ترجمات عبرية

عميرة هاس / ترامب ضد وكالة الغوث : محاولة لهدم مؤسسة فلسطينية لغرض فرض الاتفاق

هآرتس – بقلم  عميره هاس – 7/8/2018

مثل كل اعلان نوايا لترامب ورجاله، ايضا فان الاعلان عن الحاجة الى تغيير تفويض وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الاونروا”، بدت في البداية وكأنها قرار ارتجالي، بدون دراسة معمقة للموضوع أو مثل بالون اختبار. عند اعادة النظر فان الاعلان يتوافق جيدا مع خطوات اخرى للادارة الامريكية التي تضعف وتلغي اتفاقات دولية قائمة: الاتفاق مع ايران، العلاقات مع دول الناتو والاتفاقات التجارية.

مثل الانسحاب من الاتفاق النووي مع ايران، ايضا في تعامل الولايات المتحدة مع الاونروا تظهر بصمات اسرائيل. في السنة الماضية دعا رئيس الحكومة نتنياهو الامم المتحدة الى فحص استمرار وجود الوكالة، ونائبة وزير الخارجية تسيبي حوطوبلي دعت الولايات المتحدة للعمل على اغلاق الوكالة من اجل الغاء مكانة اللاجئين الفلسطينيين. دعوات مشابهة تسمع بصورة مستمرة من عنات وولف التي كانت في السابق عضوة كنيست من حزب العمل وحزب الاستقلال الذي انشق عنه.

وكالة الاونروا بدأت في العمل في 1 أيار 1950. تفويضها كان مؤقت، واستهدفت توفير المساعدة عبر وسائل مختلفة للاجئين الفلسطينيين الى حين ايجاد “حل عادل” لمشكلتهم. ولأن حل كهذا لم يتم حتى الان العثور عليه فان التفويض يمدد كل بضع سنين عن طريق تصويت في الامم المتحدة وفقا للظروف، واحيانا يشمل التفويض مجموعات سكانية فلسطينية اخرى مثل مهجري 1967 أو سكان قطاع غزة الذين هم ليسوا لاجئين ولكنهم تضرروا من الهجمات الاسرائيلية. صلاحية التفويض الحالي تستمر حتى حزيران 2020.

المشكلة في الاونروا من ناحية المطالبين بحلها في اسرائيل والولايات المتحدة ليست التمويل نفسه ومساعدة المحتاجين. المشكلة بالنسبة لهم هي أن استمرار وجود المنظمة على مدى عشرات السنين هو انجاز فلسطيني يعبر عن اجماع دولي يقضي بأن تصنيف اللاجئين الفلسطينيين يختلف عن تصنيف اللاجئين الآخرين. اللاجئون الآخرون كانت وما زالت لهم دول – مبدئيا هم يستطيعون أو يمكنهم العودة اليها، عند انتهاء الازمة التي اوجدت مشكلتهم (مثلا لاجئو رواندا أو سوريا)، أو الانتقال اليها (في حالة الالمان الاثنيين الذين طردوا من دول شرق اوروبا، أو حالة اليونانيين الاثنيين الذين تم تهجيرهم من تركيا). اللاجئون الفلسطينيون فقدوا وطنهم، وهم لا يسمح لهم بالعودة الى الدولة (اسرائيل) التي قامت على انقاضها، وليس لهم دولة. طالما أنه لا يوجد حل متفق عليه للنزاع الذي أدى الى فقدان وطنهم، فان مكانة اللجوء تورث للاحفاد دون صلة مع وضعهم الاقتصادي. الجمعية العمومية للامم المتحدة التي اتخذت القرار 194 بشأن حقوق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة أو الحصول على تعويضات، حسب رغبتهم، هي التي تمدد كل بضع سنوات تفويض الاونروا.

عندما تعود الدول الاعضاء في الامم المتحدة وتمدد تفويض الوكالة فان التفسير السياسي الفلسطيني لذلك هو أنها تعلن المرة تلو الاخرى بأن هناك شيء ما لم ينته، ولم يتم الاتفاق ايضا على اسرائيل في حدود 1967، وهناك اشخاص ما زالوا ينتظرون تحقيق حقهم في العودة والعيش في تلك الحدود. من ناحية عملية فان دول العالم في الحقيقة لا تقف من وراء التصريح الذي يفهم من تمديد تفويض الامم المتحدة وقرار 194 الذي لم ينفذ. من ناحية عملية فان هذه الدول لا تقف ايضا من وراء القرارات التي اتخذت في الامم المتحدة ضد المستوطنات، ولم تصمم على تنفيذها. ولكن في شبكة العلاقات الدولية فان القرارات في الامم المتحدة كانت وما زالت ذخر فلسطيني سياسي.

هذا هو الذخر الفلسطيني الذي تحاول الولايات المتحدة في اعقاب دوائر يمين – وسط اسرائيلية تصفيته الآن. هي لن تنجح في تصفيته بدون هز مكانة الامم المتحدة أو أن تملي عليها قواعد سلوك وتصويت أبعد من حق الفيتو في مجلس الامن. تهديد ترامب بأن الدول التي ستصوت في الامم المتحدة ضد موقف الولايات المتحدة ستعاقب بتقليص المساعدة الامريكية لها – ما زال قائما. كلما مر الوقت يتبين أن قرارات ترامب الارتجالية يوجد لها خط تفكير وعمل منطقي ومتواصل. لذلك ليس من الصعب تخيل اللحظة التي ستقترح فيها الولايات المتحدة في الامم المتحدة عدم تمديد تفويض الاونروا – وستكون هناك دول ستخشى التصويت ضد رغبة الولايات المتحدة.

الوسيلة الاولى لادارة ترامب هي المس بتمويل الاونروا الذي سبق وأن تم تطبيقه. هذه الخطوة تندمج مع التقليص المتوقع لدول الـ  USAIDللسلطة الفلسطينية. ومع الهجوم المالي الاسرائيلي المتمثل بخصم المخصصات لعائلات الاسرى من الضرائب التي تجبيها اسرائيل وعليها تحويلها للمالية الفلسطينية. في السنوات الاخيرة المساهمة الامريكية للاونروا كانت الاكثر ارتفاعا وفاقت الاتحاد الاوروبي. مع ذلك، يجب عدم اتهام  ادارة كلينتون وادارة اوباما بدعم الاونروا من اجل الترويج لعودة اللاجئين الفلسطينيين الى وطنهم. بالعكس، الاسهام الامريكي والاوروبي للاونروا، ومنظمات اخرى للمساعدات والسلطة الفلسطينية، كانت في الاساس ثمن للصمت، مقابل عدم استعدادها للضغط على اسرائيل من اجل أن تسمح بتطبيق قرارات الامم المتحدة بشأن اقامة الدولة الفلسطينية في قطاع غزة وفي الضفة الغربية.

التبرعات الدولية، والغربية على رأسها، زادت منذ اتفاقات اوسلو، رغم أنها انخفضت في العقد الاخير. لقد عوضت الفلسطينيين عن الخسائر التي تسببت بها سياسة اسرائيل لاقتصادهم (قيود الحركة على البضائع والاشخاص، السيطرة على المناطق ج والحصار على قطاع غزة). المساعدات دعمت الاحتلال الاسرائيلي بغطاء مفاوضات من اجل السلام. لقد منعت عملية الافقار الواسعة والانفجار الاجتماعي، وأنبتت طبقات بيروقراطية فلسطينية كانت تعتمد عليها، التي مصلحتها الآنية هي كبح الغليان الاجتماعي – السياسي.

ادارة ترامب تريد كسر هذا الاتفاق الذي وجد منذ العام 1993، وهي تنوي ابقاء التفوق الاسرائيلي على حاله. ولكن عدم مواصلة اخفائه أو تخفيفه بتعويض مالي للفلسطينيين. يبدو أنها تقدر بأنها بهذا تسهل عليه أن يفرض صفقة القرن، أي فرض اتفاق استسلام على الفلسطينيين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى