أقلام وأراء

عمر حلمي الغول يكتب – القراءة الخاطئة للدور النيابي

عمر حلمي الغول – 10/7/2021

 في أعقاب تشكيل حكومة بينت/ لبيد مدعومة من قائمة الإسلامية الجنوبية الإخوانية قبل شهر تقريبا، وتحديدا في 13 حزيران/ يونيو الماضي، خرج عدد من اصحاب الرأي والقادة في الأوساط الفلسطينية خصوصا باعتبار ذلك “شجاعة” و”إنجازا” يحسب لمنصور عباس، رئيس القائمة. لأنهمافترضوا من وجهة نظرهم الخاطئة، ان الإخواني المسلم، وزعيم الحركة الإسلامية الجنوبية “كسر المحرمات” في اوساط اليمين الصهيوني عموما، واليمين المتطرف خصوصا بلجوئهم واعتمادهم في تشكيل حكومة التغيير عليه وعلى كتلته. وتجاهل اصحاب الرأي القاصر، ان الاختراق حدث عكسيا، أي في الصف الفلسطيني، وكسر المحرمات الفلسطينية من خلال تساوق عباس ومجموعته مع الخيار والمشروع الصهيوني، وحرف بوصلة الكفاح الاجتماعي والوطني التحرري ودون مقابل سياسي او حتى مطلبي يخدم مصالح الجماهير الفلسطينية في الجليل والمثلث والنقب والمدن المختلطة، ولم يحصل إلا على وهم المشاركة الدونية والمبتذلة. وبغض النظر عن خلفية ودور رئيس القائمة الموحدة، فهو بالمعنى الهوياتي يندرج تحت التابعية الفلسطينية، مع ان هناك فلسطينيين وعربا صهاينة اكثر من الصهاينة الاستعماريين.

كما ان اصحاب وجهة النظر المذكورة لم يدققوا في المكانة التاريخية لتجذر وتعمق الحضور الوطني الفلسطيني داخل دولة الاستعمار الإسرائيلية، الذين شكلوا بتنامي دورهم الوطني والقومي أحد اخطر الأسلحة الموجهة للمشروع الصهيوني وقاعدته المادية (إسرائيل)، وهذا ما سجلوه في الذكرى الـ30 لنشوء وتأسيس دولتهم الكولونيالية، حيث اعتبروا عدم تطهير الأراضي الفلسطينية من الوجود الفلسطيني العربي، التي قامت على مساحتها إسرائيل من أحد أكثر الخطايا الصهيونية، كما ورد في صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية في العام 1978. اضف لذلك، لم يقرأ اصحاب وجهة النظر القاصرة، وأحادية الجانب، ان كل القوى الصهيونية من ألفها إلى يائها، واجهزة الدولة الإسرائيلية الأمنية المختلفة، وكل مناهج تعليمها ومدارسها الثقافية، عملت على تطويع الاقلية الفلسطينية في إسرائيل عبر سلاحي العصا والجزرة، ومن خلال مبدأ “فرق تسد”، وتعميق التناقضات بين ابناء الشعب العربي الفلسطيني، والسعي لتفتيتهم وتمزيقهم، أسوة بما نجحوا به في محافظات الجنوب الفلسطينية لتبديد وتصفية القضية الفلسطينية، ومن ثم تطويع الوعي الفلسطيني للقبول بالرواية الصهيونية، أو التصالح معها، وتدجين الذات الوطنية وفق مقاسات دولة المشروع الصهيوني الكولونيالي. لاسيما أن الكل الصهيوني لم يعد قادرا على تجاوز الحضور المتنامي لأبناء الشعب الفلسطيني، ما دعاهم لإعادة نظر في تعاملهم مع المجتمع الفلسطيني ككل والقوى السياسية والنخب الثقافية والإعلامية بشكل خاص، والسعي لاستقطابها وترويضها، ومن ثم خلق وتوسيع نفوذ جماعة الإخوان المسلمين والقوى والأحزاب الفلسطينية الوهمية والشكلية لتكون أداتها المشروعة في إحداث التحول داخل بنية ومركبات الوعي الوطني الفلسطيني.

نجح قادة الدولة الاستعمارية بإحداث التحول النسبي، الذي قاده بشكل واضح نتنياهو، رئيس الحكومة السابق. رغم انه كان ومازال المحرض الأول على الوجود الفلسطيني، بيد أنه لم يجد مفرا من العودة للشارع والقوى والنخب الفلسطينية، ومن بينها أداتهم الحركة الجنوبية وبعض رؤساء المجالس المحلية والبلدية ومن في مقامهم. ثم جاءت خطوة التحاق منصور عباس مع حكومة التغيير الصهيونية، التي لا تختلف بشيء عن حكومة نتنياهو، إن لم تكن أخطر، وأكثر عدوانية ووحشية.

ولنا في تصويت رئيس القائمة الموحدة إلى جانب حكومة بينت في قانون “لمّ الشمل” قبل أيام، وهو ما يعتبر سابقة خطيرة تعكس تواطؤ، وسقوط تلك الحركة الإخوانية بشكل علني ومطلق إلى جانب المشروع الاستعماري الصهيوني، ومعاداة الحق الفلسطيني المشروع، والمنسجم مع ابسط حقوق الإنسان، ولكن عباس لم يغادر دوره الوظيفي الاستعمالي لصالح الدولة الكولونيالية، وعلى حساب الشعب والمصالح الوطنية الفلسطينية العليا في كل التجمعات وخاصة في الجليل والمثلث والنقب والمدن المختلطة.

دون الخوض في الشواهد الأخرى، تستدعي المصلحة الوطنية والعلمية ووفقا لأسانيد التجربة التاريخية من اصحاب ذلك الرأي إعادة النظر في منطقهم المتهلهل، والقاصر ليتمكنوا من محاكمة دور ووظيفة منصور عباس والحركة الجنوبية الإسلامية وفقا للمعايير الوطنية وبعيدا عن الإسقاطات الرغبوية الساذجة، او تغليب الوهم والاستقراءات الضيقة والمشوهة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى