أقلام وأراء

عمر حلمي الغول يكتب – لا تتفاجأوا بأية مغامرات لترامب

 عمر حلمي الغول – 24/12/2020

بعد اكثر من اسقاط ما يزيد على خمسين دعوة قضائية ضد نتائج الانتخابات الرئيس دونالد ترامب، المنتهية ولايته مازال لم يستوعب الهزيمة، ويرفضها، ولا يقبل القسمة عليها، رغم ان المجمع الإنتخابي في يوم الإثنين الموافق 14 من كانون اول / ديسمبر الحالي (2020) اقر بفوز المرشح الديمقراطي، جو بايدن، وهو السلطة المقررة في أمر فوز اي مرشح وفقا لنتائج الإنتخابات الرئاسية، إلا ان ساكن البيت الأبيض يبحث مع مرؤوسيه عن مخرج ينقذه من الإقرار بالهزيمة، وإعادة الإنتخابات مجددا، ومن الأفكار المثيرة طرحه على مستشاريه فرض القانون العرفي يوم الجمعة الماضي الموافق 11/12 الماضي، بيد انه لم يجد قبولا، لا بل رفضا وإنتقادا واضحا من قبل مساعديه، وفق ما صرحت به العديد من وسائل الاعلام الاميركية

ومع ان ترامب نفى صحة ذلك على موقعه في “تويتر”. إلا ان إصراره على رفض الإعتراف بنتائج الإنتخابات، وهو ما اعلنته المتحدثة باسمه كايلي ماكيناني يوم الثلاثاء الموافق 15/12 الماضي، عندما قللت من اهمية تصويت المجمع الإنتخابي، وإعتبرته لا يمثل سوى “خطوة في المسار الدستوري”، وأعادت التذكير، بأنه لم يبت في كل القضايا المرفوعة امام القضاء. بتعبير آخر عدم الإقرار بالهزيمة،  ورفض الأعتراف بفوز بايدن. وبالتالي لم يسلم بالحقائق الرسمية المعلنة، وهو ما يعكس مواصلة الرئيس المنتهية ولايته والمقربين منه البحث عن كيفية قلب المعادلة الإنتخابية رأسا على عقب. ومن الافكار المتداولة، تكليف المؤسسة العسكرية بتنظيم إنتخابات رئاسية جديدة، كما طرحت فكرة إصدار مرسوم رئاسي لمصادرة جميع اجهزة التصويت لفحصها، لقناعة وأوهام الرئيس ال45 الشخصية انها عنوان واداة التزوير واسع النطاق… وغيرها من الافكار الإنقلابية.

وكما هو معروف لم تلجأ الحكومات الفيدرالية للأحكام العرفية منذ الحرب العالمية الثانية، اي قبل 80 عاما. ووفق دراسة اجراها “مركز برينان للعدالة” نشر في آب/ أغسطس الماضي (2020) هكذا توجه يحتاج إلى موافقة الكونغرس، الذي لا يملك فيه الجمهوريون الأغلبية مما يصعب محاولة الرئيس والمتحمسون لخياره.

والملفت للنظر، ان السيناتور الجمهوري الوحيد، الذي رفض افكار ساكن البيت الأبيض، هو ميت روميني، واعلن عن ذلك على شاشة “سي إن إن” الأحد الماضي بالقول “هذا لن يحصل”، ولم يفكر اي من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين التحفظ او الإعتراض، او الإدلاء بتصريح لصالح حماية النظام والدستور الفيدرالي، أو يحذر من مغبة الإنزلاق لمتاهة الفوضى. وهذا قد يشكل حافزا للرئيس ترامب للوقوع في محذور السياسات الأقصوية المزعزة للنظام السياسي. لا سيما وان العديد منهم ايضا (الجمهوريون) لم يهنئوا الرئيس المنتخب بإستثناء عدد من الشخصيات البارزة وعلى رأسهم، زعيمهم في مجلس الشيوخ، ميتش ماكونيل، بادروا للتهنئة بعد مضي اكثر من شهر على إجراء الإنتخابات الرئاسية، وهذا عامل اضافي يعزز خيار المغامرة عند ابي ايفانكا وأنصاره، ومن بينهم المدعية الفيدرالية المحامية المثيرة للجدل، سيدني باول، التي تؤكد، انها كشفت مؤامرة عالمية، وليس اميركية فقط، لإفشال الرئيس المهزوم، ودون ان تقدم دليلا واحدا على ما ذكرته. وبالمناسبة هي مكلفة بالتحقيق في وجود نواقص وتزوير في العملية الإنتخابية. لكنه تم عزلها من قبل فريق محامي الرئيس ترامب، لإنها تؤثر سلبا على عملهم، وتفقدهم المصداقية، وتشيع اجواءً سلبية امام المحاكم، التي تنظر ببعض القضايا ذات الصلة بالتزوير.

ورغم إنحسار وتراجع هامش حركة ومناورة الرئيس ترامب، بيد انه مازال يعول على الموالين له، بالإضافة لرهانه على وسائل الإعلام المحافظة، التي يغذيها بنظريات المؤامرة لتنشرها على مواقعها في محاولة لإستقطابات جديدة تساعده في قلب الطاولة على نتائج الإنتخابات، وتجد تلك النظريات إنعكاسها على مواقع التواصل الإجتماعي، حيث مازالت تضخ كما كبيرا من التحريض على العملية الإنتخابية، والتشكيك بفوز المرشح الديمقراطي. هذة المعطيات تشي بإن الشهر المتبقي من ولاية الرئيس الحالي يمكن ان يلجأ لمغامرات غير محسوبة النتائج سوى نتيجة إفتراضية واحدة، عنوانها البقاء في البيت الأبيض، ونسف نتائج الإنتخابات. وهذا التصرف اثار ردود فعل عديدة في الأوساط الأميركية، اعتبروها مستهجنة، وغريبة، ولا تتوافق مع مكانة رئيس الولايات المتحدة. لكن جون بولتون، مستشار الأمن القومي السابق، قال أن هذا سلوك ترامب العادي واليومي، وليس جديدا، او مستغربا، ويخطىء من يعتقد عكس ذلك.

باق شهر، لكنه قد يكون الأشهر، او الفصل الأطول في تاريخ الولايات المتحدة، لما قد يحمله من مفاجآت قد لا يحمد عقباها. وكل السيناريوهات من داخل وخارج الصندوق داخليا وخارجيا يفترض توقع حدوثها. لم يبق الكثير حتى يذوب الثلج ويظهر المرج.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى