أقلام وأراء

عمر حلمي الغول يكتب – الجنائية تنتصر لفلسطين

عمر حلمي الغول  – 9/2/2021

إنجاز جديد لفلسطين وشعبها وقيادتها السياسية في المحكمة الجنائية الدولية، يوم الجمعة الماضي الموافق 5 شباط/ فبراير الحالي، تمثل في إقرار الدائرة التمهيدية الأولى في المحكمة الجنائية الدولية بشأن طلب المدعية العامة، فاتو بنسودا بشأن الولاية القضائية الإقليمية على فلسطين، حيث قررت بالأغلبية أن “الاختصاص الإقليمي للمحكمة في فلسطين يشمل الأراضي التي احتلتها إسرائيل عام 1967، وهي غزة والضفة الغربية بما في ذلك القدس الشرقية، على اعتبار أن فلسطين هي طرف في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية”.

ووفق موقع “واللا” الإسرائيلي، فإن قضاة المحكمة صادقوا على طلب المدعية العامة للمحكمة، فاتو بنسودا بفتح تحقيق ضد إسرائيل في ارتكاب جرائم حرب”. وأفاد الموقع، أن بنسودا طالبت بفتح تحقيق ضد إسرائيل على خلفية جرائمها خلال عدوان 2014، وخلال فعاليات مسيرات العودة عام 2018، واستمرارها في سياسة الاستيطان في مناطق الضفة وشرقي القدس”.  

هذا القرار يعتبر خطوة نوعية باتجاه الاقتراب من العدالة النسبية، لأنه يسمح للمحكمة الجنائية بالبحث في كافة القضايا المرفوعة لها من قبل القيادة وأبناء الشعب الفلسطيني ضد كل جرائم الحرب، التي ارتكبتها القيادات السياسية والعسكرية والأمنية الصهيونية خلال الأعوام المنصرمة والقادمة. لا سيما وأن جرائم الحرب لم ولن تتوقف إلا بفرض خيار السلام الممكن والمقبول وأساسه حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967. وأبرز القضايا المطروحة على جدول أعمال الجنائية الدولية: القتل العمد وبدم بارد للمواطنين الفلسطينيين العزل، وقضايا أسرى الحرية في باستيلات العدو الصهيوني، والاستيطان الاستعماري في العاصمة الفلسطينية الأبدية، القدس وكافةمحافظات ومدن الضفة الفلسطينية. وهو ما يفرض على القيادات والمؤسسات والمنظمات الحقوقية توحيد وتكثيف الجهود لإعداد الملفات بشكل متكامل ومدعم بالوثائق والحقائق الدامغة وبأسماء القتلة من قادة وضباط وجنود جيش الموت الإسرائيلي، وإعداد الضحايا من أبناء الشعب ليدلوا بدلوهم أمام قضاة المحكمة الدولية، لأن حكام دولة الفصل العنصري الاستعمارية لن يسمحوا للجان التحقيق بالوصول للأراضي الفلسطينية المحتلة.

القرار الشجاع والمسؤول لقضاة الدائرة التمهيدية أثار زوبعة وعاصفة هوجاء من ردود الأفعال في الدوائر الصهيونية بدءا من نتنياهو، رئيس الوزراء مرورا بوزير حربه غانتس، والمستشار القضائي، مندلبليت ولبيد وكل الجوقة الاستعمارية الصهيونية، وألقوا كما كبيرا من اللغو الفارغ، والثرثرات الغوغائية الكاذبة عن “صلاحية المحكمة الجنائية من عدمه لمحاكمة دولتهم المارقة والخارجة على القانون”، وادعوا “أنهم دولة ديمقراطية” و”ملتزمة بالقانون الدولي”، ليس هذا فحسب، بل إنهم عادوا للأسطوانة المشروخة وعلى لسان رئيس وزرائهم الفاسد، باتهام قضاة المحكمة وقرارهم بـ “اللاسامية” وكلها أكاذيب، وافتراءات لا تمت، ولا تستقيم مع الحقيقة والواقع، لأن جرائمها وانتهاكاتها للقانون الدولي بائنة ومفضوحة، وتاريخها، هو تاريخ المجازر والمذابح والقتل عن سابق عمد وإصرار وتصميم لأبناء الشعب الفلسطيني العزل. كما وسنت العديد من القوانين العنصرية والمتناقضة مع أبسط معايير حقوق الإنسان، وأبرزها “قانون القومية الأساس للدولة اليهودية” عام 2018، وقانون “كامينتس”. فضلا عن القرارات، التي أصدرتها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة بمنح ضباطها وجنودها ومنتسبي الأجهزة الأمنية، بالإضافة لقطعان المستعمرين الحق بإطلاق الرصاص الحي والقنابل ضد المواطنين الفلسطينيين دون أي سبب ولمجرد الادعاء بالشبهة، واستباحة المساجد والكنائس والأديرة الدينية، وبيوتهم، واعتقال الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ والشباب، وفرض الأحكام الإدارية عليهم دون توجيه أية تهم ضدهم، والاعتداء على أراضيهم ومزروعاتهم وممتلكاتهم الخاصة، وتهويد ومصادرة الأراضي الفلسطينية دون أي وازع أخلاقي أو قانوني أو سياسي، سوى قانون الغاب الاستعماري الوحشي المستند إلى رواية صهيونية زائفة، لا تمت لحقائق التاريخ والموروث الحضاري بصلة، وقتل المتظاهرين السلميين المطالبين بحقهم في العودة لديارهم، التي طردوا وشردوا منها عام النكبة 1948، وعام النكسة 1967.

الجبهة القانونية واحدة من الجبهات الهامة في الدفاع عن الحقوق والمصالح الفردية والجمعية لأبناء الشعب الفلسطيني ضد أعداء السلام والحرية وحقوق الإنسان، ضد منتجي الإرهاب والجريمة المنظمة، ضد الصهاينة الفاشيين الجدد، طغاة العصر المدعومين من طغم رأس المال المالي والغرب الاستعماري. وبقدر ما يتم إعداد الملفات ذات الصلة بجرائم الحرب الصهيونية، بمقدار ما تتمكن القيادة الفلسطينية من النجاح في إلقاء القبض على الغالبية الساحقة من مجرمي الحرب الصهاينة، ومحاكمتهم أمام المحكمة الجنائية الدولية. وعلينا أن ننجح، وننتصر للذات الوطنية وللسلام والحرية والعدالة النسبية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى