أقلام وأراء

عمر حلمي الغول يكتب – الإختراق المطلوب

عمر حلمي الغول – 11/7/2021

بالأمس توقفت هنا في هذة الزاوية وناقشت اصحاب وجهة النظر المغلوطة حول مفهوم الشجاعة والإختراق المقلوب في الصراع الفلسطيني الصهيوني. واظهرت القصور الكبير في وهم الإختراق للقوى الصهيونية من قبل منصور عباس، ممثل القائمة الإسلامية الجنوبية المرتدة، والمنقلبة على اسس ومعايير ونواظم الصراع الفلسطيني الصهيوني.

ورأيت من الواجب عدم الإكتفاء بتسليط الضوء على التهافت الفكري السياسي عند البعض لمفهوم الإختراق، انما وضع البديل العلمي والمنطقي، والمستجيب لمصالح وحقوق الشعب العربي الفلسطيني، حتى تكتمل القراءة العلمية والمسؤولة تجاه هذا الموضوع الإستراتيجي في العلاقة بين قطبي الصراع، وكيفية فهم حدود ومنطلقات الإختراق، وبناء جسور السلام الواقعية والمقبولة فلسطينيا وبالاستناد إلى الحقوق التاريخية ومواثيق وقوانين وقرارات الشرعية الدولية.

إذا حتى نتمكن من تشخيص علمي وفكري سياسي لتحديد اسس الاختراق، لا بد من إيقاف معادلة الصراع على قدميها، بدل ان تبقى واقفة على رأسها، والعودة لجذور الصراع، وتحديد من هو القائم بعملية العدوان والتطهير العرقي، والمرتكب جريمة العصر بعيدا عن الاسقاطات الذاتوية، والشعارات الغوغائية. كما نعلم، ويعلم العالم اجمع، القائم بارتكاب جريمة العصر بحق الشعب العربي الفلسطيني، هي الحركة الصهيونية المنتج الإستعماري الغربي لتحقيق مآربه في الوطن العربي، وبالتالي هي القوة القائمة بالجريمة والنكبة، وهي وحدها المسؤولة عن تبعات الإستعمار وطرد ما يزيد على المليون فلسطيني عن ديارهم ومدنهم وقراهم ووطنهم الأم عام 1948، وإدعاء “ملكية الأرض الفلسطينية” و”نفي وجود الشعب الفلسطيني من اصله” وفق شعار الصهيونية الكاذب “ارض بلا شعب، لشعب بلا ارض.” وساندتها القوى العالمية كلها الغربية والشرقية عندما اعترفت بالدولة النكبة، ولم ترتق لمستوى المسؤولية على الأقل لإقامة الدولة الفلسطينية وفق قرار التقسيم 181 الصادر في نوفمبر 1947، رغم انه قرار مجحف، ومتناقض مع التاريخ والموروث الحضاري والقانون الدولي والمعاهدات ذات الصلة بالدول وشعوبها، وبالحرب والسلام، مع ذلك قبل به الشعب الفلسطيني، وباقل منه ودون نتيجة.

وعليه فإن المستعمر الصهيوني هو اس البلاء، وهو اس الجريمة والحرب والموت ودفن السلام، وعليه بالتالي ليقبل الشعب العربي الفلسطيني التعامل مع من يريد منهم السلام، بعد فشلهم انكسار وتراجع مشروعهم الكولونيالي في فناء الشعب الفلسطيني، وبقاءه راسخا متجذرا في ارض وطنه الأم، وحيث امسى عدد الفلسطينيين بين النهر والبحر ما يزيد عن عدد الصهاينة الإستعماريين، اولا الإعتراف بالرواية الفلسطينية كاملة غير منقوصة، وليس التصالح بين الروايتين الفلسطينية والصهيونية. لإن هكذا مقولة سياسية فيها إستسلام وخضوع للمنطق الصهيوني، وهذا مرفوض جملة وتفصيلا؛ ثانيا الغاء كل قانون صهيوني عنصري ومعاد لإبناء الشعب العربي الفلسطيني، وخاصة ما يسمى بقانون “القومية” الصادر في 19 تموز / يوليو 2018؛ ثالثا القبول المبدئي بحق العودة للفلسطيني لإرض وطنه وتعويضه عن جريمة الطرد والتشريد له في منافي الشتات، والتعويض عن استغلال بيته ومؤسساته وارضه ومزرعته ومصنعه ومدارسه ومستشفياته ومبانيه العامة وسكة حديده .. إلخ، وإعادة نظر جلية وواضحة بقانون عودة الصهيوني إلى ارض فلسطين، لإنه يتناقض مع المنطق والعقل ورؤية السلام الواقعية. ولا اريد ان استخدم نهائيا مفهوم “اليهودي”، لإن الصهيونية تتنافى مع الديانة اليهودية، لا بل هي مغتصبة لها، وتستعملها لإغراضها الإستعمارية. قد يقول قائل، هذا شرط قاسي، وغير واقعي؟!، واقول هل الجريمة الصهيونية المدعومة من الغرب الإستعماري كانت “لطيفة” و”ناعمة” و”خالية” من المجازر والمذابح والطرد والتشريد والتطهير العرقي؟ رابعا وضع نص واضح وصريح في القانون والدستور الإعتراف بمساواة الفلسطيني بالصهيوني في الحقوق والواجبات دون ادنى تمييز، والغاء كل مناهج التربية والتعليم العنصرية، والغاء ثقافة النفي، وإعتبار اللغة العربية لغة اساسية؛ خامسا القبول بالسلام والتعايش وفق خيار الدولتين أو الدولة الواحدة، والغاء ما يسمى ب”الدولة اليهودية النقية” كليا، وليس فقط الغاء ما يسمى “قانون القومية”؛ سادسا الغاء الغاءا جذريا كل منطق الإستيطان الإستعماري، وتفكيك كل المستوطنات الإستعمارية، وإعادة نظر جذرية في هذا الخيار؛ سابعا التخلي الكامل عن الدور التاريخي الوظيفي للحركة الصهيونية كأداة استعمالية لرأس المال المالي الغربي … إلخ

عندئذ يمكن الحديث عن الإختراق الفلسطيني للمنظومة الفكرية الصهيونية ومنطقها العنصري الفاشي واالتدميري. دون ذلك سنبقى ندور في فلك الرؤية الصهيونية، ولن تقبل القوى الصهيونية القسمة على اي مشروع سلام مهما كان متواضعا، لإنهم جميعا يعتبرون مجرد الموافقة على السلام يعني بداية العد العكسي للدولة المارقة والخارجة على القانون. لذا علينا التعامل بمسؤولية مع حقوق ومصالح الشعب الوطنية والقومية والإنسانية. نريد السلام، ولكن ليس باي ثمن. انما بالثمن الذي يعيد للشعب الاعتبار والمكانة التاريخية، ويصون الهوية الوطنية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى