ترجمات عبرية

عميره هاس تكتب – الائتمان نفد

بقلم: عميره هاس، هآرتس 16/7/2018

سيأتي يوم واعتماد الكارثة الموجود لاسرائيل في العالم سينفد. سيأتي يوم سيقدم فيه رؤساء الكولونيالية اليورواسرائيلية للمحاكمة. سيأتي يوم نكون فيه مكروهين من قبل من يظهرون الآن التسامح تجاهنا بسبب اوشفيتس، هذا من جهة. ومن جهة اخرى بسبب استخباراتنا وصناعة الحرب، ومن جهة ثالثة بسبب حقارتنا النسبية. هذا ليس نبوءة بل تقدير سياسي – اجتماعي. فقط لا نعرف اذا كان هذا سيحدث بعد سفك دماء فظيع لدينا أو قبل لحظة من ذلك. وكلما اقترب ذلك اليوم سيكون افضل لنا جميعا.

قبل أن يستولي هتلر وامثاله على اوروبا، الذين لم يكتفوا باللاسامية القديمة، تطورت الصهيونية كحركة منفصلة الشخصية: 1- حركة تبحث عن مخرج من العنصرية المناهضة لليهود في اوروبا، ومن الاستخدام السياسي – التهكمي الذي قامت به انظمة وحركات شعبوية لكراهية الاجانب. 2- جزء من جهاز العمل والتفكير الاجتماعي، الاقتصادي والجغرافي الاوروبي الكولونيالي، يوجه التوسع من اجل الاستيطان، الذي يرى بالسكان الاصليين في البلاد الاخرى عبء شاذ وزائد. 3- البلدوزر الذي سيمهد الارض لدولة احادية القومية بصيغة الوسط والشرق الاوروبي والتركي بعد الحرب العالمية الاولى.

اللاسامية القديمة دفعت اليهود الى تغيير وضعهم. معظمهم حتى لو اعترفوا بجملة “السنة القادمة في القدس المبنية”، لم يختاروا طريق الصهيونية، بل اختاروا حلول عديدة في الشتات، هجرة الى دول اخرى قبل تقييدها، الاندماج، التعصب الديني، اشتراكية، شيوعية، ليبرالية، استقلال ذاتي ثقافي (البوند). عندما رمت اوروبا اليهود ليس فقط من حدودها، بل من مجرد الوجود، وعندما اغلقت دول ابوابها، تألق بريق الصهيونية في اوساط اليهود.

الحالة الذاتية للمهاجرين اليهود الى فلسطين عشية الكارثة وفي اعقابها (بمن فيهم يهود من دول اسلامية) كانت كلاجئين. كمن اصابتهم الصدمات، موضوعيا جندوا وتجندوا لمهمة طرد الشعب الفلسطيني، وهو شعب تبلور في البلاد خلال مئات السنين، وذلك من اجل اخلاء مكان لانفسهم ولنظام سياسي يضم ويهتم فقط بهم. العار الاوروبي من عهد الرايخ الثالث وخط القسمات رقم 2 المذكور اعلاه للصهيونية ادخل اسرائيل في حدود الخط الاخضر الى حضن الدول والى شرعية القانون الدولي. ظل الرايخ الثالث ومخاوفه اخفت مؤقتا الكارثة التي اوقعها قيام الدولة على الفلسطينيين. ولكن كلما ابتعدنا عن ليلة البلور والتمرد في تريبلانكا، فان الظل يتقلص. في حين أننا اخترنا مواصلة الطرد والسلب والسحق. وأن نقود زعماء العالم الى “يد واسم” وأن نجند ايضا قتلانا لصالح مشروع طرد الفلسطينيين.

لقد كان لاسرائيل فرصة لاظهار الندم والتخلي عن الطابع الكولونيالي الاستيطاني واضاعته. مثلا التوقيع على اعلان المباديء في 1993 كانت فرصة كهذه التي  منحها الفلسطينيون لاسرائيل وهي رفضتها بوعي. اسرائيل اختارت الاعلان لنفسها وللعالم: “نعم، انا كنت وما زلت وساكون كيان كولونيالي استيطاني. ومن سيمس بحقي المقدس في مواصلة الطرد والسحق هو لاسامي. هذا الردع الازعر يعمل، لكن ليس طوال الوقت وليس على الجميع. مجالس بلدية في ايطاليا واسبانيا تدين سياسة اسرائيل في قطاع غزة. مجلس النواب الايرلندي صادق على مقاطعة منتوجات المستوطنات. بيان الاشتراكية الدولية في نهاية شهر حزيران ايضا هو مثال على ذلك: يدعو للاعتراف بدولة فلسطين في حدود الرابع من حزيران 1967. ويدعو الى وقف كامل لكل بناء في المستوطنات، بما في ذلك القدس. ويدعو الدول للقيام بخطوات مقاطعة وفرض عقوبات وسحب استثمارات ضد الاحتلال الاسرائيلي ومؤسسات احتلال واستيطان اسرائيلية غير قانونية”.

أي ليس مقاطعة ضد اسرائيل لكونها اسرائيل، بل لكونها تشجع المشروع الكولونيالي في المناطق التي احتلتها في 1967. بنفس الروحية، مجلس الاشتراكية الدولية يدعو الى التضامن مع “القوى التقدمية” في اسرائيل ومع الفلسطينيين مواطني اسرائيل ويدين التمييز الممأسس ضدهم. صحيح ان الدولية تضم الآن احزاب استبدادية ابعدت عنها عدد من الاحزاب الاشتراكية الديمقراطية الاوروبية القديمة. صحيح انها تعفنت (انسحاب حزب العمل الاسرائيلي منها بسبب بيان، فقط يضيف لها نقطة في صالحها)، ليس لها القوة والكاريزما التي كانت لها في عهد رئيسها السابق ويلي براند. ولكن ممثليها يعبرون عن مواقف 140 حزب وحركة سياسية في العالم وملايين اعضائها. مجلس الكنائس العالمي الذي يجمع كنائس من تيارات مسيحية مختلفة في 110 دول يدين الخطة الاسرائيلية لهدم القرية البدوية في الخان الاحمر. من صاغوا الادانة يعرفون جيدا ان هذه القرية ليست الوحيدة التي تنوي اسرائيل هدمها من اجل السماح بتوسع المستوطنات.

الشكل لا يهم. في لاهاي وفي منتدى دولي سيعقد من اجلنا، ربما حتى في بلادنا. سيأتي يوم وليس فقط سياسيون وعسكريون اسرائيليون سيقدمون للمحاكمة، بل ايضا رجال قانون وقضاة عسكريين ومدنيين ورجال آثار ومخططون. كل من سمح ويسمح بتشكيل البلاد كطابق ثان لليهود وكقبو –  مقسم الى غرف منفصلة – للفلسطينيين. ليت هذه الكلمات تبكر بذلك اليوم حتى لو بلحظة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى