عملية عمود السحاب رد الفعل المصري
ترجمة: مركز الناطور للدراسات والابحاث 18/11/2012
السفير الإسرائيلي الأسبق في القاهرة
معهد القدس للشؤون العامة والدولة في 15/11/2012
مصر ترد على الصعيد الدبلوماسي
في أعقاب اغتيال أحمد الجعبري الرجل القوي في حركة حماس في قطاع غزة اتخذت مصر عدة إجراءات عقابية دبلوماسية ضد إسرائيل.
الرئيس المصري أمر بإعادة السفير المصري من إسرائيل للتشاور في القاهرة ودعوة السفير الإسرائيلي في مصر للاحتجاج، وقد توجه أيضا إلى الأمين العام للجامعة العربية من أجل عقد اجتماع عاجل لوزراء الخارجية العرب من أجل مناقشة الهجوم الإسرائيلي الآثم على غزة بل وجه مندوب مصر في الأمم المتحدة من أجل عقد اجتماع لمجلس الأمن.
مرسي اتخذ كل هذه الخطوات المألوفة في المنظومة الدبلوماسية من أجل التعبير عن عدم رضاه عن الإجراءات الإسرائيلية لكنه ظل حذرا من المساس وبشكل أساسي فهو لم يقطع العلاقات الدبلوماسية ولم يهدد بالمساس باتفاقية السلام.
توجه إلى الولايات المتحدة من أجل أن تضغط هذه الأخيرة على إسرائيل لوقف العدوان لكن موقف الولايات المتحدة الذي نشر بالأمس عبر عن تأييد حق إسرائيل في الدفاع عن النفس.
هل مرسي سيفاقم من علاقاته مع إسرائيل؟
ليس أمام مرسي سبب جيد لتأزيم علاقاته مع إسرائيل التي تدهورت إلى أدنى مستوى منذ انتخابه رئيسا، بل أنه يرفض وبإصرار أن يسميها باسمها، بين مصر وإسرائيل ليس هناك الآن نزاع ولا توجد أية ذريعة أو مبرر يبرر اتخاذ إجراءات متطرفة باستثناء التضامن الإسلامي والتأييد التلقائي للفلسطينيين.
مرسي يعرف جيدا من بادر إلى جولة إطلاق النار الحالية مثل سلفه ولكن التضامن الإسلامي العربي يلزمه ردا مصريا مناسبا من أجل أن يثبت ويظهر للرأي العام المصري والعربي أن الإخوان المسلمين مخلصين لموقفهم المعادي لإسرائيل.
مرسي ينبغي عليه أن يعمل شيئا ما مختلف عما فعله سلفه مبارك الذي أعاد سفيره للتشاور على خلفية عملية سلام الجليل والانتفاضة الثانية.
إعادة السفير للتشاور تبدو كعمل عادي روتيني يفقد من قيمته عندما يجري استخدامه أكثر من اللازم.
وفيما عدا تطورات خطيرة غير متوقعة فإنه يمكن أن نقيم وبالحذر الضروري أن مصر ستكتفي بهذه الخطوات والتي تشكل مساسا وإضرارا آخر بالعلاقات مع مصر ولكنها لن تسد الطريق أمام التعاون الأمني الهام بين الطرفين وهو المجال الوحيد الذي يتعاون فيه الجانبين حتى الآن.
بالطبع يبدو وبدون شك أن هناك بلاغة في الخطاب المتطرف الذي يندد بإسرائيل والصهيونية ومظاهرات جماهيرية معادية لإسرائيل في ميدان التحرير.
المرشد العام للإخوان المسلمين دعا إلى إجراء مظاهرة مليونية عند انتهاء صلاة الجمعة وحتى شيخ الأزهر انضم إلى جوقة العازفين، هذا في إطار التنافس مع الإخوان المسلمين حول من يكون أكثر تطرفا في مواجهة إسرائيل.
ليس لدى مرسي أي سبب لتشجيع التطرف إلا إذا كان يريد بناء مستقبل مصر على التعصب الإسلامي.
أزمة زعامة آخذة في التفاقم
الوضع الداخلي في مصر يتفاقم وآمال الجمهور في تحسين ظروف الحياة راحت تتبخر، مرسي لم ينجح في مواجهة المشاكل الاقتصادية وأيضا في وضع حد لإضرابات الأطباء المستمرة منذ عدة أسابيع وفي نفس المدى لم ينجح أيضا في إكمال صياغة الدستور وإعادة الأمن إلى سيناء.
الآن وبعد خمسة أشهر من توليه منصبه اتضح للإخوان المسلمين بأنه لم يكن هناك مشروع جاد لمواجهة الوضع الاقتصادي المتدهور في مصر.
مرسي يجوس في الظلام بل يفقد السيطرة لأن ليس لديه ما يعرضه غير الإغلاق المسبق للحوانيت والمقاهي من أجل توفير الكهرباء، وهو ما أدى إلى تمرد من قبل التجار وإضرابات مستمرة ومتصاعدة ونشوء أزمة زعامة، حيث تتردد أصوات تدعو إلى إقالة الحكومة الحالية.
اللجنة المكلفة بصياغة الدستور لم تنجح في إنهاء عملها نظرا لأن القوى الليبرالية ليست على استعداد للموافقة بالسماح بتطبيق الشريعة والمساس بالقيم والمبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان.
شخصيات هامة مثل عمرو موسى ومحمد البرادعي انسحبا من اللجنة التي تواجه خطر حلها من قبل المحكمة الدستورية العليا والتي ستصدر حكمها في 2 ديسمبر.
في مثل هذه الظروف مرسي يحتاج إلى حدود هادئة مع إسرائيل والتعاون الأمني معها من أجل معالجة المشاكل في سيناء وحتى يتفرغ لمعالجة المشاكل الداخلية في دولته.
جولة الحرب الحالية توقيت غير مريح بالنسبة لمرسي
يبدو أن مرسي لم ينجح في التوصل إلى تفاهم مع حماس لمنع توغل الحركات الجهادية إلى سيناء، الحملة العسكرية المصرية للقضاء على الإسلاميين في سيناء لم تنجح بل أنها أدت إلى هجوم مضاد من طرفهم، فهم يهاجمون بشكل يومي تقريبا مراكز وحواجز الشرطة بل ودوريات وآليات الجيش المصري.
في الأيام الأخيرة علم أن مرسي لم يجد أمامه من بد من إجراء حوار مع رؤساء الحركات الجهادية في غزة من أجل التوصل إلى حل وسط.
توقيت الجولة الحالية ليس مريحا لمرسي ويضر بجهوده لمعالجة الفوضى السائدة في سيناء.
في المستقبل وعندما يعزز مرسي من سلطته فإنه من المحتمل أن يتوصل إلى تفاهم عام مع حركة حماس وهي التي تعتبر جناح من الإخوان المسلمين.
بيد أن الواقع لا ينتظر تعزيز سلطة مرسي وعليه أن يجد حلا مشرفا من الأزمة الحالية سواء في مواجهة حماس أو مواجهة إسرائيل، بدون أن يؤدي ذلك إلى إلحاق الضرر بمصر.
وذلك يمكن الاعتقاد أنه بدلا من قناع الهجوم الدبلوماسي والخطابي ضد إسرائيل فإن مرسي سيحاول تهدئة حماس التي هي كما يبدو تدرك أن إطلاق الصواريخ على إسرائيل أدى إلى كارثة كبيرة بالنسبة لها، لذا يعتقد إذن أن مرسي وحماس سيجدان طريقا من أجل التوصل إلى تهدئة بعد أن يتخذ الحد الأدنى الضروري بالنسبة لهم للإضرار بإسرائيل والتنديد بها من أجل الحفاظ على الكرامة.