أقلام وأراء

عمر حلمي الغول‏ يكتب – مؤشرات مثيرة في الإنتخابات

عمر حلمي الغول‏ – 4/11/2020

الإنتخابات الرئاسية الأميركية الجارية نهار امس الثلاثاء الموافق الثالث من نوفمبر 2020، والتي تعتبر ذروة العملية الإنتخابية الأكثر إثارة في التاريخ الأميركي، على الأقل خلال القرن الأخير، والتي لن تنتهي بإنتهاء التصويت وفق كل المؤشرات، ليس من زاوية ما قد تحملة عملية الإستقطاب والتجاذابات غير المسبوقة بين انصار الحزبين والمرشحين الرئيسيين الجمهوري والديمقراطي، ولكن مما قد يحدث خلالها من تطورات دراماتيكية عاصفة تهدد العملية الديمقراطية برمتها. لاسيما واني اكتب بتوقيتنا مساء الثلاثاء، الذي يتوافق مع الثانية عشر ظهرا بتوقيت اميركا تقريبا.

انتخابات الرئيس رقم 46 للولايات المتحدة في ضوء ما حملته من أحداث وتطورات داخلية عاصفة، وما قد تحمله الساعات القادمة تجعل المرء يكتم انفاسه تحسبا لكل السيناريوهات والفرضيات المتوقعة من داخل الصندوق، وغير المتوقعة من خارجه. لإن حجم التنافر والتناحر بين فريقي المرشحين والحزبين بلغ حدا غير مسبوق، ولم تشهده الحملات الإنتخابية الأكثر إثارة خلال القرن الأخير.

ومن ابرز المؤشرات الملفتة للإهتمام، اولا صوت بالضبط ما يزيد عن 99 مليونا من الأميركيين بشكل فردي وعبر التصويت الأليكتروني، وقبل يوم الأنتخابات الرسمي، اي قبل امس الثلاثاء. وهي سابقة في تاريخ الإنتخابات الرئاسية الأميركية؛ ثانيا حسب معطيات ومعلومات المصادر الأميركية الرسمية متاجر الأسلحة والذخيرة باتت فارغة، لتهافت الأميركون على شراء الأسلحة والذخيرة خشية من وقوع الحرب الأهلية؛ ثالثا كذلك السوبر ماركات ومحلات الأغذية والأطعمة الجاهزة ايضا امست فارغة، لإندفاع المواطنين لتخزينها لذات الإعتبار؛ رابعا حدوث اشتباكات بين انصار الحزبين والمرشحين بالسلاح الأبيض في العديد من المدن، منها نيويورك على سبيل المثال لا الحصر؛ خامسا أعلن الرئيس الجمهوري ترامب بشكل واضح وحاسم امس، ان لديه القناعة بأنه الفائز، مما زاد من الخشية في اوساط الدوائر الديمقراطية وداخل اروقة الدولة العميقة أن يعلن المرشح ترامب فوزه دون إنتظار النتائج النهائية، وهذا استئثار بالسلطة، وخروج عن السياق الديمقراطي، او بتعبير أخر ضرب للعملية الديمقراطية؛ سادسا قامت بعض الولايات بفرز الأصوات فيها، وقبل إنتهاء عملية الإنتخابات، الامر الذي يسمح لترامب وفريقه إستعمال هذة الذريعة للذهاب للقضاء في حال هزم في الإنتخابات، وهو ما يعني التهرب من تسليم السلطة بالذريعة التي أعلن عنها اكثر من مرة في تصريحات متوالية، عندما شكك سلفا بنزاهة الإنتخابات عبر البريد الأليكتروني والتصويت الحر؛ سادسا حذر مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي ” إف بي آي” امس الثلاثاء من إحتمال اندلاع مواجهات في العديد من المدن والولايات، ومنها مدينة بورتلاند في ولاية اوريغون، التي تقع شمال غرب البلاد، والتي شكلت نموذجا للإستقطاب الحاد بين الحزبين، وفقا لوكالة “فرانس برس.” سابعا إنتشار عصابات البيض العنصرية امام مراكز الإقتراع في اكثر من مدينة وولاية، وتهديدهم للمقترعين بالويل وعظائم الأمور ان لم يصوتوا لصالح المرشح الجمهوري؛ ثامنا دعوة عدد من اقطاب الحزب الجمهوري مثل جون بولتون، مستشار الأمن القومي السابق بضرورة إعلان اقطاب الحزب بان ترامب لا يمثلهم، لإنه يشكل تهديدا للحزب ومستقبله، وهو ما يضع علامة سؤال كبيرة على مستقبل الحزب…. إلخ

وهنك ظواهر في المدن والولايات المختلفة تشي بأن الولايات المتحدة، التي نعرفها تموج بالتحولات الدراماتيكية حتى لو نجح ترامب نفسه. اميركا لم تعد اميركا، وهي في طريقها لإنبلاج مرحلة جديدة، ونظاما سياسيا مختلفا، او يمكن الإستشراف بامكانية تفكك الولايات المتحدة، وهذا السيناريو بات من السيناريوهات المحتملة جدا كنتاج لما يرتكبه الرئيس الجمهوري.

وكاستنتاج ووفقا ايضا لتصريحات ترامب نفسه، وعدد كبير من المراقبين، قد لا تظهر النتائج النهائية فجر اليوم الأربعاء بتوقيتنا، وسيستغرق الأمر وقتا من الزمن، وهو ما سيسمح لساكن البيت الأبيض مواصلة سياسة العبث والفوضى خدمة لإغراضه الشخصية، وحتى يحافظ على كرسي الحكم.

لا املك إلا ان اتمنى للسلامة للشعب الأميركي، والخروج من الأزمة الراهنة بأقل الخسائر. رغم ان التطورات السياسية لا تحتمل لغة التمنيات والدعوات الإبتهالية. مع ذلك ومن الموقع الإنساني يكون التمني مشروعا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى