أقلام وأراء

عمر حلمي الغول يكتب – كذبة الآثار لمصادرة الأراضي

عمر حلمي الغول  – 15/2/2021

مرة جديدة يعود قادة دولة الاستعمار الإسرائيلية لمواصلة لعبة الاستغماية الكاذبة المتعلقة بالادعاء بوجود “آثار” لليهود في فلسطين، التي نفاها كليا المختصون الإسرائيليون، والبريطانيون وغيرهم ممن حاولوا إيجاد أثر ما في الأرض الفلسطينية تحاكي ما جاء في العهد القديم “التوراة”، والتاريخ المزور الذي دونه المستعمرون الصهاينة. ولكن كل أبحثاهم وحفرياتهم منذ مطلع القرن العشرين وحتى يوم الدنيا الراهن لم يحالفها الحظ. ولهذا كتب شلومو ساند كتابه عن كذبة “اختراع الشعب اليهودي”. فضلا عما كتبه كل من زئيف هرتسوغ، وإسرائيل فنكلشتاين، ووليم فوكوسويل ألبرايت.. وغيرهم.

ومن أحد ادعاءات وأكاذيب القيادات الصهيونية المختلفة، ادعاء وزير البناء والإسكان الأسبق، اريئيل “اكتشاف مذبح يوشع بن نون” على جبل عيبال في نابلس، وقام مع مجموعة ومن يسمى مدير عام سلطة الآثار، يرافقهم رئيس مجلس الاستيطان الاستعماري في الضفة بزيارة الموقع في نيسان/ابريل 2015، وتم تسييج المكان. وكان هذا الافتراء تم على يد البروفيسور آدم زرتل قبل 41 عاما.

مع أن ما يسمونه “مذبح يوشع بن نون” لا يمت بصلة له لا من قريب أو بعيد، وإنما هو ووفق خبراء الآثار، يعود للعصر البرونزي المتأخر 1300 قبل الميلاد، وهو مذبح كنعاني، أقيم لتقديم القرابين لآلهتهم الكنعانية. فضلا عن أن تلك الحقبة من التاريخ تشير لعدم وجود ديانات توحيدية، بتعبير أدق لم تكن اليهودية وجدت آنذاك. وهذا ما يؤكده الكاهن، حسني السامري، أحد كهنة الطائفة السامرية، وهي السلالة الحقيقية لبني إسرائيل، فقال “إن المعابد الحقيقية لبني إسرائيل موجودة على جبل جرزيم، وهو (جبل البركة) حسب بني إسرائيل، وليس له صلة باليهودية”. وأضاف أن “المعابد اليهودية مفتعلة في القدس، ومن المستحيل أن يكون هناك مذبح لبني إسرائيل على جبل عيبال؛ لأنه حسب التوراة يسمى جبل (اللعنة)، فكيف من الممكن أن يكون هناك مذبح على جبل اللعنة”؟    

إذن ما هي خلفية الأمر؟ ولماذا الضجة المفتعلة حوله سابقا وراهنا؟ حيث هدد رئيس الوزراء الفاسد، نتنياهو يوم الجمعة الماضي من تعرض للمذبح بعظائم الأمور، والشيء نفسه، طلب الرئيس الإسرائيلي، ريفلين من وزير الحرب، غانتس ملاحقة الفلسطينيين، الذين شقوا طريقا بجانب المذبح ما أثر على الجدار الخارجي المحيط به، وأضيف لهم باقي الجوقة الاستعمارية ومنهم النائب الفاشي سموتيريتش وبن غفير ورئيس وأعضاء مجلس الاستيطان الاستعماري، الذين شنوا حملة مفتعلة ومفضوحة النوايا والخلفيات. وتلازم مع ذلك حملة أكاذيب لمجموعات استيطانية استعمارية في مستعمرة بيت إيل افترت على أصحاب الأرض الحقيقيين، أبناء الشعب الفلسطيني، بأنهم “استولوا” على أراض للمستعمرين؟!

كل هذه الأكاذيب، وعمليات التزوير الاستعمارية تهدف إلى الآتي: أولا- استمراء الكذب والتزوير لإيهام الذات والرأي العام الداخلي والعالمي، بأن لهم “حقوقا” و”آثارا”؛ ثانيا- قلب الحقائق التاريخية رأسا على عقب؛ ثالثا- مصادرة وتهويد الأراضي الفلسطينية بذريعة وجود “آثار” لليهود؛ رابعا- تشويه صورة أبناء الشعب الفلسطيني، وكأنهم لا يهتمون للأثار والموروث الحضاري. وهذه جميعها أكاذيب لا أسانيد لها في الواقع المعطى ولا في حقائق التاريخ، لأن القيادات الفلسطينية عموما وجهات الاختصاص خصوصا المعنية بالآثار تعمل جاهدة وبكل الوسائل، ورغم المعيقات والانتهاكات الإسرائيلية على حماية كل اكتشاف أثري من أي حقبة تاريخية، لأن هذا جزء أصيل من الموروث الحضاري والثقافي للشعب الفلسطيني.

إذن على قادة دولة الاستعمار الصهيونية الكف عن ألاعيبهم وادعاءاتهم المزورة والمفضوحة إسرائيليا وأوروبيا وأميركيا وروسيا وعربيا، لأنه لا يوجد للديانة اليهودية أية آثار في فلسطين، ولعبة مصادرة وتهويد وضم الأراضي الفلسطينية لم تعد تنطلي على أحد، ولن يسمح الشعب الفلسطيني وقيادته الشرعية وقواه ونخبه السياسية للصهاينة المستعمرين بمواصلة سياسة القضم التدريجي للارض الفلسطينية العربية، وستعمل من خلال الكفاح الشعبي والسياسي والدبلوماسي، وكل المنابر الإقليمية والدولية على تعرية أهداف المخطط الاستعماري الإسرائيلي، وتصفية كل البؤر والمستعمرات داخل حدود دولة فلسطين المحتلة.

oalghoul@gmail.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى