أقلام وأراء

عمر حلمي الغول يكتب الحملة الظالمة على الرئيس أبو مازن

عمر حلمي الغول – 2/6/2021

مما لا شك فيه، أن هبة القدس الرمضانية كانت نقطة تحول نوعية في مسار العملية الكفاحية الوطنية، وحملت في طياتها مجموعة من الدلالات والتداعيات والمخرجات، وبالتالي ما كان قبل الهبة، ليس كما بعدها على المستويات المحلية والعربية والدولية، لأنها فرضت معادلة جديدة في الصراع، وهزت قناعات راسخة في أوساط الصهاينة والفلسطينيين والعرب والعالم، وبالضرورة في مجملها تصب في الصالح الفلسطيني الوطني، وكنت عالجت بعض مشتقات عناوين الهبة، لكنها تحتاج لقراءة أشمل وأوسع لاحقا.

من بين الجوانب غير الإيجابية للهبة محاولة بعض المثقفين وأصحاب الرأي وممثلي بعض القوى السياسية استغلالها للوقوع في شرك تصفية الحسابات الصغيرة باسم الدفاع عن “الذات الوطنية”، أو لمجرد الإساءة، فضلا عن أصحاب المواقف المسبقة العقائد والفكر، وخلفيات الوراثة والتقاط اللحظة قبل فوات الأوان. مؤكد من حق كل صاحب رأي أن يدلي برأيه، والتعبير عن مواقفه إيجابا أو سلبا، وهذا أحد أبسط اشتراطات الديمقراطية. لكن عندما يندفع البعض لمحاكاة اللحظة السياسية، عليهم أولا ان يتخلوا عن حساباتهم الخاصة، ويبتعدوا عن الشخصنة في التحدث عما يمكن أن يكون عليه الوضع؛ ثانيا على أصحاب العقائد المعادية لمنظمة التحرير والوطنية الفلسطينية أن ينتبهوا لمعادلات اللحظة السياسية قبل أن يندفعوا في هجومهم، هذا من جهة، وأن يعودوا قبل كل شيء لجادة الوطنية الفلسطينية من جهة أخرى؛ ثالثا أن يحاول الجميع معرفة ما قامت به القيادة عموما والرئيس أبو مازن خصوصا، حتى تكون محاكمتهم أقرب للموضوعية.        

ومن واجبي أن أذكر، أن عددا ممن وقعوا على العريضة، التي تهاجم رئيس منظمة التحرير، وتطالب بإقالته أو استقالته، لهم مواقف من الرئيس محمود عباس منذ أول يوم له في رئاسة السلطة والمنظمة وحركة فتح؛ وهناك أشخاص تحولوا للجبهة النقيضة بعدما أزاحهم عن مواقعهم لاعتبارات تتعلق بالعمل، وهناك قوى معادية لشخص أبو مازن ارتباطا بأجندتهم الإخوانية والإقليمية، مع أنه هو من عمد فوزهم في الانتخابات البرلمانية عام 2006، وهو من حملهم للحكومة العاشرة. وبالتالي ليست أول حملة تحريض وتشويه وإساءة يتعرض لها الرئيس محمود عباس من قبل أصحاب وجهات النظر المتناقضة معه، والمعادية لخياره السياسي.

لكنهم كما باءوا بالفشل سابقا، أعتقد أنهم سيبوءون بالفشل مجددا، لأن قراءاتهم للتطورات، ولمجرى الأحداث شابها الخطأ، كونهم تسرعوا في قراءة الحدث، وانحازوا للعاطفة أكثر مما انحازوا للمنطق والعقل والمحاكاة الموضوعية، وتناسوا مسؤولياتهم الوطنية، ولم يحاولوا استكناه معطيات وتطور اللحظة. من المؤكد أن أخطاء حصلت، وكانت هناك نواقص ومثالب، ومن يقول عكس ذلك يكذب على نفسه، ويناقض الواقع. لكن هناك فرق بين الأخطاء والخطايا، وبين من يستخدم النقد البناء للتطوير، وبين من حمل معول الهدم، وغلب العاطفة على المنطق والعلم. وأنا هنا أوجه حديثي للوطنيين، وليس للجميع. لا سيما وأن هناك قوى وجهات ونخبا لها موقف من الرئيس محمود عباس حتى لو أضاء أصابعه شمعا لهم. ولهذا الحديث ليس لهم، كون أجنداتهم معروفة.

وأسمح لنفسي أن ادافع عن الرئيس أبو مازن، وأنا خارج كل المواقع الرسمية، ولست ممن يسحجون أو يمسحون الجوخ لا للرئيس محمود عباس، ولا لفتح ولا لأي جهة، رغم انحيازي للوطنية الفلسطينية عموما ولحركة فتح خصوصا، وأنا متصالح مع قناعاتي، والتي أفترض كإنسان أنها قد تصيب وقد تخطئ. لكن مما أعرفه ورأيته وشاهدته، فإن رئيس المنظمة منذ بداية الهبة خرج وأدلى بتصريح واضح وصريح مع الهبة ومع نضال جماهيرنا في ساحة باب العامود وباحات المسجد الأقصى، وطالب العالم بالتدخل لوقف العدوانية الصهيونية، وألقى أكثر من كلمة مباشرة للشعب، وعقد اجتماعات للهيئات القيادية. كما أنه وفريقه السياسي والأمني تمكنوا من التوصل لاتفاق مع حكومة الفاسد نتنياهو: بوقف كل الانتهاكات العدوانية في الشيخ جراح وباحات المسجد وساحة باب العامود، وقبل أن تنطلق أي طلقة من غزة باتجاه إسرائيل الكولونيالية. وعلى إثر ذلك، قامت القيادة بإبلاغ بعض القيادات الرسمية العربية بنتائج تفاهماتها، وإحداها سربت الخبر لحركة حماس، وعلى إثر ذلك قامت بإطلاق قذيفتها على محيط العاصمة القدس، التي كانت بمثابة إشعال فتيل المواجهة، مع أن الرئيس محمود عباس تمكن من وقف المواجهات مؤقتا دون خسائر في الأرواح. ليس ما تقدم فقط، إنما واصل الرئيس محمود عباس نشاطه السياسي والدبلوماسي ووجه وبتعليمات منه د. رياض المالكي، وزير الشؤون الخارجية لزيارة العديد من دول أوروبا، والمشاركة في المنتديات العربية والإسلامية والعالمية دفاعا عن الحقوق الوطنية الثابتة، ولفضح وتعرية دولة التطهير العرقي الصهيونية.

بالنتيجة حملتكم مصيرها الفشل، ومع ذلك علينا جميعا أن نستخلص الدروس والعبر، وتفادي النواقص والعيوب والثغرات، وأن يتمثل كل فصيل وحركة دوره ومكانته، ويجلس لقراءة الحدث بموضوعية وواقعية بعيدا عن التاريخ والإسقاطات الرغبوية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى