أقلام وأراء

عمر حلمي الغول يكتب – عودوا لجادة الصواب

عمر حلمي الغول – 29/6/2021

حدثت خلال الأيام القليلة الماضية ردود أفعال بعضها مشروع وبعضها الآخر غير مشروع، وذات خلفيات وأجندات خاصة وإقليمية في أعقاب مقتل المغدور نزار بنات في الخليل يوم الخميس الماضي. وما زالت الأزمة تلقي بظلالها على المشهد الفلسطيني، وبات الحديث عن ردود الأفعال والأفعال من قبل الموالاة والمعارضة وأصحاب الأجندات هو المتسيد في أوساط الجماهير، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، وغاب الهم الفلسطيني العام، ومواجهة الاستعمار الصهيوني في القدس العاصمة عموما وأحيائها المهددة بالتطهير العرقي سلوان والشيخ جراح والمقاومة في بيتا ونعلين وبلعين والخضر وصرة وبيت دجن وبورين وسلفيت وقراها المختلفة حيث يتغول قطعان المستعمرين في استباحة المدن والقرى.

من المؤكد أن قضية الفقيد نزار، هي قضية كل فلسطيني مؤمن بالحقوق الإنسانية والسياسية، وحريته وسلامته، وليست قضية عابرة ولا هامشية، ويتوجب أن تكون محطة فاصلة بين ما كان من سياسات وإجراءات تجاه حقوق أبناء الشعب، وما سيكون عليه الوضع لجهة إيلاء حرية التعبير والرأي، وترسيخ الديمقراطية في أوساطهم جميعا أولوية، وعلى رأس جدول أعمال السلطة التنفيذية، وتجسير العلاقات البينية بين السلطة ومؤسساتها التنفيذية وبين الجماهير، لتعزيز وتعميق وحدة الشعب، وتجذير مقاومته الشعبية ضد سلطات الاستعمار الصهيوني، وبالتالي استخلاص الدروس والعبر كما يفترض ويليق بالنظام السياسي التعددي الديمقراطي.

وبانتظار ما سيتمخض من نتائج عن لجنة التحقيق، التي بدأت أعمالها، ويفترض أن تكون على مستوى الحدث من المسؤولية الشخصية والوطنية. لا سيما وأن الهيئات القيادية بمختلف مستوياتها تولي اهتماما كبيرا لمصداقيتها وشجاعتها وأمانتها ونزاهتها في الخروج بالتوصيات الكفيلة بصون الحق العام للشعب والخاص لعائلة المغدور بنات، وتحميل الجهات المتورطة في عملية القتل الخطيئة المسؤولية عما ارتكبته من جرم تجاه الضحية، وإحقاق الحق، وتنفيذ القانون لصون وحدة الشعب الفلسطيني.

ومع ذلك، وعلى أهمية ما سيصدر عن لجنة التحقيق، فإن المسؤولية الوطنية تحتم على الجميع الإنشداد إلى الهم الوطني العام، وإبقاء بوصلة المواجهة مع المستعمرين الصهاينة الأولوية على ما عداها من قضايا. وعودة الجميع من قطاعات الشعب وفصائله الوطنية ونخبه ومثقفيه وإعلامييه وأكاديمييه ومنظماته المجتمعية إلى جادة المعركة الأساسية مع العدو الصهيوني دون تردد أو تلكؤ وتسويف ومماطلة.

وهو ما يتطلب من جميع الوطنيين بمختلف مشاربهم وألوانهم الفكرية والسياسية والثقافية والإعلامية عزل القوى المتربصة والكيدية والهادفة إلى استغلال خطيئة الراحل نزار لحسابات وأجندات مأجورة وتخريبية، والعمل على وأد الفتنة في مهدها، وتفويت الفرصة على العدو الصهيوني والقوى المتآمرة على وحدة الشعب والنظام السياسي الفلسطيني، والإساءة لمنتسبي وأبناء الأجهزة الأمنية، الذين كانوا وما زالوا العين الساهرة لحماية الشعب ومصالحه الوطنية، ومن خلال ذلك الإساءة لدور ومكانة حركة فتح، قائدة المشروع الوطني.

مطالبون جميعا بالخروج من دوامة الفتنة، ومحاربة كل متطاول على الحق العام، وعلى الديمقراطية، وحماية منجزات الشعب والنظام السياسي، وتطبيق القانون وصون العقد الاجتماعي، دون إغفال التصدي لكل مظاهر الفساد والتخريب، ووقف كل أشكال التعدي على الحريات العامة والخاصة، وحماية المصالح الوطنية العليا عبر استئصال القوى العبثية من أي جهة كانت رسمية أو أهلية.

السلم الأهلي وحماية المجتمع مصلحة وطنية للكل الفلسطيني، لا يجوز التهاون أو التفريط بها، وبالقدر ذاته محاربة كل المظاهر المعيبة والمخلة والمسيئة لوحدة المجتمع؛ لأن هذا العامل يشكل الركيزة الأساسية في مواجهة العدو الصهيوني، ورافعة النضال الوطني، وحامل مشعل مقاومته الشعبية البطلة في القدس وأحيائها وبيتا وكل مواقع المواجهة مع الأعداء في الداخل والخارج.

وعلى الجميع تركيز الجهود نحو تصعيد الكفاح التحرري الوطني دون تراخٍ أو تلكؤ في مواجهة عدو الشعب الأول دولة التطهير العرقي الصهيونية، وتعميق التحولات الإيجابية، التي أحدثتها هبة القدس البطلة، ومعركة المواجهة على جبهة قطاع غزة، والدفع بقوة المجتمع الدولي وأقطابه وهيئاته الأممية لعقد مؤتمر دولي كامل الصلاحيات لبناء ركائز السلام الممكن والمقبول على أساس خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967، وإزالة وكنس الاستعمار عن فلسطين المحتلة مرة وإلى الأبد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى