أقلام وأراء

عمر حلمي الغول يكتب – ادعموا بروفة الشراكة

عمر حلمي الغول  – 14/1/2021

من تابع الحراك السياسي والحزبي الصهيوني في دولة الأبارتهايد الإسرائيلية عشية الانتخابات البرلمانية القادمة، لاحظ ان هناك اندفاعا من قبل الأحزاب الصهيونية المختلفة نحو الصوت الفلسطيني بهدف استقطابه من خلال تطعيم قوائمها بأحد النخب من ابناء الجليل والمثلث والنقب والمدن المختلطة بمن في ذلك رجل الفساد وأكبر محرض على الجماهير الفلسطينية وحقوقها السياسية والقانونية والاجتماعية والثقافية، بنيامين نتنياهو، الذي دفع بالتأصيل للعنصرية الصهيونية المتوحشة مع إقرار الكنيست في 19 تموز/ يوليو 2018 لـ “قانون القومية الأساس للدولة اليهودية”. وكما يعلم الجميع ان مشاركة بعض الفلسطينيين في قوائم الأحزاب الصهيونية بدءا من حزب العمل والليكود وصولا لاحزاب الحريديم وما بينهما ليست جديدة، لكنها في هذه الدورة الـ 24 مختلفة ومتميزة من حيث الاندفاع المضاعف، وذلك لتحقيق أكثر من هدف، منها: اولا- استقطاب أصوات فلسطينية لصالح قوائمها. ثانيا- استهداف للقائمة المشتركة المتضعضة، التي على ما يبدو انها تتجه نحو التفكك نتاج الاستقطاب الحاد بين مكوناتها، وبسبب السياسات الخاطئة من قبل ممثلي الحركة الإسلامية، وبالأساس عدم وجود ناظم سياسي واجتماعي وثقافي وتنظيمي واضح وحقيقي بين القوى الأربع، والعمل على إزهاق روحها بالهجوم الصهيوني غير المسبوق، ووراثة مكانها في الشارع الفلسطيني. ثالثا- نتاج إدراك القوى الصهيونية كافة، ان الصوت الفلسطيني العربي رقم اساسي في المعادلة الداخلية، لا يمكن تجاوزه، او القفز عنه، ليس هذا فحسب، بل صوت مقرر في المشهد السياسي الإسرائيلي، ارتأت من خلال الهجوم المنظم باتجاه الجماهير الفلسطينية في الـ48 العمل على تبهيت صورة التناقضات القومية، والسعي لطمسها عبر رشوة بعض النخب المتساوقة معها، التي غلبت الحسابات النفعية الضيقة والذاتية على المصالح العامة. رابعا- قطع الطريق على المحاولات الجادة لبناء حزب إسرائيلي فلسطيني لا يمت بصلة للحركة الصهيونية، ويؤمن بالديمقراطية الحقيقية والمساواة الكاملة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ويتبنى خيار السلام الممكن والمقبول بما يكفل الاستقلال الناجز للدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران عام 1967 والقدس الشرقية عاصمة لها…إلخ.

من المؤكد أن هناك فرقا شاسعا بين القوى والكتل الصهيونية باتجاهاتها المختلفة، وبين القوى الرافضة للحركة الصهيونية ومشروعها الكولونيالي الاستعماري، فالأولى كما اشرت، تستهدف الصوت الفلسطيني لترويضه واستعماله ضد مصالح الشعب العربي الفلسطيني، وحتى ضد حقوقه السياسية والمطلبية والقانونية والثقافية، وحقه في الكرامة والمساواة والعدالة الاجتماعية، وبالضرورة ضد السلام والتعايش والتسامح. وبالتالي كل من يتعامى عن هذه الحقيقة، هو اسير نزعته الانتهازية الرخيصة، وهو لا يرى أبعد من ارنبة انفه في قراءة معادلة الصراع. وهذا لا يعني رفض الشراكة الفلسطينية الإسرائيلية، لا العكس صحيح، فهي عامل مهم لفضح وتعرية القوى والكتل والأحزاب الصهيونية من اقصاها إلى اقصاها، وهي القادرة على حمل هموم ومصالح الجماهير كلها، والتعبير عنهم، وهي المؤهلة للدفاع عن القانون والديمقراطية، مع ان هناك ثابتا لا يجوز ان يغيب عن البال لحظة، وهو ان مجتمعا قام على التزوير والكراهية والعنصرية واغتصاب حقوق ومصالح شعب آخر، لا يمكن ان يكون ديمقراطيا شاء من شاء وأبى من ابى. ولأن القوى الديمقراطية الباحثة عن آفاق للخروج من نفق العنصرية، اولا- لا تملك القوة المؤثرة. ثانيا- كون الغلبة للممسك بالقرار، وهم اتباع الصهيونية الرجعية المعادية للسلام والمساواة والديمقراطية. ثالثا- لأن الدولة الصهيونية قامت بالأساس، ومازالت كدولة ذات دور وظيفي استعمالي لصالح صاحب المشروع الأصلاني، اي الرأسمال الغربي عموما والأميركي خصوصا، وبالتالي غير مسموح فيها للتحولات الاجتماعية والسياسية، وإخضاع المضللين وعبيد الصهيونية بالرشوة الأميركية والغربية، ونهب خيرات وثروات الشعب العربي الفلسطيني، ولأنها مكون غير طبيعي، ومجتمع مصطنع لا يرقى للتماثل مع المجتمعات البشرية الطبيعية وفقا للقوانين الاجتماعية.

مع ذلك تملي الضرورة العمل على خلق ركائز شراكة فلسطينية إسرائيلية على اسس صلبة وديمقراطية حقيقية، وتوسيع دائرة حضورها، والتجديف في معاكسة التيار الصهيوني الاستعماري، والعمل بكل الوسائل للدفاع عن مصالح وحقوق الناس جميعا دون تمييز عرقي او جنسي او ديني أو اثني. لأن هذه البروفة في الشراكة الديمقراطية تمثل حلما واملا للمظلومين والمسحوقين، وبالتالي على القوى صاحبة المصلحة الحقيقية في التغيير دعم هذه التجربة، ورفدها بكل الطاقات، لانها الشراكة المرغوبة والمتمناة، وهي لا تشكل تهديدا للقائمة المشتركة إن بقيت، بل رديفا لها، وداعما لخيارها السياسي والقانوني والثقافي والمجتمعي.

oalghoul@gmail.com

1

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى