أقلام وأراء

عمر حلمي الغول يكتب آفاق المواجهات بالقدس

عمر حلمي الغول – 25/4/2021

تواصلت مجددا ليلة الجمعة السبت المواجهات بين أبناء القدس العاصمة الأبدية، وأجهزة الاحتلال الإسرائيلي وقطعان المستعمرين، في حي سلوان والشيخ جراح وفي باب العامود وحول بوابات وداخل حرم المسجد الأقصى. كما خرجت عشرات التظاهرات المؤيدة والداعمة لأبطال المدينة المقدسة في يافا وأم الفحم وفي محافظات الجنوب وفي العديد من المدن والبلدات الفلسطينية، كما قامت بعض أذرع المقاومة بإطلاق رشقات من القذائف باتجاه المستعمرات المحاذية للحدود مع قطاع غزة. وبالمقابل عقدت القيادة العسكرية الإسرائيلية برئاسة رئيس الوزراء، نتنياهو أمس اجتماعا مطولا لبحث التداعيات الناجمة عن المواجهات، ولم تتخذ قرارات واضحة للجم زعران وقطاع الطرق الفاشيين من عصابة إيتمار بن غفير وسموتيريتش ومن لف لفهم.

ووفق ما يتضح من المشهد في زهرة المدائن، فإن المواجهات لن تقف عند حدود ما حصل حتى الآن. لا سيما أن قوى الفاشية الصهيونية وأضرابها العنصريين ومعهم أجهزة دولة المشروع الصهيوني سيواصلون جرائم حربهم ضد المقدسيين وأحيائهم وممتلكاتهم وأماكن عبادتهم، وبطشهم واعتقالهم والعمل على إذلالهم، وهو ما يعني صب الزيت على النار المتقدة في الشارع الفلسطيني، وستضاعف من السخط والغليان الشعبي للرد على كل موبقات الارهاب المنظم لدولة الاحتلال الاسرائيلية ضد القدس وحماتها من أبناء الشعب، والذي سيؤدي بالضرورة لمرحلة هبة شعبية واسعة ومفتوحة الأفق لبلوغ الانتفاضة.

ولعل من شاهد حالة الغضب والعنفوان الشعبي الفلسطيني في كل الأحياء، لاحظ بأم عينه، كيف خرجت الجماهير المقدسية من كل زقاق وشارع كما شلال متدفق إلى ساحات المواجهة، حتى أن بعض المقدسيين، أخبروني، بأنهم لم يروا كهذا السيل الجارف من أبناء الشعب للدفاع عن الذات في مواجهة القتلة جماعة إيتمار بن غفير وسموتيريتش وعصابتهم “لاهافا” وأجهزة الأمن الصهيونية في المحطات الكفاحية السابقة. وبالتالي القراءة الموضوعية تشي ببلوغ السيل الزبى في أوساط أبناء الشعب، ليس في القدس فحسب، إنما في كل أراضي الدولة الفلسطينية المحتلة في الخامس من حزيران عام 1967، وحتى في الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة نتاج جرائم الحرب والعنصرية الصهيونية المنفلتة من عقالها.

وفي حال بقي العالم وأقطابه الدولية ومنظماته الأممية واقفا منتظرا تراجع وانكفاء قيادة الحكومة الاسرائيلية وعصاباتها الفاشية عن غيها وجرائمها وعربداتها وانتهاكاتها الخطيرة، فهو مخطئ، ولا يرى أبعد من أرنبة أنفه، لأنهم باتوا أكثر توحشا وتغولا واندفاعا في تعميق عملية التطهير العرقية ضد أبناء الشعب الفلسطيني في فلسطين التاريخية من البحر إلى النهر، بعد تماهي إدارة ترامب المتصهينة مع المشروع الصهيوني بالكامل، وعدم اتخاذ الإدارة الأميركية الجديدة خطوات رادعة ضد السياسات والانتهاكات الصهيونية، وهذا ما عبرت عنه بيانات الخارجية الأميركية وسفارتها في إسرائيل، حيث جاءت لغتها باهتة ومتلعثمة وساوت بين الجلاد والضحية. كما أن الأقطاب الدولية الأخرى ما زالت تراوح في ذات الخندق، وهو الاكتفاء بإصدار البيانات السياسية فاقدة الرصيد الفعلي. وهذا ما لن يسمح لهم به أبناء الشعب من مختلف المشارب والتوجهات الفكرية والسياسية والطبقية الاجتماعية، وستعمل كل القوى والقطاعات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية ومن مختلف الأديان والمذاهب للدفاع عن الذات والوطن والمشروع الوطني، وعن حرمة المقدسات الإسلامية والمسيحية خاصة المسجد الأقصى المبارك، أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.

على العالم عموما وإدارة الرئيس جو بايدن خصوصا مسؤولية أولى إن أرادوا ضبط إيقاع الخط البياني الصاعد لولوج مرحلة الانتفاضة الشعبية العمل على: إلزام اسرائيل بوقف قطعان مستعمريها ومنظماتها الصهيونية القائمة على تزوير الوثائق لسرقة ونهب العقارات، وطرد أبناء الشعب في أحياء سلوان وحلوة والجوز والشيخ جراح إلى قارعة الطريق بذرائع وحجج واهية، عن مواصلة لعبة الدم القاتلة؛ وكذلك وقف كل السياسات والانتهاكات والضم والتهويد والمصادرة وإعلان العطاءات في المستعمرات الصهيونية المختلفة من قبل حكومة نتنياهو الفاسد وغيرها؛ الى جانب ضرورة تأمين الحماية الدولية لأبناء الشعب  الفلسطيني في القدس العاصمة أولا، والسماح لهم بالإدلاء بأصواتهم في الانتخابات القادمة، وفي كل أراضي دولة فلسطين المحتلة عام 1967، ورفع الحصار الكامل عن قطاع غزة جوا وبرا وبحرا؛ واخيرا ضرورة تهيئة المناخ لعقد مؤتمر دولي ذي صفات ومزايا نافذة لتطبيق خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967 وفق رزنامة زمنية محددة، ودون مماطلة أو تسويف.

دون ذلك الوضع في فلسطين المحتلة يتجه بتفاعل العوامل الذاتية والموضوعية لفتح أبواب السماء نحو هبة شعبية سترتقي لانتفاضة موازية لانتفاضة 1987/ 1993، لأن الشعب فقد الثقة بالقوى الدولية ودورها المراوح في ذات المكان. وبالتالي مفتاح إعادة الأمل للشعب  الفلسطيني ولأنصار السلام في إسرائيل والمنطقة والعالم في أيدي الأقطاب الدولية والأمم المتحدة، وليس في يد أحد آخر، ارتقوا لمستوى بناء جسور السلام الممكن والعادل والمقبول، ستنجحون، وإن لم تفعلوا عليكم تحمل المسؤولية كاملة عما سيحدث من تطورات قد لا تحمد عقباها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى