أقلام وأراء

عمر حلمي الغول يكتب –  خلفيات موقف الحية ..!!

عمر حلمي الغول – 17/10/2021

ما بين القول والفعل عند جماعة الاخوان المسلمين عادة يكون بون شاسع من التناقض؛ لأنهم في العادة يقولون شيئا، ويفعلون النقيض تماما. بيد أن مرات يتطابق القول مع الفعل، ويكرسه، وتكون رسالته واضحة جدا. ويعود الفرق في الإعلان عن المواقف لطبيعة اللحظة السياسية، والشرط الذاتي لفرع الجماعة، أو للتنظيم الدولي في حال كانوا في أزمة ومحاصرين يقلبون الحقائق رأسا على عقب، وعندما يكونون في أوضاع مناسبة وملائمة لخيارهم السياسي، يتجرؤون على قول الحقيقة، ولا يخشون من الإعلان عن مواقفهم.

ما تقدم له علاقة بما صرح به أمس السبت، لقناة “الأقصى” خليل الحية، نائب رئيس حركة حماس في قطاع غزة، ورئيس مكتب العلاقات العربية الإسلامية فيها، في تقدير موقف لنتائج زيارة وفد الحركة للقاهرة، ولقاء الوزير عباس كامل وقادة جهاز المخابرات المصرية، فأكد بشكل صريح، لا يشوبه أي غموض أو التباس حول العلاقة مع السلطة الوطنية ومنظمة التحرير والانتخابات البلدية والمجالس المحلية، فقال إن “مشروع منظمة التحرير وفريق عباس لم يعد موجودا، وليس له أي أفق سياسي”. وتابع موغلا في التطاول والإساءة لمواقف القيادة الشرعية والسلطة، إن السلطة الفلسطينية “غدت سلطة تنسيق أمني، ومحاربة للحريات وقتل الناس على الرأي”، مشيرا إلى أن “السلطة متورطة في جزء من حصار غزة”. وختم عن الانتخابات، بأنه لا قيمة لها، وأن حماس غير معنية بها. 

لو دققنا فيما أعلنه الحية، نلحظ التالي: أولا نجد من مجمل القراءة لمواقفه تأكيده تمسك الحركة بخيار الانقلاب على الشرعية، والعمل على تأبيده، ولم يشر حتى من باب ذر الرماد في العيون بكلمة ولو عابرة للمصالحة، وهو ما يعني شطب الملف كليا من الأجندة الحمساوية. ودليل إضافي لما تقدم، ضمنه عضو المكتب السياسي لفرع الاخوان المسلمين في محافظات الجنوب في حديثه لقناة الحركة، عندما قال، بأن الحركة حملت هموم شعبنا في غزة، مرحبا بالدور المصري في تعزيز صمود شعبنا والتخفيف من معاناته (والحديث عن غزة فقط)، وأضاف “إننا تحدثنا عن عملية إعادة الإعمار وسبل الإسراع في تخفيف معاناة شعبنا”. ومن المؤكد لا أحد ضد الحديث عن ملفات القطاع، ولكن يفترض أن يكون جزءا من الملفات الفلسطينية المختلفة وفي طليعتها القدس العاصمة الأبدية وما يجري في أحيائها ومقابرها وحوضها المقدس، وهذا يعكس رؤية وتوجهات الحركة السياسية والاقتصادية والأمنية، العمل على تثبيت قاعدة الانقلاب على الشرعية في القطاع؛ ثانيا إدارة الظهر والتخلي عن أي حوار مع المنظمة والرئيس أبو مازن وحركة فتح. واعتبارهم خارج نطاق الحساب السياسي في الأجندة الاخوانية عموما والحمساوية خصوصا، وهو ما نطق به بشكل عميق عندما أكد بعد الزيارة، إن “مشروع منظمة التحرير وفريق عباس لم يعد موجودا، وليس له أفق سياسي”. وكأنه يوحي للمراقب والمستمع، أن هناك وعودا بالالتفاف على قيادة منظمة التحرير الشرعية وعلى رأسها محمود عباس، والعمل على شطبها؛ ثالثا قلب الحقائق رأسا على عقب في أكثر من مسألة، باتهام السلطة، سلطة تنسيق أمني، وتناسى دورهم المباشر وغير المباشر بالتنسيق الأمني وغير الأمني مع دولة المشروع الصهيوني، وتجاهل مسؤوليات السلطة والمنظمة وتحملهما ملفات الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات كلها السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والمالية والاجتماعية والبيئية والثقافية والأمنية بما في ذلك محافظات الجنوب. والأنكى والأمر اتهامه السلطة بمحاربة الحريات وقتل الناس على الرأي، ولم يخجل أو يرف له جفن وهو يتشدق بذلك، وتناسى أنه وحركته الاخوانية، وليس أحد غيرهم من مارس ويمارس القتل قبل الانقلاب وأثنائه وبعده حتى يوم الدنيا هذا، وفي الآونة الأخيرة تم قتل على الأقل عشرة أشخاص أبرياء على حرية الرأي. وبالتالي قلبه للحقائق أمر يثير السخرية، ولكنه أسوة بغيره من قادة الانقلاب الأسود يعتمدون مقولة “إن لم تستحِ فافعل ما شئت”؛ رابعا اتهام السلطة بـ “حصار” غزة يعكس الإيغال في قطع شعرة معاوية مع القيادة الشرعية، والتمترس في دوامة الانقلاب، ومحاولة تبرئة العدو الصهيوني من جرائمه ضد أبناء الشعب في القطاع والقدس وعموم الضفة الفلسطينية وأيضا في داخل الداخل، والتغطية على دورهم في تعميق عملية الحصار بالتواطؤ مع دولة التطهير العرقي الإسرائيلية؛ خامسا تأكيده بفمه ولسانه، أن المواجهات الأخيرة في أيار/مايو الماضي، أو ما سموها معركة “سيف القدس” لم تحقق أية نتائج تذكر، وهذا ما أكد عليه، حين قال إن الأمور تقريبا عادت إلى ما كانت عليه قبل عدوان الاحتلال (أيار/ مايو 2021)، أي أنهم سببوا الدمار لأبناء الشعب الفلسطيني في القطاع دون تحقيق أي هدف سوى مزيد من الدمار والقتل للأبرياء من أبناء الشعب. 

مقابلة خليل الحية تحتم على الكل الوطني اتخاذ ما يلزم من الإجراءات الوطنية لمواجهة التحديات الماثلة، والتصدي لحماية دور ومكانة منظمة التحرير كممثل شرعي ووحيد، وحماية المشروع الوطني وإيجاد السبل الكفيلة بطي صفحة الانقلاب الأسود وترميم جسور الوحدة الوطنية، وتصعيد المقاومة الشعبية ومحاربة كل المظاهر والظواهر الخاطئة في البيت الفلسطيني.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى