أقلام وأراء

عمر حلمي الغول يكتب – برنامج هنية بين التيه والتناقض ..!

عمر حلمي الغول 7/11/2021

مجددا يطل علينا إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس يوم الأربعاء الماضي الموافق 3/11/2021 في الندوة السياسية عبر الزوم، التي عقدها مركز الزيتونة الاخواني، وقدم رؤية حركته السياسية المستقبلية للنهوض بالمشروع الفلسطيني.” واجزم ان من قرأ مداخلة أبو العبد لاحظ بام العين المجردة تيها وضبابية وتناقض في آن في تلك الرؤية، باستثناء بعض الجمل السياسية الفضفاضة الانشائية.

ومع ذلك حتى الجمل السياسية الانشائية عكست تناقضا، على سبيل المثال، يقول “مازال الشعب الفلسطيني في مرحلة التحرر الوطني، ويسعى لانجاز أهدافه في الحرية والعودة والاستقلال.” مع ان الاستقلال مقرون بالحرية، مع ذلك لا بأس من تجاوز هذه الملاحظة. ولكن يبرز هنا سؤال، هذا الشعب الذي يعيش فعلا مرحلة التحرر الوطني، وهو أصاب هنا في جانب، وناقصة لعدم ربطها بعملية البناء، المهم كيف يمكن له تحقيق أهدافه في الحرية والاستقلال وتقرير المصير والعودة؟ وعلى أي أساس؟ وهل يمكن للشعب العربي الفلسطيني تحقيق أهدافه دون شرط الوحدة الوطنية، وبوجود انقلاب على الشرعية الوطنية تقوده حركته، وتصر على الإبقاء على الامارة الانقلابية في قطاع غزة؟

وقبل ان انتقل لنقطة التناقض مع العدو الصهيوني، يقول لا يستطيع فصيل لوحده تحمل أعباء تحقيق او انجاز المشروع السياسي. وأيضا هذا صحيح من حيث التجريد والتنظير السياسي. ولكن كيف نحشد الطاقات والاطياف السياسية في بوتقة واحدة، اذا كانت حركة حماس ترفض من حيث المبدأ كل الاتفاقات الموقعة بينها وبين حركة فتح وفصائل منظمة التحرير برعاية الاشقاء المصريين؟ وهل يمكن تحشيد القوى في اطار غير اطار منظمة التحرير، الممثل الشرعي والوحيد؟ وهل يمكن للوحدة الوطنية ان تقوم على أرضية الانقسام والانقلاب او على أرضية ما تسمونه الحسم العسكري؟ وما العمل لايجاد أرضية لبناء شراكة سياسية؟ وما هي الرؤية البرنامجية، التي يمكن ان تقوم عليها الشراكة السياسية؟ على أرضية استمرار الانفراد والسيطرة على محافظات الجنوب، ام عبر إعادة اللحمة والوحدة لصفوف الشعب الفلسطيني وعلى أرضية ما تم الاتفاق عليه. لا سيما وان هناك مفاصل أساسية في كل الاتفاقات من عام 2009 حتى عام 2017 مرورا باعلان الدوحة 2012 واعلان الشاطي 2014 بما فيها الرؤية البرنامجية التي تنادي بها، وموضوع الحكومة والامن والمعابر والانتخابات والشراكة السياسية؟

وعن الانتخابات التشريعية يؤكد رئيس حركة حماس، ان مشاركة القدس ضرورية، ولا يمكن اجراء الانتخابات دونها. ولكنه بدأ بالقول قبل ما تقدم، ان الغاء الانتخابات بالقدس شكل مأزقا حقيقيا واعادنا للمربع الأول. عن أي مربع تتحدث؟ هل كنت موجودا في البداية حتى تتحدث عن المربع الأول؟ واذا كنت تؤكد على ضرورة اجراء الانتخابات في العاصمة الفلسطينية، وإسرائيل الدولة المارقة والقائمة بالاحتلال رفضت ذلك، كيف ستجري الانتخابات فيها؟ وما هي الوسائل التي طرحتموها للخروج من المأزق؟ ولماذا تغطي بلطجة الاستعمار الصهيوني وتقبل بمشيئته، وتحمل الصناديق وتركض فيها من شارع لشارع، مع ان اتفاق وبرتوكول 1995 سمح للشعب باجراء الانتخابات دون هذه الطرق الالتفافية والفاقدة الاهلية والنجاعة؟

ثم يتحدث عن المعادلات السياسية المعقدة في الصراع والاقليم، ويخرج بنتيجة بضرورة “وضع رؤية شاملة وناضجة محددة تحمل الكثيرمن الطهارة السياسية”. ماذا تعني بالطهارة السياسية؟ وعن أي طهارة تتحدث؟ وما هي معاييرها؟ وهل في السياسة طهارة وانت تقارع العدو الصهيوني؟ وهل تريد ان تلبس كفوفا بيضاء وانت تكتب الرؤية السياسية، أم انك تريد ان تقرأ المعوذات على الرؤية الشاملة لتكون طاهرة ونظيفة؟

المؤكد ان الشعب الفلسطيني يريد رؤية برنامجية شاملة، ولكن ما قيمة هذه الرؤية دون بناء جسور الوحدة الوطنية، ودون ان تتوطن حركتكم في المشروع الوطني، ودون ان تتخلى عن اجنداتها الاخوانية والإقليمية؟ وما هو الأساس الناظم لرؤيتكم الشاملة؟ لماذا لم تطرح تلك الرؤية في الندوة ذاتها؟

بعد ذلك يعرج على موازين القوى ثانية، ويقول، ان على جميع القوى الاسهام في بناء ميزان القوى لمواجهة الاحتلال؟ جيد، ولكن كيف وعلى أي أساس تريد للقوى المختلفة تغيير واقع ميزان القوى؟ هل باستمرار الانقلاب والانقسام؟ هل بالتحريض والتخوين والتكفير وتكميم الافواه وبالاعتقال السياسي لكل معارض او مخالف لكم في الرأي؟ وكيف يتم إعادة بناء موازين القوى، وانتم تقفون في الضفة الفلسطينية على الحياد، ولم تشاركوا في المقاومة الشعبية في اية قرية او مدينة الا بالشعارات والتصريحات التي لا تسمن ولا تغني من جوع؟

وفي السياق يطرح أبو العبد سؤالا “المهم كيف ان نبني معادلات إيجابية في بعدنا القومي والإقليمي والدولي، والا يكون على حساب ثوابتنا الوطنية؟” السؤال يا رئيس المكتب السياسي مطروح عليكم انتم في حركة حماس؟ هاتوا ابداعكم، ورؤيتكم وتفضلوا ساهموا في الإجابة على ذلك؟ كيف يمكن تغيير الصورة النمطية البائسة والمعيبة في تاريخ الكفاح الوطني التحرري وهناك انقسام، وانقلاب وفوضى وتجويع للشعب، والتجارة بدمه وشهدائه وجرحاه ومعاقيه؟

وقبل ان ينهي يتوقف امام المأزق، فيقول ” دخلنا النفق منذ اتفاقية أوسلو حتى الحصاد المر، الذي وصلنا اليه.” ويتابع “بان خللا كبيرا وقع على مفهوم المشروع السياسي الفلسطيني، وبعد أوسلو اضطربت الأهداف والوسائل والدولة والحدود ووظيفة السلطة.” اذا كان النفق بدأ منذ التوقيع على أوسلو، لماذا بعد ان خونت أوسلو دخلت في مؤسساته؟ ولماذا تسبح في مياهه؟ اليس هذا اكبر واعظم اشكال التناقض وعدم المصداقية، وتضليل وحرف لبوصلة النقاش العلمي (وانت وامثالك لا يحبون بالتأكيد كلمة علمي)؟ ومن الذي أوصل الشعب الفلسطيني الى الحصاد المر؟ اليس انتم وانقلابكم على الشرعية؟ ثم اين هي مقاومتكم؟ وهل تعتقد واقرانك في الحركة ان الحروب او المواجهات الأربعة من 2008/ 2009 حتى 2021 التي ادخلتم الشعب الفلسطيني فيها انطلت عليه وخاصة في قطاع غزة، الذين دفعوا ومازالوا يدفعون ثمن حروبكم الدونكيشوتية، رغم سقوط شهداء وابطال من كل القوى والفصائل بما في ذلك من حركتكم، والئك الشهداء لا علاقة لهم ببرنامج الاخوان المسلمين يا أبو العبد؟

واما النقطة الثانية التي اجلتها، التي اكد فيها رئيس الحركة إسماعيل هنية، ان التناقض الرئيسي بين الشعب الفلسطيني والعدو الصهيوني. وهذا صحيح جدا. ولكن اذا كان التناقض المركزي مع العدو الصهيوني، لماذا حتى الان لم تتم الوحدة الوطنية؟ لماذا تتعثر عمليات الحوار؟ وما هي خلفيات ذلك غير تمسككم بالانقلاب وخياره كبديل لوحدة الأرض والشعب والمشروع الوطني؟

كلمة أخيرة من يريد برنامج اجماع وطني، ومواجهة العدو الصهيوني، ويريد الشراكة السياسية وتغير موازين القوى ويريد المزج بين المقاومة والنضال السياسي والديبلوماسي، عليه أولا وثانيا وعاشرا والف ان يعود لجادة الوحدة الوطنية، وان يطوي صفحة الانقلاب ويعزز المقاومة الشعبية، ويعمق الديمقراطية، ويكف عن كاتم الصوت وتكميم الافواه، ويرسخ التواصل مع القوى الوطنية وخاصة حركة فتح، وليس التآمر عليها والإساءة لقياداتها وخاصة الرئيس محمود عباس. عودوا لرشدكم ولحاضنتكم الشعبية من خلال توطين أنفسكم في المشروع الوطني، وكفوا عن الديماغوجيا والتضليل والتكفير والتخوين. وهذا اول الغيث ان كنتم صادقين في طرحكم رغم كل التناقض الذي يحمله.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى