عمر حلمي الغول يكتب – خلفية التجديد لهنية ..!
عمر حلمي الغول 4-8-2021م
جدد مجلس شورى حركة حماس الثقة باسماعيل هنية رئيسا لولاية ثانية للحركة، واصدر اول امس الاحد الموافق 2 آب / أغسطس الحالي بيانا رسميا بالخبر. وبذلك يكون فرع جماعة الإخوان المسلمين في فلسطين أنهى إنتخاباته لدورة 2021، والتي استغرقت وقتا أطول من الانتخابات السابقة لإعتبارات ذاتية وموضوعية.
ولم يكن تجديد انتخاب أبو العبد هينا ولا سهلا هذه المرة، وذلك يعود لوجود اكثر من منافس، ومن ابرزهم الرئيس السابق للحركة خالد مشعل، الذي شكل رصيدا قويا في أوساط التنظيم الدولي للاخوان المسلمين، وأيضا في اوساط الدول العربية والإسلامية عميقة الصلة بالجماعة من حيث الإنتماء والإحتضان والدعم والتمويل والإشراف على مهامهم الوظيفية في فلسطين والوطن العربي والإقليم عموما. ولهذا استبق هنية العملية الانتخابية وخرج من قطاع غزة إلى الدوحة ليتمكن من تعويم نفسه في الأوساط المختلفة، وحتى يجمع خيوط اللعبة الانتخابية من الداخل والخارج.
كما ان عاملا آخر سهل على رئيس المكتب السياسي المنتخب الإستمرار في الموقع الأول، هو إرتباطه بقطاع غزة، ولقدرته التعامل مع مكونات وتناقضات القيادة المتنفذة في الإنقلاب، رغم انه الأقل كاريزما، لكنه الأكثر مرونة، والمؤهل لجمع كل الصقور والرؤوس، لإنه يعطي كل منهم ما يريد وما يحب ان يسمع. اضف إلى انه تعامل مع استحقاقات التنظيم الدولي للإخوان المسلمين والدول ذات الصلة به بإيجابية عالية، وقدم الولاء والطاعة، وقبل الأيادي جميعها، وكسب دعم وتأييد ورضى الأقطاب المختلفة.
ومن هنا جاءت تشكيلات تنظيم الإخوان في فلسطين في هذه الانتخابات حاملة جوائز ترضية لعدد من المنافسين وأقطاب الساحة في الأقاليم الثلاثة، وتم تسمية خالد مشعل، رئيسا لإقليم الخارج، وصالح العاروري، رئيسا لإقليم الضفة، ويحيى السنوار رئيسا لإقليم غزة، كما عكست شكلا من اشكال اللامركزية في قيادة التنظيم الإخواني إنسجاما مع الشروط الموضوعية المحيطة بفلسطين المحتلة وشعبها الموزع في التجمعات المعروفة في الداخل وداخل الداخل (48) والشتات وبالتالي منحت الأقاليم إدارة ذاتية لتنفيذ مهامها.
النتيجة تم تكريس إسماعيل هنية رئيسا للحركة للمرة الثانية لإعطائه فرصة لتأكيد مكانته القيادية إسوة بالفرصة، التي تمتع بها أبو الوليد، الذي قادة حماس من 1996 حتى 2017 لاربع دورات متتالية. ولا استطيع الجزم، إن كان أبو العبد سيتمكن البقاء على رأس الحركة حتى العام 2025، لا سيما وان التطورات العاصفة بالساحة والإقليم عموما قد تملي على الرجل التنحي في لحظة ما. لكني اجزم انه سيحرص على تمثل مواقف التنظيم الدولي للإخوان المسلمين، والذي بدأ قيادته الجديدة بمهاجمة الرئيس التونسي، قيس سعيد، عندما ردد موقف مكتب الإرشاد، بإعتبار ما قام به من خطوات لحماية الشعب والدولة التونسية بمثابة “إنقلاب على الإسلام ومبادئه”، وأضاف موغلا في العداء لخيار الشعب التونسي، ورئيسه رمز وحدة الدولة والضامن لإستقلالها، عندما طالب ب”حماية شريعتنا من الكفرة بكل ما اوتينا من قوة.”
وهذا الموقف العدائي لخيار الشعب التونسي ونخبه السياسية عموما يعكس تعميقا لخيار التورط في الشؤون الداخلية العربية، ويحمل الشعب العربي الفلسطيني أعباءا لا يريدها، وتتناقض مع سياساته التاريخية في العلاقة مع الدول العربية الشقيقة، ومع شعاره الناظم ” لا للتدخل في الشؤون الداخلية العربية.” لكن هنية شاء ان يؤكد لمكتب الإرشاد وللدول المعنية، انه لم يعد يمسك العصا من المنتصف مع الأنظمة العربية، ومستعد لإن يذهب بعيدا في تأكيد ولائه المطلق للجماعة وعلى حساب فلسطين وقضيتها ومصالح الشعب العليا.
مع ذلك، مازال امام رئيس حركة حماس فرصة للتراجع عما اقترفه من خطأ فادح بحق تونس وشعبها ورئيسها، وبحق الدول العربية عموما وخاصة مصر وسوريا وليبيا والعراق والأردن … إلخ، وفي ذات الوقت إعادة نظر في سياسات وممارسات حركته في فلسطين، من خلال المراجعة الشاملة لتجربة الإنقلاب الأسود، والاندفاع مجددا نحو تكريس المصالحة الوطنية، وعودة محافظات الجنوب لحاضنة الشرعية الوطنية، والكف عن الخطاب الغوغائي الشعاراتي الممجوج والمكشوف وقبل فوات الأوان.