أقلام وأراء

عمر حلمي الغول يكتب – حماس والإنتخابات

عمر حلمي الغول 5/11/2019

سأضع قناعاتي جانبا بشأن موقف حركة حماس من الإنتخابات. وسارحب بموقفها المعلن منها، وإعلانها الإستعداد للإنخراط في العملية الديمقراطية. وهذا ما كنت شخصيا والغالبية العظمى من الشعب الفلسطيني نطالب به، وندعو قيادات الحركة المعنية بمصلحة الشعب ووحدته للدفع بالعملية الديمقراطية لتأخذ مكانها الطبيعي والمنطقي وفق النظام الأساسي ليقرر الشعب عبر صناديق الإقتراع خياره، وموقفه من القوى والنخب والشخصيات السياسية الفاعلة والموجودة في المشهد، ويختار من يريد لتولي المسؤولية خلال اربع سنوات، وبالتالي يفتح الطريق واسعا امام مبقدأ وقانون التدوال السلمي للسلطة.

وكنت اشرت قبل ايام في زاويتي هنا، ان على حركة حماس ان تتعلم من اقرانها، فروع جماعة الأخوان المسلمين في تركيا وتونس والمغرب وغيرها من الدول، وان لا تخشى صناديق الإقتراع، إذا كانت تثق بقدرتها ومن أنصارها ومؤيديها في الشارع الفلسطيني، وتمضي قدما نحو تكريس العملية الديمقراطية، التي كانت تخشاها، وأعتقد انها مازالت تخشاها بحجج وذرائع لا أساس لها من الصحة في الواقع، والدليل أن إنتخابات 2006، والنزاهة والشفافية، التي تعامل بها رأس النظام السياسي الفلسطيني، الرئيس محمود عباس خير دليل على ما ذكرت.

كما ان رئيس الشعب الفلسطيني أبدى الإستعداد بالسماح لكل المراقبين العرب والأمميين بالإشراف على العملية الديمقراطية دون تدخل لضمان نجاح الإنتخابات، ولمنح الآخرين الثقة بأن عملية التصويت، وفرز الأصوات ستكون تحت الشمس، وفي الضوء، وسيتم التصدي لكل التجاوزات، التي يمكن ان تؤثر على نزاهة وصدقية الإنتخابات ونتائجها. لا سيما وان الإنتخابات ستكون البوابة الأولى والأوسع لترميم الجسور، وفتح قوس المصالحة من خلال إنتخاب ممثلي الشعب، وإيجاد برلمان مؤهل وقادر على صيانة النظام الديمقراطي التعددي، ويملك صلاحية التشريع وسن القوانين، وإعادة النظر فيما صدر منها خلال الإثني عشر عاما الماضية، ومنح او حجب الثقة عن هذة الحكومة او تلك، عن هذا الوزير او ذاك، عن هذا المسؤول او غيره.

إذا لا يوجد احد في الشارع السياسي والإجتماعي والإقتصادي والثقافي يريد إقصاء احد، أو حجب حقه الديمقراطي في التمثيل داخل قبة البرلمان بقدر ما يمنحه الشعب من المقاعد. والكل الفلسطيني يريد لحركة حماس التوطن في المشروع الوطني، لا العكس. لإن من كان يرفض ذلك هي حركة حماس نفسها، وليس احدا غيرها، نتيجة خشيتها من الإنتخابات، ولعدم ثقتها بمنح الجماهير اصواتها لها، لإنكشاف ظهرها من خلال ممارساتها اللاديمقراطية، والمتناقضة مع مصالح واهداف الشعب ووحدته، وبسبب لجوئها لإستخدام العصا الغليظة ضد ابناء الشعب المعارض والرافض لسياساتها، ولعدم إلتزامها بالنظام الأساسي، ولرفضها المصالحة، وإذعانها لإجندات خارجية إقليمية ودولية لا تمت بصلة للمشروع الوطني.

مع ذلك الجميع قوى وفصائل وأحزاب وشخصيات وطنية يعلن بصوت واحد، أهلا وسهلا بموافقة حركة حماس لإجراء الإنتخابات، والكل يرحب ويبارك ويدعو الله عز وجل، ان تكون الموافقة صادقة وجدية، وليست مناورة تكتيكية، ولا تكون خطوة إلتفافية وهروب للأمام من الإستحقاق الديمقراطي.

وإذا كانت حماس جادة تستوجب الضرورة منها العمل على الآتي: اولا لجم وضبط الأصوات المعارضة للإنتخابات في صفوفها؛ ثانيا عدم السماح للقوى المعارضة للإنتخابات من حلفائها بتعطيلها، ووضع العصي في دواليبها من خلال الذهاب لعمليات تصعيد مفتعلة وكاذبة، وتهدد مصالح الشعب بإسم “المقاومة”؛ ثالثا عدم إعطاء إسرائيل الإستعمارية الفرصة لتعطيل الإنتخابات؛ رابعا فتح القوس لحرية الرأي والتعبير والتنظيم والتظاهر والإعتصام في اوساط الشارع الفلسطيني بمختلف مشاربه وتوجهاته؛ خامسا الإعلان المبدئي عن وقف كل ما يقوم به أعضاء المجلس التشريعي السابقين من كتلة التغيير والإصلاح من إنتهاك للقانون والنظام الأساسي، والإلتزام بمرسوم حل المجلس السابق؛ سادسا منح حكومة الدكتور محمد اشتية الحرية في العمل للإعداد للإنتخابات بالتعاون مع لجنة الإنتخابات المركزية على الأرض في محافظات الجنوب دون تدخل من اية جهة تابعة لحركة حماس، أو لغيرها من القوى الحليفة لها؛ سابعا الإفراج عن كل المعتقلين السياسيين والإعلاميين من اتباع حركة فتح وغيرها من القوى، ووقف كل عمليات الإعتقال السياسي.

رغم اني مازالت غير واثقٍ من مصداقية حركة حماس، لكني ساغلب الجانب الإيجابي لفتح قوس الأمل للذات وللجماهير الفلسطينية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى