أقلام وأراء

عمر حلمي الغول يكتب افتحوا القنصلية لوقف التحريض

عمر حلمي الغول
االرئيس جو بايدن أعلن خلال حملته الانتخابية الرئاسية، وبعد فوزه في تولي مقاليد الأمور في الولايات المتحدة عن جملة من التوجهات السياسية والديبلوماسية الإيجابية لترميم وإعادة العلاقة مع القيادة الشرعية الفلسطينية، منها على سبيل المثال لا الحصر فتح القنصلية الأميركية في القدس العاصمة الفلسطينية الابدية، بعد ان اغلقتها إدارة الرئيس الأميركي السابق، ترامب في الرابع من مارس 2019 تماشيا مع صفقة القرن المشؤومة. ومازالت القنصلية حتى الان تنتظر الحارس الأميركي ليعيد فتح أبوابها.

لا سيما وانها موجودة ومفتوحة في فلسطين التاريخية منذ العام 1844، أي قبل وجود إسرائيل ب104 أعوام بالتمام والكمال، وبقيت تعمل في الأراضي الفلسطيني لحين الإعلان عن صفقة العار والجريمة الترامبية، بتعبير آخر لم تغلق طيلة عقود الاستعمار الإسرائيلية السابقة منذ ما يزيد على 55 عاما. رغم وجود سفارة أميركية في تل ابيب، ورغم ان الكونغرس الأميركي شرع واصدر في العام 1995 قانونا يعترف بالقدس “عاصمة لدولة الاستعمار الإسرائيلية”، وهو إقرار أميركي ب”ضم القدس” الشرقية لإسرائيل المارقة. بيد ان الرؤساء الاميركيين منذ ذلك التاريخ، أي قبل ربع قرن لم ينفذوا قرار الكونغرس، واستمروا في تمديد فتح القنصلية كل ستة اشهر.

لكن إدارة الافنجليكاني العنصري ترامب قلبت معايير النواظم المنتهجة للادارات الأميركية السابقة، التي تولت مهامها بعد ابرام اتفاقية أوسلو بين قيادة منظمة التحرير والحكومة الإسرائيلية في العام 1993 تجاه مسألة ضم القدس ووجود القنصلية في زهرة المدائن، الا ان إدارة الديمقراطي بايدن تبنت توجها لإعادة النواظم السابقة مجددا، رغم كل ما تقدم. لانها تعتبر القدس الشرقية جزءً من الأراضي المحتلة في الخامس من حزيران عام 1967، وترفض حسب البيانات والمواقف الصادرة عن الناطقين باسمها أي انتهاكات أحادية الجانب في الأراضي المستعمرة منذ ما يزيد عن 55 عاما.

وردا على مواقف إدارة الرئيس بايدن شنت حكومة إسرائيل المارقة السابقة بقيادة نتنياهو، والحالية بقيادة بينت/ لبيد حملة مسعورة عليها للحؤول دون فتح القنصلية، حتى ان بعض المصادر الإعلامية الإسرائيلية عممت اخبارا كاذبة ومزورة باسم الرئاسة الأميركية عن دمج القنصلية بالسفارة الأميركية التي نقلت للعاصمة الفلسطينية في 15 أيار / مايو 2018.

كما ان نواب الحزب الجمهوري ارسلوا رسالة للرئيس بايدن يوم الثلاثاء الماضي الموافق الثاني من نوفمبر الحالي (لاحظوا تاريخ ارسال الرسالة في ذكرى وعد بلفور المشؤوم) طالبوه فيها عدم فتح القنصلية، وحسب ما نشر موقع “ميدل ايست” الأميركي، وقع 200 نائب جمهوري على رسالة يعارضون فيها خطط الرئيس بايدن لاعادة فتح القنصلية.

وجاء في الرسالة، التي اشرف عليها عضو الكونغرس لي زلدن، ان ” إعادة فتح القنصلية سيكون غير متسق مع القانون الأميركي، الذي يعترف بالقدس عاصمة موحدة لإسرائيل.” وتاتي الرسالة بعد ثلاثة أيام من تبني 35 عضوا جمهوريا في مجلس الشيوخ تشريعات تسعى إلى منع الولايات المتحدة من إعادة فتح القنصلية، مرتكزين في ذلك على قانون سفارة القدس لعام 1995. وتجاهلوا ان القانون قام على الباطل، وتناقض مع تاريخ فتح القنصلية في النصف الأول من القرن التاسع عشر، وأيضا يصطدم بالرعاية الأميركية لعملية السلام، وتأكيدها المتواصل على تمسكها بخيار حل الدولتين. كما ان القانون نفسه لا يتضمن او يحتوي على أي نص يحول دون وجود هيئتين دبلوماسيتين في القدس العاصمة الفلسطينية.

ورغم ان الرسالة التي وقع عليها 200 نائب، هم اغلب نواب الحزب الجمهوري، باستثناء 12 نائبا رفضوا التوقيع، اتسمت بالحريض الواضح، والضغط المباشر على الادارة الديمقراطية، الا ان سيد البيت الأبيض وفريقه مازالوا حتى اللحظة يؤكدون تمسكهم بفتح القنصلية، وحددوا الشهر الحالي تشرين ثاني / نوفمبر موعدا لفتحها. بيد ان الغيوم الديمقراطية حتى الان لم تحمل امطارا، ومازالت تراوح الإدارة في ذات المكان، مما يفتح شهية حكومة إسرائيل المارقة وأعضاء الحزب الجمهوري ليمارسوا الضغوط عليها للحؤول دون فتح القنصلية.

مع ذلك يفترض فتح قوس الامل في ان تخرج إدارة الرئيس بايدن من حالة التلكؤ. لا سيما وان حكومة بينت / لبيد تمكنت من تمرير الميزانية في الكنيست، ولم تسقط، وبالتالي ذريعة حماية الحكومة من السقوط، وعدم عودة نتنياهو لم تعد واردة، وهو ما يتطلب فتح القنصلية لتأكيد مصداقيتها وتوجهاتها السياسية. ليس هذا فحسب، وانما مطلوب منها فتح كل الأبواب المغلقة امام الشعب الفلسطيني وقيادته الشرعية لتجسير حقيقي للعلاقات الثنائية، والدفع بعربة عملية السلام للامام من خلال تهيئة المناخ لعقد المؤتمر الدولي تحت رعاية الرباعية الدولية زائد من يرغب من الدول الشقيقة والصديقة.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى