضع سنوات في الرام وجبع. وهو يقترح ايجاد منطقة دائمة بدل خيام الصيف والشتاء للجهالين. المستشار العسكري ينتصر على الباحث ويكتب “من اجل تسهيل العملية في اوساط أبو داهوك سيفحص طاقم البدو، على ضوء النزاعات في القبيلة، امكانيات تجزئتها عن طريق تعيين مختار آخر”.  في ايلول 1981 واصل النقيب اريئيل تسوبري، ضابط الاشراف على البدو، طريق شارون. هو يعرف أنه منذ الخمسينيات وعائلة الدواهيك تنتشر بين بيت حنينا وشعفاط في الصيف وقرب شارع اريحا – القدس في الشتاء. وهو يقترح تركيزهم، 500 نسمة حسب تقدير د. شارون، في مكان واحد – شرق قرية جبع (التي تقع في شرق رام الله). المكان موجود اليوم تحت سيطرة البؤرة الاستيطانية آدم.

حسب تسوبري، الاعلان عن المنطقة كاراضي دولة او احتلالها للاغراض العامة مقرونة باجراءات قانونية طويلة ومعقدة، ومن شأنها أن تثير معارضة سكان القرى في المنطقة. الخيار الثالث هو المفضل لديه: نقل البدو الى منطقة غير مستخدمة من قبل أي جهة قانونية بخصوص مكانة الارض. والقول للبدو إنهم لا يستطيعون مواصلة العيش على محور حزما – معاليه ادوميم. وعليهم الانتقال الى المنطقة الجديدة.

توصيات شارون وتسوبري كتبت بعد سنتين عندما قدم احد اعضاء نواة كفار ادوميم، اوري اريئيل (في بداية 1979) للجيش خطة لاخلاء البدو من المنطقة التي تسمى الآن “غوش ادوميم”، واقامة ممر من الاستيطان اليهودي المكتظ وتحديد مناطق البناء في البلدات والقرى الفلسطينية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى