أقلام وأراء

عمر حلمي الغول يكتب –  من ملامح التحول الأميركي

عمر حلمي الغول – 8/7/2021

من المؤكد أن تملي الضرورة التعامل بحذر ومسؤولية تجاه التحولات السياسية عموما وبشأن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي خصوصا في الشارع والمؤسسات الأميركية، لكن دون خشية من الاقتراب وملامسة تلك الشواهد والقرائن المتطورة، التي تعتبر خطوة متقدمة في مسار التغير الإيجابي النسبي في رفض المنطق الاستعماري الإسرائيلي.

ولعل هبة القدس الرمضانية في أيار/مايو الماضي، التي امتدت لكل الضفة الفلسطينية وللجليل والمثلث والنقب والمدن المختلطة وصولا للمواجهة على جبهة قطاع غزة وفي الشتات وسعت وعمقت نسبيا جبهة التحول في الرأي العام العالمي عموما والأميركي خصوصا، الذي شهد مظاهرات حاشدة رافضة لجرائم جيش الموت الإسرائيلي وقطعان مستعمريه ضد أبناء الشعب في أحياء العاصمة الفلسطينية الأبدية ورفضا للحصار المفروض على محافظات الجنوب.

ومن بين الملامح الإيجابية في عملية التحول تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ما يشهده الحزب الديمقراطي تحديدا على هذا الصعيد، وكنت فيما سبق أشرت لأكثر من عنوان، وسأضيف عناوين جديدة، منها على سبيل المثال إرسال 73 نائبا من أعضاء الكونغرس الأميركي الديمقراطيين رسالة للرئيس جو بايدن في 25 حزيران/يونيو الماضي، يطالبونه فيها لأول مرة منذ عام 1967 باعتبار المستعمرات غير شرعية.

أهمية الرسالة تتمثل في: أولا- الزيادة الملموسة والكبيرة نسبيا في عدد النواب الديمقراطيين الموقعين على الرسالة. وهذا لم يحدث من قبل، وإن كان حدث، فلم يكن ذا شأن، أو مؤثرا. ثانيا- الوضوح في نص الرسالة دون أي التباس أو غموض، وتحديد المستعمرات الاستيطانية بشكل جلي. ثالثا- كما أن الرسالة تتضمن ضمنا رفض أية عمليات تطهير عرقية إسرائيلية في العاصمة المقدسة وأحيائها من قبل الحكومة الإسرائيلية وقطعان مستعمريها. رابعا- اتساع دائرة القوى المؤيدة لخيار حل الدولتين والسلام عموما؛ لا سيما وأن الإدارة ذاتها قبل وبعد استلامها مهامها في كانون الثاني/يناير الماضي أكدت- ومازالت- على تمسكها بالخيار المذكور، وإن لم تتمكن حتى الآن من اتخاذ خطوة عملية على هذا الصعيد، وقد يعود ذلك لما حملته التغييرات الإسرائيلية في اعقاب الانتخابات الأخيرة، وتغير الحكومة، بحكومة جديدة لا تقل يمينية عن سابقتها، فضلا عن أنها ولدت مأزومة. خامسا- تعاظم نفوذ القيادات اليسارية الديمقراطية داخل الحزب الديمقراطي، الذي انعكس في مجموعة من الرسائل الموجهة للرئيس بايدن ووزارة خارجيته لربط المساعدات المالية والعسكرية الأميركية بمدى التزام إسرائيل بعملية السلام، ووقف الاستيطان الاستعماري في القدس خصوصا والضفة الفلسطينية عموما.

كما ان الإدارة الأميركية جمدت إلى أجل غير مسمى أو محدد ما يسمى “صندوق الدعم للسلام الإبراهيمي”، وهو ما يعتبر خطوة بالاتجاه الصحيح نحو القطيعة مع صفقة القرن، وإن كانت الإدارة تواصل نهج إدارة ترامب السابقة في توسيع وتعميق عملية التطبيع المجانية العربية الإسرائيلية. بيد أن تجميد الصندوق يحمل دلالة سياسية إيجابية نسبيا. وهناك ارتفاع لأصوات النواب الأميركيين الديمقراطيين بقطع الصلة كليا مع صفقة ترامب المشؤومة. لكن من المبكر التأكد من نوايا بايدن وفريقه الحاكم تجاه هذه المسألة. أضف إلى وجود واتساع فعاليات قطاعات من طلاب الجامعات الأميركية بينها جامعة “هارفارد” وغيرها تشهد حراكا  ضد دولة التطهير العرقي الإسرائيلية، خاصة في أوساط الطلاب من أتباع الديانة اليهودية. جميعها تطالب بوقف دعم الحكومة الإسرائيلية والاستيطان الاستعماري، وتطالب بدعم الشعب  الفلسطيني وقضية السلام.

مجموع هذه الخطوات الرسمية والأهلية في مختلف المنابر الأميركية تشير إلى تنامي وتطور عملية التحول في أوساط الشعب الأميركي. ولم يعد دافع الضرائب مستعدا لأن تتحول ضرائبه لإسرائيل مجانا، ووفق السياسات التاريخية المعهودة للإدارات الأميركية السابقة والمتعاقبة. ويمكن القول بحذر إن هناك تحولا ما إيجابيا، علينا مراقبته، ومتابعته والاهتمام به، وتعميق العلاقات مع كافة الاوساط الأميركية ذات الصلة من خلال الجالية الفلسطينية والعربية والإسلامية وانصار السلام الأميركيين انفسهم، بالإضافة لدور مؤسسات السلطة الوطنية لتعميق عملية التحول الإيجابي. لا سيما وان الدور الأميركي ذات تأثير مركزي في تكريس عملية السلام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى