عميره هاس : اعتقال صحفيين، ضرب وتكسير كاميرات، مئات الفلسطينيين تظاهروا في رام الله
هآرتس – بقلم عميره هاس – 14/6/2018
مئات الاشخاص تظاهروا ليلة أمس في رام الله وطلبوا وقف الخطوات العقابية التي يفرضها الرئيس محمود عباس على قطاع غزة. الاجهزة الامنية الفلسطينية ضربت المتظاهرين واستخدمت الغاز المسيل للدموع وحتى أنها اطلقت قنابل الصوت عليهم، واطلقت النار في الهواء في محاولة لتفريق المظاهرة. يضاف الى ذلك أنها قامت بمصادرة وكسر كاميرات وهواتف ذكية ومنعوا الصحفيين من اجراء المقابلات مع المتظاهرين واعتقلوا صحفيين فلسطينيين واجانب. حسب التقارير المختلفة، بين 6 – 15 متظاهر اصيبوا باستنشاق الغاز المسيل للدموع، ووصلوا الى العلاج في المستشفى.
رغم محاولة القمع، إلا أن عدد صغير من المتظاهرين تملصوا منهم وعادوا وتجمعوا في الشوارع الجانبية وصرخوا “يا للعار” و”بالروح والدم نفديك يا غزة”. العشرات اعتقلوا. وحسب احد التقارير الحديث يدور عن نحو 80 متظاهر منهم فتيات، والصحفيون الاجانب الذين اعتقلوا اطلق سراحهم في الليل.
في احتجاج على اعتقال الصحفيين اعلنت نقابة الصحافيين الفلسطينيين بأنها لن تنشر أي نبأ عن الحكومة الفلسطينية وعن الاجهزة الامنية الفلسطينية “حتى اشعار آخر”. كما دعت كل وسائل الاعلام الفلسطينية الى احترام قرار المقاطعة. النقابة القت المسؤولية على رئيس الحكومة رامي الحمد الله واعلنت أنها تنوي تقديم دعوى ضد رجال الامن الذين اصابوا الصحفيين. في الردود على بيان النقابة كتب متصفحون في الفيس بوك بأن المسؤولية وقرار قمع المظاهرة تقع على الرئيس محمود عباس.
المبادرة الى المظاهرة هي من مجموعة اشخاص عامين ونشطاء اجتماعيين فتحوا صفحة فيس بوك باسم “العقوبات ضد غزة جريمة”. في المظاهرة في رام الله شارك ايضا فلسطينيون من مواطني اسرائيل. ايضا في نابلس جرت أمس مظاهرة قمعت من قبل قوات الامن. المظاهرة الاولى جرت يوم الاحد مساء وشارك فيها 1500 شخص تقريبا. مظاهرة اخرى اصغر جرت ظهر يوم الثلاثاء. ولأن المبادرين اليها اعلنوا عن نيتهم مواصلة التظاهر والاحتجاج حتى رفع العقوبات، ادانت الحكومة الفلسطينية في جلستها يوم الثلاثاء الاحتجاجات وقالت إن هذه تحرف الانتباه عن مسؤولية الاحتلال وحماس عن الوضع في غزة.
لدى قدومهم الى ميدان المنارة اصطدم المتظاهرون برجال وحدة تفريق الاضطرابات في الشرطة الفلسطينية الذين يلبسون زيهم المرقط الاسود ومسلحين بالبنادق ومزودين بقنابل الغاز وقنابل الصوت والهراوات. حاولوا منع المتظاهرين من التجمع. قائد القوة طلب من كل المواطنين التفرق واخلاء الشارع فورا. المتظاهرون لم يستجيبوا له. حسب شاهد عيان قام رجال شرطة بالقاء القبض على احد المتظاهرين، ضربوه واخذوه الى الاعتقال في سيارة شرطة. في الوقت الذي كان فيه اصدقاءهم يحاولون ابعاد المتظاهرين من الشارع الرئيسي وعندما لم ينجح ذلك بدأ رجال الشرطة بالقاء قنابل الغاز وقنابل الصوت بين المتظاهرين والسكان الذين كانوا في المنطقة.
المتظاهرون هربوا الى الازقة والى الحوانيت والمقاهي الموجودة في المنطقة، لكنهم عادوا وتجمعوا وواصلوا اطلاق الشعارات الاحتجاجية. في هذه المرحلة اختلط بالمتظاهرين رجال امن بملابس مدنية، بنطال اسود وقبعة تغطي تقريبا كل الوجه. وقاموا بضرب المتظاهرين واعتقلوا عدد منهم. في حين كان دخان الغاز يملأ الشارع. طريقة القمع هذه لم تفرق المتظاهرين ايضا الذين كان بينهم نساء كثيرات. عندها ظهرت مجموعة ثالثة من الشباب الذين يلبسون الملابس المدنية ويعتمرون القبعات، من حركة فتح. ايضا هؤلاء ضربوا المتظاهرين وحاولوا تفريقهم وهم يطلقون شعارات تأييد لمحمود عباس وذكرى ياسر عرفات.
تفريق المظاهرة العنيف واستخدام رجال شرطة بملابس مدنية أو اشخاص متماهين مع فتح ذكر الكثيرين بالاساليب التي استخدمت في مصر في فترة المظاهرات ضد حسني مبارك. لكن هذه ليست المرة الوحيدة التي تستخدم فيها السلطة هذه الوسائل لاسكات الاحتجاج وتفريق المظاهرات. رغم مصادرة الكاميرات فان الشبكات الاجتماعية وعدد من مواقع الاخبار المستقلة تنشر افلام صغيرة كثيرة تصف قمع المظاهرة. منظمات حقوق انسان فلسطينية بدأت في نشر ادانات، ونشطاء سياسيون عبروا عن الغضب والاستياء من صمت حركة فتح حتى الآن ازاء استخدام رموزها من اجل قمع احتجاج بطرق الاحتلال الاسرائيلي.
في مساء يوم الثلاثاء نشر بيان الذي حسب اقتراح (مستشار محمود عباس لشؤون المحافظات) تقرر حظر القيام بمظاهرات حتى نهاية عيد الفطر من اجل عدم التشويش على فرحة العيد. في الشبكات الاجتماعية نشرت تعليقات كثيرة تدين المحتجين وتتهمهم بتنفيذ اجندة اجنبية. رغم ذلك، المبادرون الى المظاهرة طلبوا من الجمهور القدوم والتظاهر وذكروا أن المجلس الوطني الفلسطيني الذي اجتمع قبل شهر في رام الله قرر الغاء العقوبات المفروضة على قطاع غزة.
عباس قرر سلسلة من الخطوات المالية في القطاع، ردا على عدم نقل الصلاحيات الكاملة فيه الى السلطة الفلسطينية. الخطوة الاولى هي تجميد رواتب موظفي السلطة الفلسطينية في القطاع منذ بداية نيسان. في البداية قيل إن الامر يتعلق بمشكلة تقنية، لكن بعد ذلك اعترف ممثلون رسميون ان هذه خطوات سياسية – والنية هي توسيعها لتصل الى خطوات مالية اخرى ستمس ايضا بخدمة الانترنت والنشاطات البنكية. هذه الخطوات لم تتحقق. صحيح أن جزء من راتب شهر نيسان دفع. صحيح أن تقارير صحفية رسمية عادت وقالت انه قريبا سيتم دفع الرواتب كاملة، لكن التقليص قابل لتدهور شديد جدا في وضع القطاع الاجتماعي والاقتصادي.