ترجمات عبرية

عميره هاس تكتب – ارهاب الرش

بقلم: عميره هاس، هآرتس 22/7/2018

“كما يبدو فقط شباب يمكنهم أن يفهموا ما هو المنطق في اطلاق النار والانزلاق نحو حرب، حيث فقط العدو الاسرائيلي سيكسب منها”. هكذا خططت لافتتاح هذه القائمة عندما كان يبدو لي أن الهجوم الاسرائيلي الكبير الخامس خلال عشر سنوات قد بدأ. لقد سمعت من قبل من يشرحون أن حماس لا يمكنها الصمت على ضربها وأنه فقط اشتعال عسكري ما سيعيد الاهتمام الدولي بقطاع غزة. الافتتاح ديماغوجي متعمد. لقد سمعت نساء فلسطينيات يقلن “يوجد لنا حق في الدفاع عن انفسنا”، وهي تشير الى صواريخ حماس والتنظيمات الاخرى التي اطلقت على مستوطنات اسرائيلية. هذه الجملة الفارغة “الدفاع عن انفسنا” التي ليس لها أي علاقة بميزان القوة الحقيقي تثير الشفقة عندما تقال من قبل مدنيين، وتثير عندما يقولها متحدثون باسم مجموعات مسلحة. أي دفاع يوجد هنا؟.

مستشفيات في القطاع مليئة بالشباب الذين ثقب الاسرائيليون جثثهم برصاص مدمر. القطاع مليء بآلاف الشباب الذين سيعانون مدى حياتهم من الاعاقة الشديدة. ليس هناك ما يكفي من الاطباء الجراحين لعلاج كل الجراح الصعبة هذه، ايضا مع كل الجراحين المتطوعين الذين يأتون من الخارج. الادوية غير موجودة، لا توجد مواد تخدير، ايضا حتى لو هبت الاونروا ومنظمات مساعدة انسانية دولية اخرى لمساعدة المصابين والمحاصرين، وقامت بما لا تستطيع القيام به حكومة حماس بنفسها، فهل هذا سبب كاف لضبط النفس؟.

قبل ذلك ببضع ساعات وبشعور العجلة اليائسة فكرت بافتتاحية اخرى على شكل: “الحصار الاسرائيلي ناجح جدا، وفصل القطاع عن العالم محكم جدا، حيث يوجد فيه اشخاص يؤمنون بتبجح مقاتلي حماس بأنهم سيضربون هذه المرة اسرائيل ضربة قاسية”. هؤلاء الاشخاص ينسون أنه بهذه الصورة تبجح مقاتلون آخرون مئات المرات في السابق. الضربات الفلسطينية ربما تكون قاسية على الاسرائيليين الذين اصيبوا بها جسديا وتضر قليلا بالاقتصاد، لكنها تفيد الدعاية الاسرائيلية ودائما الضربات الاسرائيلية اكثر تدميرا بملايين المرات.

من المريح جدا أن الحرب الجديدة اوقفت على شفا الهاوية، على الاقل بشكل مؤقت. حماس تصغي لصوت الشعب والشعب يقول بوضوح إنه لا يريد حرب. واذا لم يكن للشعب، فان حماس تصغي لمصر وتركيا وقطر، وهكذا يمكن العودة الى موضوع ثابت آخر ومنسي: النفاق الاسرائيلي غير المحتمل.

مع كل حريق اشعلته طائرة ورقية في حقول كيبوتسات غلاف غزة توقعت أن يقوم شخص ما في القطاع ويعلن: “هذا عقاب لأنكم قمتم برش مبيدات ودمرتم محاصيل عشرات المزارعين في آذار الماضي، وفي كانون الاول وتشرين الثاني 2017 وفي ربيع نفس السنة وعدة مرات كذلك منذ نهاية 2014”. أو يقول “أين كنتم انتم من تحتجون وتبكون على الحرش المحترق الذي رشكم بتعليمات فرقة غزة، وتمويل وزارة دفاعكم، وتنفيذ من شركة طيران مدنية اسرائيلية “كيم نير” أو “تيلم للطيران”، لوثوا بمواد سامة آبار زراعية، دمروا محاصيل وعمل مئات العائلات، تسربت الى الارض وابعدت عن المراعي الاغنام؟ هذا ارهاب ونحن نرد عليه”.

احد الامور الاكثر بروزا في صورة مطلقي الطائرات الورقية هو الارض التي تقع تحت اقدامهم: مكشوفة ومحروقة. هذه ارض زراعية خصبة حولتها اسرائيل الى صحراء قاحلة: اقتلعت الاشجار ودمرت الدفيئات ودمرت آبار المياه وسحقت حقول القمح والشعير والخضروات. الى جانب المنطقة المدمرة والمحروقة هناك قطاع الجيش يحافظ على الضبابية ولا يتحدث عن عرضه الذي يحظر على الفلسطينيين التواجد فيه. هذا يبدأ بـ 50 متر وبالتدريج يتسع الى 150 متر وبعدها الى 300 متر وأكثر. مدى الرش واطلاق النار على من يتواجد في المنطقة المحظورة يصل حتى كيلومتر من الخط الاخضر. ما بدأ كوسيلة قتالية ضد مطلقي صواريخ القسام الفلسطينيين (الذين من ناحيتهم ردوا على العدوان العسكري الاسرائيلي) اتسع ليصل الى حرب اقتصادية متواصلة. فماذا لو كتبت عن ذلك فقط قبل اسبوعين. يجدر الكتابة عن ارهاب اقتصادي اكثر من مرة أو مرتين.

حسب معطيات لجمعية “غيشه” من العام 2010 وحتى بداية مسيرات العودة هذه السنة، كان في منطقة الجدار حوالي 1300 حادثة اطلاق نار في معظمها اطلاق نار اسرائيلي احادي الجانب على مزارعين، مدنيين، رعاة، من يجمعون القمامة المعدنية وعابري سبيل. القتلى المدنيون يتم محوهم من الذاكرة قبل أن يسجلوا فيها. القتلى المسلحون يتم احضارهم كدليل على عدوانية الفلسطينيين. القيود على الحركة وعلى الزراعة الفلسطينية في المنطقة الفاصلة للقطاع تتسبب بضرر اقتصادي يقدر بنحو 50 مليون دولار في السنة، على الاقل 120 الف شخص يتضررون بشكل مباشر من القيود.

الابحاث التي اجريتها ذهبت سدى. فلم اكتشف طائرات ورقية في غزة ربطت بين ارهاب الرش الاسرائيلي والتخريب الاسرائيلي للزراعة في شمال القطاع وفي شرقه وبين اطلاق الطائرات الورقية والبالونات الحارقة له. لماذا بحثت عن ربط كهذا؟ من اجل ان اعرف اذا كان هناك أي تفكير سياسي في اوساط مطلقي الطائرات وليس فقط رغبة في التنفيس والتعبير عن الغضب والانتقام بصورة عامة وضبابية والتفاخر بابداعهم.

لو أن المتحدثين باسم من يطلقون الطائرات الورقية قاموا بعملية الربط هذه فهل كان ذلك سيغير في الامر شيء؟ بالتأكيد ليس للاسرائيليين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى