أقلام وأراء

عمر حلمي الغول يكتب –  قمة فلسطينية بامتياز

عمر حلمي الغول – 4/9/2021

التأمت يوم الخميس الماضي الموافق الثاني من أيلول / سبتمبر الحالي القمة الثلاثية الفلسطينية المصرية الأردنية، وشارك فيها الزعماء الثلاثة: الرئيس السيسي والملك عبد الله والرئيس عباس. وجاء انعقاد القمة في اعقاب سلسلة من التحركات واللقاءات شملت الدول الثلاث، وكان في طليعتها لقاء الملك عبد الله الثاني مع الرئيس جو بايدن في البيت الأبيض، وسبقه لقائه مع رئيس حكومة التغيير الإسرائيلية بينت في تموز / يوليو الماضي سرا في المملكة، وكذا لقاءات الرئيس عبد الفتاح السيسي مع العديد من الزعماء العرب والأجانب على هامش قمة بغداد الأخيرة قبل أيام قليلة من قمة قصر الاتحادية في القاهرة، وكذلك لقاءات الرئيس أبو مازن مع غانتس، وزير الحرب الإسرائيلي، وسبقه اللقاءات مع بلينكن، وزير الخارجية، ووليم بيرنز، مدير وكالة المخابرات المركزية، وهادي عمرو، مساعد وزير الخارجية.

كما ان أهمية القمة انها تأتي عشية افتتاح الدورة ال76 للأمم المتحدة، وانعقاد القمة العربية القادمة في الجزائر، وعشية لقاء الرئيس المصري مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، وأيضا عشية لقائه المرتقب مع الرئيس الأميركي بايدن، وغيرها من التحركات البينية الفلسطينية الأردنية والفلسطينية المصرية بهدف التنسيق والتكامل فيما بين الدول الثلاث.

وعليه فإن القمة يمكن اختزال أهميتها بجملة واحدة، انها كانت قمة فلسطينية بامتياز لما حملته من مخرجات سياسية وديبلوماسية، والتي عكسها البيان الختامي، ويمكن تكثيف تلك المخرجات بالآتي: أولا اكدت على ان القضية الفلسطينية، هي قضية العرب المركزية؛ ثانيا دعمها الواضح والصريح لاهداف وحقوق ومصالح الشعب العربي الفلسطيني على الصعد كافة؛ ثالثا تأكيدها على خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران / يونيو 1967 كأساس لإخراج المنطقة والاقليم من دورة العنف والإرهاب والحروب؛ رابعا رفضها الكامل لكل اشكال الإرهاب والانتهاكات الإسرائيلية في كافة ميادين الحياة، ومطالبتها حكومة التغيير إعادة النظر بممارساتها العدوانية والتوسعية في أراضي دولة فلسطين المحتلة؛ خامسا رفضها لكل الجرائم التي ترتكب ضد الجماهير الفلسطينية في القدس العاصمة الأبدية، ومنها: الاقتحامات المتكررة اليومية للحوض المقدس عموما، وللمسجد الأقصى خصوصا، ولعمليات التطهير العرقي في احياء زهرة المدائن الستة وخاصة الشيخ جراح وسلوان. فضلا عن مواصلة الاستيطان الاستعماري ومصادرة والسيطرة على العقارات والمنازل عبر عمليات التزوير والتضليل والخداع والتهديد والوعيد والاعتقال والقتل … إلخ من الجرائم والانتهاكات؛ سادسا التأكيد على أهمية الوصاية الأردنية على المقدسات الإسلامية، سابعا تأكيد القمة على أهمية المصالحة الوطنية الفلسطينية، والاستعداد الدؤوب والمتواصل لدفع الوحدة الوطنية الفلسطينية قدما للأمام استنادا الى الاتفاقات المبرمة بين حركتي فتح وحماس وعموم فصائل العمل السياسي؛ ثامنا التأكيد على أهمية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الاونروا)، ومطالبة العالم بتقديم الدعم المالي لها لتتمكن من القيام بمهامها؛ تاسعا التأكيد على الروابط التاريخية بين الدول الثلاث، والاقرار بان امن ومصالح الشعب الفلسطيني جزء لا يتجزأ من الامن المصري والأردني والعربي عموما والعكس صحيح؛ عاشرا تبني مؤسسة القمة الثلاثية كأساس للشراكة بين الدول الثلاث، دون الانتقاص من دور مؤسسات الجامعة العربية، بل تعميقا لدورها وبالتكامل معها.

وعلى أهمية القمة، وما حملته من مخرجات فلسطينية هامة وضرورية، الا ان الموضوعية تحتم عدم المبالغة في السيناريوهات المنظورة على المستويات المختلفة، فإسرائيل وحكومة بينت / لبيد ليست جاهزة للتقدم نحو الحل السياسي، وكما يعلم الجميع زعيم حزب يمينا مسكون بالأيديولوجيا والتطرف والفاشية حتى النخاع، ولا يقبل على الشراكة السياسية. كما انه لا يجد، ولا يرى سوطا دوليا مرفوعا في وجهه ليذعن لقرارات الشرعية الدولية وخيار حل الدولتين؛ والوضع العربي الرسمي للأسف يعاني من أزمات كبيرة وعميقة داخل كل دولة، وفي العلاقات البينية، وعلى المستوى العالمي، وعلى الرغم من تأكيد الدول المختلفة بدءا من إدارة بايدن حتى اخر دولة على انهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ومنح الشعب العربي الفلسطيني استقلاله وسيادته على حدود دولته وضمان حق عودة لاجئيه الى ديارهم، إلا ان تلك المواقف بلا رصيد، الامر الذي يتيح لدولة المشروع الصهيوني مواصلة سياساتها وجرائم حربها ضد الشعب الفلسطيني. والاهم على الصعيد الفلسطيني مازال الانقلابيون  يستمرأوا خيار الانقلاب على وحدة الشعب ومصالحه الوطنية العليا. لهذا بقدر ما علينا ان نحتفي بمخرجات ونتائج القمة، بقدر ما علينا ان نتريث ولا نبالغ في الآفاق المرتقبة.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى