أقلام وأراء

عمر حلمي الغول يكتب – حكومة البطالة الإسرائيلية

عمر حلمي الغول – 15/6/2021

أخيراً أسدل الستار عمليا على مرحلة بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق أمس الأول، بعد قرابة 12 عاما، تجاوز فيها الزمن الذي قضاه ديفيد بن غوريون، رئيس الوزراء الأول لدولة المشروع الصهيوني الكولونيالية في رئاسة حكومات إسرائيل الأولى، وذلك بعد تعاضد 8 قوى حزبية صهيونية من أقصى اليمين إلى اليسار بالإضافة لقائمة حركة الإخوان المسلمين الجنوبية برئاسة منصور عباس، الذي قدم تنازلات مست المصالح الوطنية الفلسطينية عموما، وفي الجليل والمثلث والنقب والمدن المختلطة خصوصا.

غاب نتنياهو وحل بينيت، رئيس حزب يمينا الديني اليميني المتطرف، والذي لا يختلف عن سلفه، لا بل إنه أكثر تطرفا وعنصرية ودونية، وتوليه رئاسة الحكومة يعتبر سابقة في تاريخ الدولة الصهيونية المارقة خلال الأعوام الـ73 الماضية، لأنه أول نائب يتولى قيادة رئاسة الوزراء بسبعة نواب، وبفسيفساء حزبية غير مسبوقة، وهو ما يشي لأي مراقب، بأن حكومة الثنائي بينيت/لبيد لن تتجاوز فترة شهور البطالة الثلاثة. لا سيما أن القاسم المشترك الأساس لكل مكوناتها الصهيونية والإخوانية، هو إسقاط نتنياهو، وما دون ذلك من قضايا سياسية ودبلوماسية واقتصادية واجتماعية وعسكرية أمنية وثقافية تربوية لا يجمعها جامع. وبالتالي تصريحات بينيت ومعه شريكه لبيد وباقي أركان الحكومة عن طول أمدها، هي مجرد أحلام يقظة ساذجة وسطحية، ولا تنسجم مع أبسط معايير الواقع الإسرائيلي.

اليوم الثلاثاء أول اختبار للحكومة الجديدة، حيث نصب لهم رئيس الوزراء الفاسد والسابق لغمين مباشرين/ الأول مسيرة أعلام المتطرفين الفاشيين في القدس العاصمة الفلسطينية الأبدية، التي تهدد مجددا بانفجار الوضع في زهرة المدائن. خاصة وأن القوى والنخب الفلسطينية وقطاعات الشعب من رأس الناقورة حتى أم الرشراش أعلنت عن رفضها للمسيرة العنصرية، والتي يسعى من خلالها قطعان الفاشيين الكهانيين وعلى رأسهم بن غفير وسموتيريتش ومن لف لفهم إلى فرض خيارهم الاستعماري، وفرض عمليات الضم والتهويد والمصادرة والتطهير العرقي على أبناء العاصمة الفلسطينية العربية، ليس فقط الرفض، بل والنزول للشارع لمواجهة التحدي الصهيوني بتحد وطني جامع، وهو ما يحمل في طياته اشتعال شرارة هبة القدس الرمضانية مجددا.

اللغم الثاني يتمثل في إزالة “بؤرة جفعات أفيتار”، التي منح الجيش الإسرائيلي مستعمريها 8 أيام لإزالة المنشآت والمباني، التي أقاموها على أراضي القرى الفلسطينية الثلاث: بيتا ويتما وقبلان في جبل صبيح جنوب نابلس الشهر الماضي. وهدد الجيش في التاسع من الشهر الحالي، في حال عدم تنفيذ المستوطنين القرار، فإنه سيلجأ لهدم الأبنية بنفسه. ولكن الآن مع تولي الحكومة الإشكالية سيكون من الصعب تنفيذ القرار، ما قد يشكل اصطداما ثانيا بين أركانها. وبالتالي فإن تداعياتها قد تلقي بظلال ثقيلة على مسيرة حكومة البطالة، التي ولدت ميتة. كما أن هناك ألغاما عديدة تتعلق بالاستيطان الاستعماري في القدس وعموم الضفة، وضم المنطقة (ج)، والملف الاقتصادي، و”قانون القومية الأساس للدولة اليهودية”، والتسوية السياسية، والملف الأمني العسكري، وتجنيد الحريديم المتشددين، وموازنات المدارس الدينية، وملف القضاء بتشعباته، والعلاقات الدولية خاصة مع الولايات المتحدة .. إلخ.

إذن يمكن اعتبار حكومة بينيت/ لبيد، هي حكومة المهمة الواحدة، أي مهمة إسقاط الفاسد زعيم الليكود.

بتعبير أدق هي، حكومة تسيير أعمال مؤقتة، دون أن تكون مستقيلة، كونها تتحرك في حقل ألغام كبير ، وكل خطوة تخطوها قد تنفجر في وجه وزرائها، وتحمل

أخطارا بانهيار معبدها رأسا على عقب. مع أن القوى المشاركة كافة  فيها تحرص على أن تنأى بنفسها عن إثارة أية حساسية مع حلفاء الخطوة التكتيكية الواحدة، خشية تفكك الوزارة. لذا لن تقترب القوى جميعها من أي من القضايا الكبيرة، ولن تقدم على إثارة أي منها.

لكن حسابات الأحزاب الثمانية، غير حسابات المعارضة والمجتمع الإسرائيلي والعوامل الموضوعية. كما أن أزمة دولة المشروع الصهيوني أزمة عميقة، وإزالة نتنياهو من شارع بلفور، لا تعني أن تناقضات الدولة الفاشية انتهت، أو انخفضت حدتها، هذا استنتاج ليس صحيحا، الأزمة ما زالت عميقة وتتفاقم يوما بعد الآخر، وفتائل إشعالها متعددة. والنتيجة أن الحكومة الفسيفسائية تحمل في ثناياها اندثارها وموتها السريع بعيدا عن تمنيات مركباتها، وإن غدا لناظره قريب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى